فشل محاولة «كسر المعادلة الأردنية».. الأسباب والدوافع والدروس المستفادة

تتفق الدوائر السياسية في العاصمة الأردنية «عمان» أن المملكة الأردنية الهاشمية، تواجه نحديات وضغوطا خارجية تستهدف «كسر المعادلة الأردنية»، وهي تجارب مرت بها القيادة السياسية على امتداد تاريخ المملكة، وجاءت أحداث محافطة «معان» ـ 215 كم جنوبي العاصمة ـ لتكشف استغلال تلك الأطراف للظروف الاقتصادية الصعبة التي يواجهها المواطنون كما يعاني منها العالم بأسره.

القبيلة تمنح الحكومة أسبوعا!!

وكانت مديرية الأمن العام قد نعت اليوم الإثنين، استشهاد ثلاثة من رجال الأمن وإصابة خمسة آخرين خلال مداهمة مشتبه به (من حملة الفكر التكفيري)، في حادثة استشهاد العميد الدكتور عبد الرزاق الدلابيح، مما تخشى معه السلطات الأردنية من انفجار صراع قبلي ، حيث ينتسب العميد الدلابيح ٌلأكبر قبيلة أردنية بني حسن، والتي أصدرت بيانا، مساء أمس الأحد، منحت خلاله الأجهزة الأمنية مهلة أسبوعا إضافية لإلقاء القبض على الجاني.

«قوى سلفية» تلعب على وتر الظروف الاقتصادية الصعبة

أحداث «معان» فجرت تساؤلات عن الأسباب والدوافع.. ويرى الكاتب والمحلل السياسي، أسامة الرنتيسي، مؤسس ورئيس تحرير «الأول نيوز»، أنه منذ عشرات السنين، ومحافظات الجنوب، ومعان تحديدا، تشكو من اهمال رسمي، وغياب خطط التنمية، واستراتيجيات تحسين اوضاع سكانها، لكن التطبيق العملي لم ينعكس على احوال المعانيين، فبقيت محافظة فقيرة، تستطيع أي قوى سلفية أن تأخذ حصتها من أهل معان، لهذا تغلل التيار السلفي في المدينة، واصبح يفرض خطابه وأفكاره على حياة المدينة.

  • و الأزمة في معان، بحسب تقديرات الرنتيسي، ليست بنت أمس، بل يتم التحذير منها منذ أسابيع، وما يحدث في معان يدعو للقلق، فاذا كانت الحكومة وبالسر عملت على تسوية الاحداث بطرق سياسية وسلمية ولم تنحج في ذلك، وقررت أمس اللجوء إلى القوة العقلانية، فان الخوف أكثر أن يكون الطرف الاخر قد اتخذ قرار المواجهة، وعندها فسوف ندخل في نفق مظلم، لا أحد يتمنى ان نصل اليه.

 ويضيف: في الجنوب ومعان فقر وجوع واحوال معيشية صعبة، وفيها شكاوى عمرها عشرات السنين، نعم صحيح، لكن فيها أسلحة ومن مختلف الاشكال، ولسنوات عديدة كانت معان الرقم الصعب امام الحكومات.

 تجارب سابقة تم احتوائها دون تأثير على تماسك الدولة

وفي نفس السياق، يؤكد الوزير السابق والمحلل السياسي، سميح المعايضة، أنها ليست المرة الأولى التي يرفع الأردنيون فيها أصواتهم بالشكوى من أوضاع اقتصادية ومعيشية أو يطالبون بمطالب عامة أو قطاعية، فمنذ أكثر من ثلاثين سنة هنالك مواسم عديدة رفع الناس أصواتهم بالمطالبة عبر اعتصام أو مسيرة وكل الأشكال المشروعة، وكان المفتاح لاحتواء هذه المراحل استجابات كلية أو جزئية من الدولة لكن الأهم كان الاحتواء واحترام صوت الناس والاقتراب منهم، وتحويل الأمر إلى محطة أردنية داخلية دون فتح الأبواب أمام من يريد استغلال الأمر لأغراض أخرى.

  • وكان الأردنيون كما كان الهاشميون يتجاوزون تلك المراحل القلقة ويقولون لكل من يتابع أن الدولة الأردنية مثل كل الدول تمر بظروف صعبة لكنها تملك القدرة على الخروج منها بأقل الخسائر ودون أن تدفع ثمنا من تماسك الدولة وقدرتها على الاستمرار في حياة طبيعية.

ويضيف «المعايضة»: نتذكر في منتصف التسعينيات أداء غير مناسب في حينه من السلطة التنفيذية كان أصحابه يعتقدون أنه قادر على إدارة أزمة أسبابها اقتصادية، لكن ذلك الحل كان يكسر المعادلة الأردنية في إدارة الأزمات وكانت محاولة غير مناسبة، لكن القيادة الهاشمية  احتوت الأمر بمعادلة الحكمة والرهان على وعي ورشد الأردنيين وإيمانهم ببلدهم وقيادتهم. فكان الحفاظ على المعادلة الأردنية هو الحل..ولمحافظة على المعادلة الأردنية، كانت دائما مفتاحا لتجاوز الأزمات ومحطات القلق.

