فورين بوليسي: تركيا وروسيا.. شراكة ستنهار قريباً
عن مستقبل العلاقات التركية الروسية، كتب الباحث غالب دالاي مقالاً في مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية جاء فيه، أنه بينما تتشاجر تركيا والولايات المتحدة حول شراء أنقرة لنظام الدفاع الجوي الروسي إس 400 وتعاونها مع موسكو في سوريا، من المنصف التساؤل عما إذا كان الغرب وتركيا يمضيان نحو انفصال حقيقي.
والحقيقة أن تركيا تنجرف بعيداً عن الغرب. لكن لا يزال من المبكر القول إذا كانت تركيا مستعدة لضم جهودها إلى جهود روسيا، خاصةً في الشرق الأوسط.
وأضاف أن تركيا تحاول إعادة ضبط سياستها الخارجية والإقليمية في وقت يمر الشرق الأوسط بتحولات رئيسية. ويبدو أن روسيا تقوم بالأمر نفسه.
وفي الوقت الذي تتطلع القوتان إلى مزيدٍ من النفوذ في هذه المنطقة، فإن علاقتهما تبدو أحياناً تعاونية وأحياناً أخرى تنافسية. وعلى سبيل المثال، أوشكت موسكو وأنقرة على الدخول في مواجهة عسكرية في آواخر 2015 بعد أن أسقطت تركيا مقاتلة روسية.
وبعد عام واحد، رممتا العلاقات وقررتا التعاون في سوريا وحول طائفة أخرى من القضايا، بينها الدفاع والطاقة النووية. وفي الوقت الذي تتغير فيه العلاقات بين تركيا وروسيا، على الغرب أن يُبقي في ذهنه أن الطموحات الجيوسياسية للجانبين ليست دائماً متوافقة، وأن التعاون اليوم لا يعني تعاوناً في الغد.
العلاقات مع أمريكا
وبعيداً من المعتقدات الإيديولوجية، فإن الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط، والعلاقات المتوترة مع الولايات المتحدة، وطبيعة القيادة في أنقرة، وموسكو هي التي لعبت دوراً مركزياً في تشكيل العلاقات التركية الروسية.
ومع التدخل الروسي العسكري في الحرب الأهلية السورية منذ 2015 وتصميم موسكو على إبقاء الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة، فإنه كان لا مفر من التوصل إلى نوع من الارتباط بين روسيا وتركيا.
وتراوح هذا الارتباط بين الطابع المسلح والتعاون بمرور الوقت، لكن الطرفين أرسيا نوعاً من التعاون في النصف الثاني من 2016. ووقتها كانت روسيا تسيطر على شمال سوريا في المنطقة الواقعة غرب الفرات. ولذلك كان يتعين على تركيا الاعتماد على الرضا الروسي لتنفيذ عمليات عسكرية على طول حدودها، أولاً ضد داعش، ثم ضد القوات الكردية.
عندما تكون أنقرة وواشنطن في تقارب، فإن شهية تركيا لاستكشاف العلاقات مع روسيا جيوسياسياً تتقلص. لكن عندما تكون تركيا محبطة من الغرب، كما هو الوضع الآن بسبب الدعم الأمريكي للقوات الكردية في سوريا، فإنها تجد آذاناً صاغية في روسيا.
وفي نهاية المطاف، للعلاقات التركية الروسية بعد شخصي. ويلعب رئيسا البلدين دوراً حاسماً ومبالغاً فيه في السياسة الخارجية، وقد نسجا رابطاً شخصياً بينهما. ومع ذلك يبدو أن من المرجح أن يظل الزعيمان في السلطة في الوقت الحاضر، ويبدو أن كلاهما سيبقى متشككاً في الغرب.
قيود حقيقية
ونظراً إلى مصالحهما المتضاربة في الشرق الأوسط، يواجه التنسيق الروسي التركي قيوداً حقيقية. ومع أن البلدين قد يبقيان شريكين، وقد يتقاربان أكثر كلما ابتعدت أمريكا عن أنقرة، ثمة فرص كبيرة أمام الغرب لاستغلال الخلافات بينهما، بما فيها خلافاتهما على مصير إدلب.
ولكل من الغرب وتركيا مصلحة في تجنب هجوم عسكري واسع في المحافظة، لأن مثل هذا الهجوم قد يثير أزمة إنسانية ويدفع عدداً كبيراً من اللاجئين نحو تركيا.
ولا شك أن العلاقات بين أنقرة والغرب شهدت تغيرات كبرى في السنوات الأخيرة، ولا يرجح عودة الوضع القديم بينهما إلى ما كان عليه، ولكن العلاقات بينهما لن تنهار، ليس بسبب علاقات أنقرة مع موسكو التي تعتبر هشّة في أفضل أحوالها.
