تنطلق، اليوم الإثنين، في مدينة جنيف السويسرية، الجولة الثالثة من المباحثات حول سوريا، بحضور وفدي الحكومة السورية والمعارضة لعقد مفاوضات غير مباشرة لا يلتقي فيها الجانبان وجها لوجه، منعا لإثارة قضية مستقبل الأسد في المفاوضات القادمة.
يأتي ذلك وسط تحذيرات، بأنه إذا اتبع المفاوضون نفس آلية الحوار في جنيف 1 المنعقدة في 2011، وجنيف 2 المنعقدة في 2014، فإنها ستصل حتما إلى النتيجة نفسها وهي «الفشل»، وهو ما يمكن أن يظهر واضحا في إصرار الحكومة السورية على أن مستقبل الأسد «خط أحمر»، ولا يمكن أن يطرح على مائدة المفاوضات وهي التصريحات التي خرج بها وزير خارجية الأسد وليد المعلم، في مؤتمر صحفي قبيل انعقاد المفاوضات.
مستقبل الأسد
تصريحات المعلم كانت تكرارا لموقف مماثل من جانب وزير الأسد للمصالحة الوطنية علي حيدر، الذي قال قبيل مفاوضات جنيف 2، إن « جنيف 2، أو جنيف 3، أو حتى جنيف 4، لن تقود لحل الأزمة السورية، الحل بدأ وسوف يستمر من خلال الانتصارات العسكرية للقوات السورية»، فيما رأى مراقبون أن حيدر كان خاطئا فالحكومة انتصرت عسكريا الآن إلا أنه لا يمكن للحرب في سوريا أن تستمر، في الوقت الذي لم تستطع المعارضة هزيمة النظام، ولم يتمكن النظام من هزيمتها أيضا، مؤكدين أن الحل الوسط هو الوحيد للأزمة.
ولا تزال روسيا عند موقفها الأول، المعلن منذ بداية الصراع في 2011، وهو ضرورة استمرار الأسد على رأس الحكومة، في الوقت الذي وضعت فيه أمريكا والمعارضة السورية رحيل الأسد شرطا مسبقا.
من جانبه، وجه وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، الاتهامات للحكومة السورية بعرقلة المفاوضات مطالبا موسكو بإقناع دمشق بالرضوخ للمفاوضات الجارية وفقا لما اتفق عليه في اجتماعات فيينا، فيما قال محمد علوش، كبير مفوضي المعارضة المشاركة في جنيف 3، «الفترة الانتقالية يجب أن تبدأ بسقوط الأسد أو موته، ولا يمكن أن تبدأ في وجوده على رأس الحكومة»
تراجع المعارضة على الأرض
وتعقد المفاوضات بعد أسبوعين ناجحين من وقف الأعمال العدائية في سوريا، استعدادا لإنهاء الحرب السورية وانتخاب حكومة جديدة خلال 18 شهرا، إلا أن المعارضة السورية لاتزال تتكبد خسائر كبيرة في مقابل جبهة النصرة والجيش السوري.
وأشارت صحيفة الجارديان البريطانية، إلى أن روسيا كانت «الفائز» في الجولة السابقة من الحرب في سوريا، وبالتالي فإن تجدد المفاوضات سوف يدعم من مكاسبها بما يسمح للحكومة السورية باستعادة السيطرة على كامل أراضيها، ثم تتولى القوات المدعومة من روسيا وأمريكا «الأكراد، حزب الله، الجيش السوري» إخراج داعش من سوريا والعراق.
الأكراد والفيدرالية
ووسط رفض عربي لتقسيم سوريا، أعرب الأكراد، المستثنون من المباحثات، عن عدم اعتراضهم على الفيدرالية في سوريا وإنما على العكس، «هذا ما نطالب به دائما»، وفق ما صرح رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي.
وفي إطار أنباء حول طرح «الفيدرالية السورية» على طاولة المفاوضات المنعقدة اليوم، الإثنين، قال تشارلس جلاس، الذي أصدر كتابا بعنوان «سوريا تحترق: تاريخ قصير من وقوع الكارثة»، في مقال له بصحيفة الجارديان البريطانية، أن «الفيدرالية» حل محكوم عليه بالفشل فقد اقترحته فرنسا في 1920، عندما حاول الانتداب تقسيم الأراضي السورية إلى 6 دول رفضها الشعب السوري.
وأشار جلاس إلى، أن هذا لا يعني أن الأكراد السوريين سوف يحصلون على بعض الحكم الذاتي على الرغم من معارضة السوريين وتركيا أيضا.
وتسعى الأمم المتحدة لإدماج الأكراد السوريين في المباحثات، وسط مطالبات من جانب روسيا، ومعارضة شديدة من جانب تركيا وتوقعات بأن استبعاد أي طرف من المفاوضات سوف يقودها إلى الفشل.