كشفت المحللة التركية جونول تول مديرة مركز معهد الشرق الأوسط للدراسات التركية في مقال لمجلة فورين آفيرز الأمريكية أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يستخدام تنظيم الإخوان، وحزب العدالة والتنمية الحاكم والذراع السياسية لتنظيم الاخوان الدولي، والدين، كأدوات مهمة في تنفيذ أهدافه في السياسة الخارجية.
وأضافت “أنقرة تحت قيادة أردوغان تستخدم الإسلام في محاولة للهيمنة من خلال تمويل المنظمات والمساجد في جميع أنحاء العالم، في خطوة تُقابل بردود فعل متباينة، موضحة أن حزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان، الذي له جذور إخوانية، جعل من الدين أداة حاسمة في السياسة الخارجية التركية، حيث رأى نفسه على أنه وريث الإمبراطورية العثمانية، وبالتالي الزعيم الطبيعي للمسلمين.
وأشارت تول إلى أن “حزب العدالة والتنمية قد حول سياسة تركيا بمستويات غير مسبوقة”، مشيرًا إلى أن الاشتباه في نوايا أنقرة قد يحد من فرص نجاحها، ويبرز بناء المساجد الضخمة في جميع أنحاء العالم كمثال على محاولة حزب العدالة والتنمية فرض نفسه من خلال الدين.
ورصدت تول عملية التأثير التركي ببناء المساجد في دول أوروبا، ومنها افتتاح مسجد ضخم في تيرانا، عاصمة ألبانيا، في عام 2015، يليه مركز ديانت الأمريكية، وهو مسجد ومركز ثقافي في ولاية ماريلاند، والذي وصفه “أردوغان” أنه أكبر حرم إسلامي في النصف الغربي من الكرة الأرضية في ربيع عام 2016، وفي عام 2018، برز أحد أكبر المساجد في أوروبا في مدينة كولونيا الألمانية، التي تعد موطنًا لطائفة تركية كبيرة، كثالث أمثلة لهذه الغاية.
وأوضحت تول أن أردوغان يسعى الآن الى الوصول إلى كوبا ورومانيا وفنزويلا.
وقالت “يتم تمويل مثل هذه المشاريع من خلال مؤسسة ديانت، التي تعمل تحت إشراف مديرية الشؤون الدينية وكانت ذات يوم مؤسسة شبه مستقلة، ومنذ عام 2010، أصبحت تحت سيطرة حكومة حزب العدالة والتنمية”.
وشددت “تول” على ان مؤسسة “ديانت” لا تقف وحدها وراء القوة الناعمة الدينية التركية، مشيرة إلى وكالة التعاون والتنسيق التركية (TİKA)، وهي مؤسسة حكومية أخرى قامت بتوسيع وجودها الدولي بشكل كبير تحت قيادة حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان، واستعادة المواقع التراثية العثمانية في البلقان.
وقالت تول إن “دبلوماسية تركيا الدينية لم تكن في أي مكان أكثر فاعلية من الصومال”، حيث سلطت الضوء على أن التعليم الديني على الطراز التركي اكتسب الاهتمام في أجزاء أخرى من أفريقيا، مثل تشاد وإثيوبيا وغانا والنيجر ونيجيريا، موضحة أن تركيا تجلب أيضًا طلابًا من دول أخرى لتلقي التعليم الديني في مدارس الإمام خاتيب الدولية في مدن اسطنبول، قيصري، وكونيا، شدد تول على أن “أكثر من 1000 طالب من 76 دولة درسوا في هذه المدارس بين عامي 2014 و2015”.
ولكنها أكدت في مقالها بفورين آفيرز، أن هناك دول كانت واعية ومدركة لتطلعات أردوغان وتحركاته، مشيرة إلى دول الشرق الأوسط التي كانت أقل تقبلا لأنشطة التوعية الدينية في تركيا من الدول الأفريقية، وقالت “العديد من الدول العربية التي كانت تحكمها الإمبراطورية العثمانية ما زالت ترى تركيا قوة استعمارية”، مشددة على أنه في أعقاب الانتفاضات العربية، أصبح الشرق الأوسط متشككًا بزعامة أنقرة.
وذلك من خلال تسليط الضوء على مشاركة تركيا الكارثية في سوريا وزيادة الاستبداد في عهد أردوغان وأنشطته التخريبية، وقالت تول ” خطاب تركيا المكثف والإشارات المتكررة إلى أنظمة ما بعد الحكم العثماني في الماضي مثل مصر والإمارات العربية المتحدة، يؤكد أجندة أردوغان للسيطرة وهي وراء دبلوماسية تركيا الدينية والتي تدركها القاهرة والدول العربية“.
وعلى نفس القدر من عدم الارتياح لطموحات أنقرة، فإن الدول الأوروبية هي التي تؤكد أن تدخل تركيا في الحياة الدينية للمهاجرين يمنع اندماجها.
