أظهر تقرير لسلطة النقد الفلسطينية، الاثنين، استمرار التباطؤ في الاقتصاد الفلسطيني للعام الثاني على التوالي، مع تعمقه في 2018، ما انعكس على معدل البطالة الذي ارتفع بشكل كبير.
وقالت “النقد” في تقريرها السنوي للعام الماضي، إن نسبة النمو وصلت إلى 0.9% بالقياس إلى 3.1% في 2017، ليبلغ الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي حوالي 13.8 مليار دولار، وذلك على خلفية استمرار انكماش الاقتصاد في قطاع غزة وتراجع زخم النمو في الضفة الغربية.
وأشار التقرير إلى تراجع النمو في قطاع غزة بنسبة 6.9% ليضاف إلى انخفاض آخر حصل في 2017 بلغت نسبته 12.5%، في حين تباطأ النمو في الضفة الغربية إلى 3.1% مقارنة مع 8.5% في 2017.
ارتفاع معدلات البطالة
وأوضح محافظ سلطة النقد عزام الشوا أن الأثر الفعلي لهذا الأداء انعكس في أكثر من جانب، خاصة الدخل الفردي، الذي انخفض بنحو 1.7% عن مستواه في العالم 2017، ليبلغ 3,021 دولار.
وقال الشوا إنه في ضوء هذا الأداء لم يتمكن الدخل الفردي في الضفة الغربية من النمو بأكثر من 0.8% (بلغ حوالي 4,188 دولار)، في حين انكمش مرة ثانية في قطاع غزة بنحو 9.5%، لينخفض إلى أدنى مستوى له على الإطلاق (1,431 دولار)، مشكلاً نحو ثلث مثيله في الضفة”.
وأضاف: “تراجع مستوى أسعار المستهلك بشكل طفيف بنحو 0.2% (ارتفاع في الضفة بنسبة 0.4%، مقابل انكماش في القطاع بنسبة 1.3%)، إلا أنه عانى في المقابل تزايدا في معدلات البطالة إلى مستويات قياسية، حيث لا تزال تشكل أحد أبرز التحديات التي يعاني منها الاقتصاد الفلسطيني، خصوصاً في قطاع غزة.
وأشار إلى ارتفاع معدلات البطالة في فلسطين إلى 30.8% من إجمالي القوى العاملة مقارنة مع 28.4% خلال 2017، جراء ارتفاعها في قطاع غزة من 44.4% عام 2017 إلى 52.1% عام 2018، ورغم تراجعها في الضفة الغربية من 18.7% عام 2017 إلى 17.6% عام 2018.
أما في مجال المالية العامة، فأشار الشوا إلى أن الحكومة الفلسطينية عانت الكثير من الضغوط خلال العام 2018، جراء الانخفاض الملحوظ في الإيرادات، سواء ما تعلق منها بإيرادات المقاصة، أو بالمنح والمساعدات الخارجية، ما أدى بالمحصلة إلى تراجع الإيرادات العامة والمنح بنحو 4.1% مقارنة بالعام السابق (لتبلغ حوالي 15.3 مليار شيكل).
وأضاف أنه رغم محاولات الحكومة التخفيف من تداعيات هذا الوضع، من خلال تقنين الإنفاق العام ونجاحها في خفضه بنحو 3.2% (ليبلغ نحو 14.1 مليار شيكل)، فإن محصلة هذه التطورات تمخضت عن ارتفاع العجز الكلي قبل المنح والمساعدات (على أساس نقدي) إلى حوالي 1.7 مليار شيكل، مقارنة مع عجز بقيمة 1.4 مليون في 2017، أي بارتفاع نسبته 22.9% عن العام المنصرم.
متأخرات جديدة على الحكومة
كما أسفر الوضع خلال 2018 عن تراكم متأخرات جديدة على الحكومة بنحو 514.8 مليون شيكل، ليبلغ إجمالي المتأخرات المتراكمة نهاية العام حوالي 12.7 مليار شيكل (تعادل نحو 3.4 مليار دولار، أو ما نسبته 23.3% من الناتج المحلي الإجمالي.
لكن ومن ناحية ثانية، شهد الدين العام الحكومي (مقوماً بالدولار الأمريكي) انخفاضاً بنحو 6.8%، ليبلغ حوالي 2.3 مليار دولار (نحو 8.9 مليار شيكل)، أو ما يعادل 16.2% من الناتج المحلي الإجمالي.
ولفت الشوا إلى صعوبة الوضع أيضاً على صعيد القطاع الخارجي وميزان المدفوعات، جراء تزايد عجز الحساب الجاري في ميزان المدفوعات الفلسطيني بنحو 6.1%، ليصل إلى 1.7 مليار دولار، مشكلاً نحو 11.4% من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة مع 10.8% خلال 2017.
وعلى صعيد سلطة النقد والقطاع المصرفي، أفاد الشوا بأنه ورغم الظروف والأوضاع السياسية الصعبة التي يعيشها الفلسطينيون، استطاعت سلطة النقد خلال 2018 تحقيق مزيد من الإنجازات، على المستوى الرقابي والقانوني المنظم للقطاع المصرفي، ودعمه بالأنظمة الرقابية المختلفة، وعلى مستوى الشمول المالي وإطلاق الاستراتيجية الوطنية للنشاط؛ علاوة على مستوى مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب؛ إضافة إلى توطيد علاقاتها العربية والإقليمية والدولية، لتعميق الروابط بين الجهاز المصرفي الفلسطيني ومحيطه الإقليمي والدولي.
استمرار التباطؤ في الاقتصاد
وانعكست محصلة هذه الإجراءات كما أفاد الشوا بشكل إيجابي على المؤشرات الحيوية للقطاع المصرفي الفلسطيني، فارتفعت موجودات القطاع المصرفي بنسبة 1.7%، لتصل إلى 16.1 مليار دولار.
يأتي ذلك تزامنا مع تعزيز ثقة الجمهور في ظل سلامة وانضباط هذا القطاع وفقاً لأعلى المعايير المصرفية العالمية، والتي انعكست في تزايد حجم الودائع وبنسبة 2.0% لتصل إلى 12.2 مليار دولار، مع تحوّل في اتجاه توظيفها نحو الداخل عوضاً عن توظيفها في الخارج، فنمت المحفظة الائتمانية بحوالي 5.1%، لتبلغ 8.4 مليار دولار، كما واصلت حقوق ملكية القطاع المصرفي ارتفاعها بنسبة 1.1%، لتصل إلى 1.9 مليار.
أما بخصوص الآفاق المستقبلية للاقتصاد الفلسطيني، فأوضح الشوا أن توقعات سلطة النقد تشير إلى استمرار التباطؤ في الاقتصاد خلال2019 ليصل إلى نحو 0.5% مقارنة مع 0.9% في 2018 (وفق السيناريو الأساس)، متأثراً بشكل أساسي بافتراض استمرار الأزمة المالية التي تعاني منها الحكومة على خلفية أزمة المقاصة مع الجانب الإسرائيلي، واستمرار التراجع في حجم المنح والمساعدات الخارجية.
