في غرفتها الصغيرة التي تحلّق بأحلامها، تحوّل الطفلة الفلسطينية لينا جبر من مخيم النصيرات للاجئين الفلسطينيين وسط قطاع غزة هذه الأحلام لأعمال وأشكال فنية عبر استخدام “فن أوريغامي”، و”الكريب”، لتطوع الأوراق الملونة لأعمال فنية جميلة.
لينا (13 عاما) ابنة الصف الثامن، بدأت تكتشف ذاتها منذ 5 سنوات ولكن لم تكن هذه البداية سهلة بقدر ما حملته من مشقة وتعب قائلة: “كنت في البداية أواجه صعوبات في عمل التميمات والأشكال، لكن من خلال العمل والمثابرة والتعلم استطعت التغلب على الكثير من المشاكل في تصميم وتطويع الأوراق لتخرج بأشكال فنية جميلة. أحب الأشغال الورقية فكل ما هو في هذا المرسم الصغير هو من أعمالي، لأنني حولت غرفة نومي لمعرض فني”.
فن طي الأوراق
من بين الأشكال الفنية الجميلة، أرادت “طفلة الورق” كما يطلق عليها، أن تعبر عن أحلامها بطريقة مختلفة لتكون مميزة قائلة: “أحببت أن أكون مميزة عن باقي الأطفال في عمري، وذلك من خلال استبدال الألوان والرسم بالأوراق وتطويعها عن طريق استخدام “فن أوريغامي”، هو فن طي الأوراق واستخدامها لتصبح لوحات وأشكال فنية جميلة من باقات زهور، ورسومات ومجسمات مختلفة”.
وتضيف لينا خلال حديثها لموقع قناة “الغد”: “أحب رؤية الألوان والأوراق البراقة فهي تجذبني بشدة، ولدي شغف كبير بها، فأوراق الكويلينج الملونة لها مفعول خاص بالنسبة لي، فيمكن من خلالها أن أرسم وأجسد كل ما يخطر بذهني على الأوراق، ومن ثم استخدام لفافات الأوراق لأحوله لشيء ملموس جميلة مثل زهور كبيرة كعبّاد الشمس أو باقات من الورد الجوري”.
و”فن الكويلينج” هو فن لف الورق ويقوم على استخدام شرائط من الورق يتم لفها وتشكيلها ولصقها معًا لإنشاء تصميمات زخرفية، ويتم لف الورق وحلقه وتجعيده وتثبيته ومعالجته بطريقة أخرى لإنشاء الأشكال التي تشكل تصميمات لتزيين بطاقات التهنئة والصور والمربعات والبيض ولصنع النماذج والمجوهرات والهواتف المحمولة.
سر الورد
وفي معرض “طفلة الورق” يلفت الانتباه كثرة استخدام الورد، فهذه الأزهار لها قصة لدى الفنانة لينا كي تسلط الضوء عليها بقولها: “في قطاع غزة تكثر مزارع الورد وكان في السابق يتم تصديرها للعالم، ولكن بسبب الحصار والاحتلال الإسرائيلي وإغلاق المعابر لم يعد المزارعون قادرين على التصدير، لذا أحببت أن يكون للورد النصيب الأكبر من أشغالي الفنية”.
وتطمح لينا أن تسافر للخارج للمشاركة في المعارض والمسابقات باسم فلسطين، ولكن ما يعيق هذه الفنانة المبدعة هو الحصار والإغلاق الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ 14 عامًا.
وتطالب الفنانة لينا، بأن يكون هناك اهتمام بمواهب الأطفال من قبل جهات الاختصاص.
إلا أن هنا دعمًا آخر من قبل الأسرة يحيط “بطفلة الورق”، وتقول أم الطفلة لينا وهي فنانة تشكيلية ومصممة ديكور: “نحن ندعم لينا بشكل كبير، لأنني منذ صغرها كنت ألاحظ أنها تلعب بالورق كثيرًا، من خلال تصميمات بسيطة، وهذا لفت نظري جدًا، فعملت أنا ووالدها على الاهتمام بها، من أجل تطوير وتنمية هذه الموهبة وإعطائها مساحة أوسع لتعبر عن ذاتها وفنها، وكان والدها يجلب لها المواد التي تحتاجها من الخارج حينما لا تكون متوافرة هنا في غزة”.
وتواصل أم لينا حديثها، “كانت أمنية لينا أن تصل موهبتها لكل الأطفال والعالم ، وفن الورق ليس من السهل لطفل أن يشتغل فيه خاصة أوراق الأوريغامي، فمن الصعب تطويعها وتنفيذ أشكال فنية أو هندسية منها، فهو يحتاج لذكاء من قبل من يشتغل فيه، ولينا كان لها ذلك والحمد لله نجحت بشق طريقها، ونأمل أن تصل موهبتها لكل العالم وتطور من مهاراتها للأفضل دوما، خاصة أن المستقبل أمامها”.