إذا كانت «مسيرة العودة الكبرى» قد سجلت تطورا نوعيا في المقاومة الشعبية الفلسطينية، وفي ابتكار«الأسلحة الشعبية».. فهي أيضا سجلت فشلا إسرائيليا أمام المجتمع الدولي، وانتصارا فلسطينيا لشرعية حق العودة، وتصدّر القضية الفلسطينية الاهتمام العالمي، بعد سنوات من التراجع، الأمر الذي وصفته وسائل الإعلام العبرية، بالانتصار الفلسطيني في المعركة الإعلامية التي كانت موازية لمسيرات العودة الكبرى التي انطلقت في قطاع غزة في الثلاثين من شهر مارس / آذار الماضي، بالتزامن عن قصد مع ذكرى يوم الأرض، ثم التواصل مع ذكرى النكبة العربية الكبرى في الخامس عشر من مايو/ آيار الماضي، ولا تزال فعاليات مسيرة العودة متواصلة، في صورة انتفاضة فلسطينية سلمية، تتحدى العنف الدموي من سلطات الاحتلال، وتتمسك بحقوق الشرعية الدولية والقانونية في «العودة» إلى الوطن المغتصب في العام 1948
وتتحدث الدوائر السياسية والإعلامية الإسرائيلية، عن «إخفاقات إعلامية ودعائية للحكومة والجيش في مواجهة الفلسطينيين».
- حقائق فشل دولة الاحتلال، عبر عنها خبير في شؤون الإعلام والدعاية، الكاتب الإسرائيلي إيتمار تسور، في مقال على الموقع الالكتروني للقناة السابعة التابعة للمستوطنين، استعرض فيه أسباب الفشل والاخفاق أمام الرأي العام العالمي… وقال: إن «إسرائيل تواصل الفشل والخسارة في إقناع العالم بروايتها خلال كل مواجهة أمام الفلسطينيين، ما يتسبب أن تخسر كرامتها واحترامها لذاتها أمام الاتهامات والانتقادات الدولية لسياستها تجاه الفلسطينيين، وآخرها مع المسيرات والتظاهرات على حدود قطاع غزة ».. وتساءل الخبير الإعلامي: «لماذا بتنا ندمن الخسارة والفشل في هذه الزاوية المهمة من الصراع مع الفلسطينيين، وقد تمثلت آخر فصول هذا الفشل بحالة الحداد التي أعلنها العالم كله على «القتلى» الفلسطينيين في غزة الذين احتجوا على نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وعدم تحقيق حق العودة؟».
وأضاف تسور، إنه «بات مفهوما لدى كل صاحب عقل أن إسرائيل فشلت في أدائها الإعلامي الأخير أمام مظاهرات غزة، لأنها لم تعد تفهم أنه في القرن الحادي والعشرين لم يعد الأمر فقط حملة دعائية، وإنما هو حرب على الوعي، وما زالت إسرائيل تواصل تلقي الخسارة».
- سياسيون وإعلاميون إسرائيليون، رحلوا فشل وهزيمة دولة الاحتلال إعلاميا، إلى وزارة الخارجية، المتهمة بالتقصير في هذا الفشل الإعلامي، لأنها «لم تشر إلى التمييز الحاصل ضد إسرائيل حول العالم، وفي الحرب على الوعي تصاب الخارجية بانتكاسات وإخفاقات».. بينما يؤكد الخبير العسكري الإسرائيلي، عاموس هارئيل، أن « المظاهرات الفلسطينية نجحت في تحقيق إنجاز جديد، بجانب وضع معاناة قطاع غزة على أجندة صانع القرار الدولي، وهو الإنجاز الإعلامي والدعائي، ما سيشجع استمرار هذه التظاهرات في أيام الجمع المقبلة، على أن تصل ذروتها مجددا في الخامس من يونيو/ حزيران لإحياء ذكرى النكسة التي وقعت عام 1967».
- فشل دولة الاحتلال، أمام مسيرات العودة الكبرى، دفع السفير الأمريكي في تل أبيب، ديفيد فريدمان، لإتهام وسائل الإعلام الدولية بالإنحياز لصالح الفلسطينيين.. وقال السفير الأمريكي لصحيفة «إسرائيل اليوم»، إن «الصحافة العالمية منحت الفلسطينيين غطاء واضحا خلال تغطيتها للمسيرات الأخيرة، وأن وسائل الإعلام الليبرالية حول العالم أرادت فعلا إعلان فشل الرئيس ترامب في خطوة نقل السفارة، ولذلك عمدت إلى تقسيم شاشات التلفزيون إلى قسمين، واحد يبث نقل السفارة، وآخر يغطي مظاهرات غزة، بحيث يظهر رابط بين الحدثين أمام الرأي العام العالمي، رغم أن هناك مئة كيلومتر تفصل بين المكانين».
الجدل داخل دولة الاحتلال، يدور حول أسباب الفشل الإسرائيلي، وأسباب الانتصار الفلسطيني إعلاميا، حيث استطاع اللاجئون الفلسطينيون لفت أنظار العالم والاستحواذ على اهتمام الرأي العام العالمي بهذه المسيرات التي ظلت شعبية غير مسيسة، والأهم من ذلك أنهم استطاعوا إعادة التعريف بقضيتهم، حيث يطالب اللاجئون بتنفيذ القرار 194 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة والذي يأمر إسرائيل بالسماح لهم بالعودة إلى منازلهم التي تم السطو عليها في العام 1948 وطردهم منها بالقوة.