وقال الوزير السابق، إنه في هذا الإطار، تحدث الملك عبد الله الثاني، في بيت عزاء الشهيد الدلابيح عن أمرين:

  • أولها احترام حق التعبير السلمي والمطالبة، وهذا لا يعني فقط السماح بأي اعتصام أو أي شكل للتعبير السلمي، بل احترام شكوى الناس وبذل كل جهد للمساعدة وهذا جزء من سياسة الملك الأكثر تواصلا مع كل قوى المجتمع واستماعا لهم وبذل ما أمكن للمساعدة في تخفيف المعاناة.
  • أما الأمر الثاني الذي أشار إليه الملك فهو التعامل بحزم مع من يرفع السلاح ضد الدولة وتخريب المؤسسات العامة والخاصة، وهذا تقوم به أجهزة الأمن مشكورة وتقدم شهداء وجرحى في سبيل الحفاظ على أمن الناس.

دروس الأزمة

وفي تقديره للأسباب والدوافع وراء أحداث محافظة معان، يقول الباحث والكاتب الأردني، حسين الرواشدة، هناك أربعة دروس كانت لافتة:

  • الأول: حضور القبيلة، فبعد 100 عام على تأسيس الدولة يطرح مثل هذا الحضور أسئلة متعددة، لابد من الإجابة عنها، أبرزها سؤال العلاقة بين الدولة والقبيلة، وفيما إذا كانت الثانية ملأت فراغ غياب الأولى.. صحيح أن حضور القبيلة كان مفهوما باعتباره جزءا من تاريخ حركة المجتمع، خاصة عند الأزمات، لكن ما حدث في هذه الأزمة تجاوز المألوف، فقد بدأ الحدث باسم القبيلة، وحين وقعت جريمة الاعتداء على الشهيد عبدالرزاق الدلابيح (رحمه الله) جاء الرد القوي والحكيم من القبيلة، ثم حين انسدت الأبواب، وتعمقت الأزمة اكثر، لم نسمع إلا صوت القبيلة.
  • أما الدرس الثاني، فهو هشاشة الوسائط الاجتماعية والسياسية المفترض أن تمثل الجسر بين الدولة والمجتمع، معظم هذه الوسائط التي تم الاستثمار فيها، من خلال التعيينات والامتيازات والحظوات، تبين أنها مقطوعة العلاقة مع حواضنها الاجتماعية، وليس لديها أي قدرة على التأثير، أو عقلنة الغضب الشعبي، غياب الأحزاب كان واضحا ومعروفا.
  • الدرس الثالث: مقابل هشاشة أغلبية النخب والوسائط السياسية، ما زال الأردنيون يتمتعون بقدر عال من العافية والحكمة، والوطنية العالية، صحيح داخل المجتمع يوجد أزمة واحتقانات وحالة من اليأس، وفجوة ثقة تتسع مع مؤسسات الدولة، ويوجد هواجس ومصالح تبدو أحيانا متضاربة، لكن الأهم من ذلك أن فرصة الاستثمار في وعي المجتمع وحيويته وعقلانيته متاحة تماما، وهي فرصة ثمينة لتجاوز هذه الأزمة وغيرها، فصورة الأردنيين، كما عكست تفاصيل الإضراب، وما جرى بعده من تداعيات، تؤكد أن معدن الأردنيين أصيل، ونخوتهم حاضرة، وانتماءهم لبلدهم غير قابل للمزاودة.
  • الدرس الرابع: إدارة الأزمة تشبه تماما إدارة الدولة، أو هي صورة مصغره عنها، المقاربة هنا بين ما فعلنا على امتداد السنوات الماضية في إدارة الشأن العام، وبين ما فعلنا خلال الأسبوعين المنصرفين في إدارة الإضراب واجبة وضرورية، لكي نفهم ونصحح مساراتنا، ولابد أن نراجع كل ما فعلنا بأنفسنا وبلدنا،

ومن جانبه يقول النائب بمجلس الأعيان، فاضل محمد الحمود، إننا نعي الظروف الاقتصادية الصعبة التي بات يعانيها المواطن، ونؤمن بحق المواطن بالتعبير عن رأيه بكل الحرية التي كفلها الدستور الأردني، ولكن يجب أن يعي الجميع بأن التخريَب والترهيَب الذي يقوم به الُمندسون، والذين يحاولون إخراج هذه الاحتجاجات عن هدفها الواضح باتجاه زعزعِة الأمن الوطني وَخلق الفتنة بين أطياف المجتمع الأردني، كل هذه المؤامرة  ليستطيعوا من خلالها تنفيذ الأجندات السوداويِة، لكن الأردنيين الأحرار سيكونون لهم بالمرصاد وسيقفون كالسد المنيع أمام مخططاتهم.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]