حتى وهي داخل قاعة المحكمة، أثارت «أيقونة الانتفاضة»، هواجس القلق والرعب لدى سلطات الاحتلال، التي باتت تخشى «عهد» وابتسامتها الساخرة وثقتها في نفسها داخل محكمة عوفر العسكرية غربي رام الله، فقررت «إغلاق المحكمة»، بقرار محاكمة «عهد التميمي» منفردة أمام القاضي، دون حضور أسرتها أو وسائل الإعلام، باستثناء عدد من قوات شرطة الاحتلال، المكلفين بفك قيودها أمام المحكمة، ثم إغلاق الأبواب!!
«طفلة فلسطينية» واحدة، من الجيل الجديد، استطاعت أن تثير الرعب لدى دولة الاحتلال، وهي داخل المحكمة، في صورة غير مسبوقة ـ بحسب تعبير أستاذ القانون العام، د. زين الدين محمود ـ مضيفا للغد: إن ما حدث من سلطات الاحتلال، يمثل «حالة فزع» من تأثير محاكمة الطقلة «عهد» لسببين: أولهما أن «عهد» تقدم للمجتمع الدولي، صورة تعبر عن الثقة في النفس، وقوة الإرادة ، وكانت ابتسامتها الساخرة على وجهها الطفولي، صفعة للمحاكمة ولسلطات الاحتلال، وكأنها تقول لهم إنها لا تخشى المحاكمة الهزلية.
وقال أستاذ القانون العام، للغد، إن السيبب الثاني لقرار محاكمة الطفلة عهد التميمي ـ 16عاما ـ بعيدا عن وسائل الإعلام والمراقبين، يهدف إلى تجنب ردود فعل عالمية، والتعتيم على محاكمة تحظى بمتابعة الرأي العام ومنظمات حقوقية دولية، لمحاكمة طفلة تقاوم الاحتلال لأراضيها، سلميا، وتحمل رسالة تقول إن أطفال فلسطين لديهم إصرار على مواصلة نضال الأباء ومن سبقوهم.
وتابع د. زين الدين، في تصريحات للغد، لم تتحمل دولة الاحتلال، عقد محاكمة تحظى باهتمام واسع عالميا، وأيضا داخل المجتمع الإسرائيلي، ويحضرها عددا من الحقوقيين والدبلومسيين الغربيين ونوابا في الكنيست، مما يعري ويكشف حقيقة «العدالة المزورة» و«انتهاك حقوق الإنسان»، و«الاعتداء الصارخ على حقوق الطفل»، ولذلك قررت المحكمة، الثلاثاء الماضي، عقد جلسة محاكمة «التميمي» بدون حضور وسائل الإعلام والمراقبين والدبلوماسيين.
ويضيف أستاذ القانون الدولي: من الواضح أن القاضي استفزته مشاعر أسرة عهد في المحكمة، وهم يلوحون لها «فرحين وفخورين بها» وهي صورة نقلتها وسائل الإعلام داخل إسرائيل وفي الغرب، وأشارت إلى أن أسرة عهد « يتباهون بها»، وهي كذلك صورة غير مسبوقة، لأن المعتاد أن تكون الأسرة في حالة حزن وهلع لمحاكمة طفلتهم، ولكن هذه الطقلة التي أصبحت أيقونة الانتفاضة الفلسطينية، ورمزا للنضال الفلسطيني المتواصل في مواجهة دولة الاحتلال، كان وجودها داخل المحكمة شرفا لها وهي في هذه السن الطفولية.
وبرر القاضي الكولونيل مناحيم ليبرمان، إغلاق المحاكمة، بأنه يصب في صالح «عهد التميمي» لأنها قاصر!! بينما رفضت محاميتها غابي لاسكي (محامية إسرائيلية)، هذا الادعاء، وقالت إن القاضي «قرر ما هو لصالحه، وليس لصالح الطفلة التميمي، وان القاصر (التميمي) ووالديها يريدون فتح الأبواب، ولا يجب على المحكمة أن تقرر في هذه الحالة ما هو الأفضل بالنسبة لها».. ولم تضيف «عابي» حقيقة أنه قرار لصالح سلطات الاحتلال، وأن القاضي لم يصدر القرار برغبته الشخصية، ولكن وفقا لتعليمات صدرت إليه، فقد كانت «القاصر» أقوى من الرجال أمام المحكمة !!
كانت القوات الإسرائيلية، اعتقلت الطفلة التميمي ووالدتها في 19 ديسمبر/كانون الأول 2017، بعد انتشار مقطع فيديو يظهرها وهي تطرد جنديين إسرائيليين من ساحة بيتها في قرية النبي صالح، شمال رام الله.
