تترقب الدوائر السياسية في لبنان، تطورات ساخنة باتجاه “حلحلة” أزمة التوافق على المرشح الرئاسي، بعد أن تخلى النائب اللبناني، طوني سليمان فرنجية، زعيم تيار المردة، عن “هدوئه وتحفظه الدبلوماسي” وإعلان ترشحه للمنصب الرئاسي الشاغر منذ أكثر من 18 شهرا ، منتقدا ولأول مرة، وبصورة مفاجئة وغير متوقعة، موقف المنافس المسيحي العماد ميشال عون، زعيم التيار الوطني الحر، واتهمه بشكل غير مباشر بتعطيل وعرقلة الاستحقاق الرئاسي.
وكشف “فرنجية” عن بدء مرحلة المنافسة “الساخنة” بعرض مواقف “عون” المتناقضة، حسب وصفه، والتي تفتقد لأي مبررات، بينها موقفه السلبي من تبني زعيم تيار الاستقلال سعد الحريري لترشيح فرنجية، رغم الحوارات والتفاهمات التي أجراها سابقا “عون” مع “الحريري” من دون أن يطلع حلفاؤه عليها مسبقا أو على تفاصيلها.
ووصف السياسي اللبناني سعد طعيمة، تصريحات فرنجية بأنها حرب على حالة الفراغ الرئاسي والسياسي التي يعاني منه لبنان، بعد أن قرر كشف أوراق منافسه ميشال عون، والتي تتعارض تماما مع رغبة اللبنانيين في وضع حدا للفراغ الرئاسي، والرغبة في التوافق حول مرشح لمنصب الرئيس، واعترف “فرنجية” صراحة بعلاقاته الأسرية مع الرئيس السوري بشار الأسد، وأن بشار الأسد صديقه، وعلاقته به لا يلزم أحدا بها ولا يسمح أن يتدخل أحد بها، وإذا كان حليفه سعد الحريري ضد نظام الأسد، فإن لديه خيارا استراتيجيا، كما لسعد الحريري خياراته الاستراتيجية، لكن لا يستطيع النظام السوري التأثير على الوضع الداخلي اللبناني، وفي حال طلب الأسد أي عمل يتعارض مع مصالح لبنان فلا يمكن أن يوافق عليه.
وأوضح طعيمة لـ”الغد العربي” أن فرنجية لم يكن صريحا بهذا القدر، وكأنه أراد وضع حدا للتردد و”المهادنة”، وهو يرى الواقع يتردى إلى دوامة التعقيدات مرة أخرى، ولابد من اختيار من يشغل مقعد الرئاسة الشاغر ودون تأجيل ،وبعد أن وصف لقاءه مع العماد عون الخميس الماضي، بأنه لقاء بلا جدوى بسبب تمسكه بترشيح نفسه.
النقاط التي طرحها سياسيون لبنانيون وتشير إلى التطورات الساخنة المقبلة، ترتكز أولا على تحديد موقف فرنجية بترشحه النهائي لرئاسة الجمهورية اللبنانية، وأنه فقد الثقة في إمكانية التفاهم مع “عون” أو تنازله عن الترشح بالتوافق مع القوى المسيحية الأربعة الكبرى والمؤثرة في المشهد اللبناني، وأن النائب فرنجية، اعترف صراحة بالاتفاق مع سعد الحريري على تقاسم للسلطة يشغل بمقتضاه الرئاسة ويتولى الحريري رئاسة الوزراء، ورغم أن هذا الاتفاق لم يعلن عنه رسميا قبل ذلك. إلا أن من شأن ذلك الترتيب أن يحيي مؤسسات الحكومة التي تعثرت بسبب خصومات سياسية أبرزتها الحرب في سوريا.
وفي المقابل بدأ العماد ميشال عون يشن حملة مضادة على “فرنجيه” وعلى سعد الحريري بوصفه “السياسي السلبي”، كما أن القوى المساندة لكل طرف بدأت تلوح بمواقفها، وبينما أعربت السعودية التي تدعم الحريري عن تأييدها لفرنجية، قالت إيران إنها تأمل في أن ينتخب لبنان رئيسا قريبا، وبقي موقف حزب الله “شبه محايد” نظرا لتقاربه مع كل من فرنجية وعون، وتميل الكفة أكثر باتجاه عون، ولايزال حزب الله يراهن على مواقف القوى المسيحية الأربعة لحفظ ماء الوجه تجاه الحليف السابق ميشال عون.
ويرى مركز بيروت للدراسات السياسية، في تقرير نشره اليوم السبت، أن مهلة المشاورات والمفاوضات بين المرشحين الرئيسيين المتنافسين، والتدخلات من قبل القوى السياسية ومركز القيادة المسيحي في “بكركي” تجمدت بعد أن كشف “فرنجية” الأوراق، ولم يعد أمام المتنافسين المسيحيين سوى المواجهة عبر جلسة التصويت في مجلس النواب لصالح أيهما، وإن كان فرنجية هو صاحب الحظ الأوفر للفوز، بعد أن طرح صراحة مواقفه تجاه أكثر من مسالة من بينها المشاورات التي دارت بينه وبين الحريري حول التركيبة الحكومية المقبلة في حال وصل إلى الرئاسة وتولى الحريري تشكيل الحكومة، والتزامه بأي اتفاق للتسوية حول مسألة إعادة النظر في صلاحيات رئيس الجمهورية، مؤكد أنه لا يريد سلب صلاحيات السنة في رئاسة الحكومة التي جاءت في اتفاق الطائف، وأن ما يرغب به هو إصلاح صلاحيات رئيس الجمهورية، و أي تعديل في اتفاق الطائف يجب أن يتم بالتفاهم بين السنة والمسيحيين.
