قالت مجلة فورين بوليسي الأمريكية، إن النخب الإيرانية في أكثر حالاتها هشاشة، وإن النظام يعاني من “أزمة قيادة” على جميع المستويات وجميع التيارات المتنافسة داخل السلطة.
وكانت إيران قد شهدت، وعلى مدى أسبوع كامل، تظاهرات واحتجاجات كبيرة ضد كبار رموز النظام، ومنهم المرشد الأعلى علي خامنئي، والرئيس حسن روحاني، وهو ما سلط الضوء على طبيعة الصراعات الداخلية في إيران.
هذه الأزمة، تقول المجلة، ليست فريدة من نوعها، فقد سبق أن عبر الإيرانيون عن تذمرهم من سياسات النظام عقب انتخابات 2009، والأمر تجدد مع سيطرة الإصلاحيين الذين سبق لهم أن وعدوا بتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين، ففي العام 1997 وصل الإصلاحيون إلى السلطة عندما وصل محمد خاتمي لرئاسة البلاد، حيث شهدت البلاد نوعا من الانفتاح قبل أن يعود المحافظون إلى السلطة في انتخابات عام 2005 بوصول أحمدي نجاد، ورغم ذلك قدم نجاد وعوداً بالتغيير وإصلاح النظام من الداخل، إلا أن انتخابات عام 2009 والاحتجاجات التي رافقتها ضربت بتلك الوعود عرض الحائط.
كان هدف انتخابات الرئاسة عام 2013 هو ترميم تلك العلاقة التي كانت تسوء بين الشعب والنظام، فجاء حسن روحاني بوعود كثيرة، منها إجراء إصلاحات اقتصادية واجتماعية وعلمية، وإعادة التوازن للنظام، وعول الشعب الإيراني كثيراً على حقبة روحاني، وأنه سيكون قادراً على تجسير الهوة بين الإصلاحيين والمحافظين، واستعادة الشرعية الشعبية للنظام التي بدأت تفقد بريقها، ثم جاء الاتفاق النووي عام 2015، وبدلاً من دعم روحاني في تحقيق إصلاحاته، فإن المتشددين عملوا على إعاقة خطته الاقتصادية والإصلاحية في إطار التنافس القائم بين الإصلاحيين والمتشددين.
إن الخلاف بين المتشددين والإصلاحيين في إيران على أشده، كما ترى المجلة، وهو ما يهدد مستقبلهم السياسي، ومن الناحية النظرية فإن على جناحي النظام السياسي في إيران الالتقاء من أجل الحفاظ على نظام الجمهورية الإسلامية، ولكن يبدو أن الخلافات بينهم عميقة، فالمتشددون يعتقدون أن الانفتاح الاقتصادي سيؤدي إلى تآكل الطبقة الحاكمة وقيم الثورة ومكانة رجال الدين فيها، ومن ثم فإن محاولات روحاني لرفع قضايا الفساد إلى المحاكم وتحدي المصالح الاقتصادية للحرس الثوري الإيراني تصطدم بشكل كبير بتوجهات المحافظين وطموحاتهم.