لم يكن التدخل التركي في العراق الذي نال تنديدا عربيا واسعا، اليوم الخميس، في اجتماع جامعة الدول العربية، الأول من نوعه، فقد سبقه سلسلة طويلة من تجاوزات أنقرة التي طالما بررتها على مدار سنوات.
توغل قوات تركية في الموصل شمال العراق وهي المنطقة الخاضعة لسيطرة تنظيم “داعش” حدث مطلع الشهر الجاري، وهو ما قابلته بغداد بتسليم مجلس الأمن الدولي مذكرة احتجاج رسمية معتبرا ذلك “انتهاكا للسيادة”.
ويعطي البرلمان المنتخب تفويضا سنويا للجيش بالتدخل في سوريا والعراق على حد سواء لحماية الأمن القومي التركي بناء على طلب من الحكومة، وهو ما أثار جدلا واسعا في أكتوبر/تشرين الأول 2014، عندما جدد البرلمان تفويضه للجيش بأغلبية ساحقة.
وتقر المادة 92 من الدستور صلاحية السماح بإرسال قوات الجيش التركي إلى دول أخرى وفقا للقوانين الدولية وحالات الحرب وحسبما يتطلب الأمن القومي، وهو ما يستغله حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي بات يسيطر على كافة أجهزة الدولة من رئاسة وسلطة تشريعية وتنفيذية عقب فوزه في الانتخابات النيابية التي أجريت مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
ولطالما لاقت التدخلات التركية العسكرية في العراق وسوريا شجبا واستنكارا محليا وإقليميا، بينما كانت أنقرة تؤكد أن عملياتها تلاحق مسلحي حزب العمال الكردستاني الذين يهددون أمنها، وكأمثلة لتلك التدخلات فقد توغلت قوات خاصة بشكل مكثف في ديسمبر/كانون الأول عام 2007 لتنفيذ ضربات برية وجوية ضمن عملية “خارج الحدود” بحسب الجيش التركي.
وفي مارس/آذار 2003 إبان الغزو الأمريكي للعراق بدت التدخلات العسكرية التركية أكثر وضوحا، فبحسب وسائل إعلام تركية فإن قوات خاصة مدعومة بمروحيات الجيش توغلت عشرات الأمتار في إقليم كردستان العراق، بينما ردت قيادات حزب العمال المسلح بتصريحات نارية أوضحت أن المواجهات بين الطرفين استضافتها الأراضي العراقية.
وبحسب تصريحات رسمية لحكومة كردستان فإن أنقرة أقامت 3 قواعد عسكرية لها في العراق أحدها في نينوى حيث بدأت نقلت مستشارين عسكريين وجنود إليها ضمن اتفاقات تعاون مع العراق في إطار التحالف الدولي لمكافحة تنظيم “داعش”، بينما قالت حكومة أحمد داود أوغلو في أنقرة إنها “نسقت مع الحكومة العراقية الاتحادية في مسألة نشر الجنود”.
وتعتبر تركيا العضو المؤسس في حلف شمال الأطلسي “الناتو” والحليف الأمريكي القوي في الشرق الأوسط وأنشأت قواعد عسكرية قوية على الحدود العراقية والسورية، وشهد توغل قواتها العام الماضي في سوريا حيث نقلت ضريح سليمان شاه وهو جد أول حاكم للدولة العثمانية، من مدينة حلب شمال البلاد إلى داخل الأراضي التركية، وقال الرئيس رجب طيب أردوغان وقتها: “الضريح أرض تركية بموجب صكوك تاريخية إبان الانتداب الفرنسي وأبرمت عام 1921”.
