علاقات اقتصادية ضخمة تربط روسيا وتركيا، أصبحت اليوم على المحك عقب إسقاط الجيش التركي طائرة مقاتلة من طراز سوخوي 24 تابعة للجيش الروسي الذي يشن غارات في سوريا.
ومنذ أن بدأت تركيا بقيادة رجب طيب أردوغان، بدعم ومساندة المعارضة السورية المسلحة ضد حليف روسيا الرئيس بشار الأسد، باتت المصالح الاقتصادية المتبادلة بين أنقرة وموسكو في مهب الريح، فألقت السياسة بظلالها عليها إلا أن تركيا كانت تفضل مواصلة الفصل بين علاقاتها السياسية من جهة والاقتصادية من جهة أخرى.
وبحسب مراقبين ومحللين روس، فإن “العلاقة الاقتصادية بين البلدين قوية إلا أن السياسة حالت دون الحفاظ على تلك القوة”، مشيرين إلى اتساع الهوة بين موقف البلدين من الأزمة السورية، وتعد السياحة والطاقة والغاز الطبيعي والمشروعات المشتركة العملاقة أكبر محددات العلاقة القوية بين البلدين على المستوى الاقتصادي.
ويتجاوز حجم التبادل التجاري بين أنقرة وموسكو 32 مليار دولار، حسب آخر الإحصاءات الرسمية للبلدين، وقال وزير الاقتصاد التركي نهاد زيبكجي مطلع العام الجاري، إن موسكو وأنقرة تعتزمان رفع حجم التعاون إلى 100 مليار دولار، وأن بلاده تفضل الوقوف إلى جانب روسيا في وجه العقوبات الأوروبية والأمريكية الأخيرة التي ترتبت على ضمها شبه جزيرة القرم الأوكرانية.
ومنذ عام 2014 زادت نسبة السائحين الروس في تركيا لتصل إلى 15%، بحسب إحصاءات رسمية بينما تصل أعدادهم سنويا إلى نحو 5 ملايين زائر، وعقب حادث تحطم الطائرة الروسية المدنية في سيناء في 31 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قررت الحكومة والشركات الروسية تحويل مسار رحلاتها السياحية إلى تركيا كوجهة جيدة، بينما تشكل واردات الغاز الطبيعي الروسي 60% من احتياجات تركيا، وتعتبر موسكو المورد الرئيسي لمصادر الطاقة لديها.
وتجدد الخلاف السياسي بين البلدين عقب تدخل روسيا عسكريا في سوريا منذ 30 سبتمبر/أيلول الماضي، حيث استهدفت المقاتلات الروسية مقاتلين تركمان وهم من تساندهم أنقرة، بينما تتحالف موسكو أيضا مع الأكراد الذين تحاربهم أنقرة وتقف ضد طموحات تمددهم من سوريا إلى أراضيها، وقد أثر افتتاح مكتب لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في موسكو غضب الحكومة التركية.
https://www.youtube.com/watch?v=alJC4YYrYww
ومطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي، صرح رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو للمرة الأولى بأن التدخل الروسي في سوريا يصعّد الأزمة وأنه غير مقبول، متابعا، “موسكو ترتكب خطأ جسيما”، وكانت تصريحاته عقب اختراق طائرة استطلاع روسية للأجواء التركية وهو ما رفضته أنقرة بشكل حاد واستدعت سفير موسكو لديها لإبداء استنكارها الشديد.
وفي بادرة لتبدل الحال بين الحليفين، أعلنت تركيا في يوليو/تموز الماضي توقف أحد أهم وأضخم مشروعات أنابيب الغاز بين البلدين بسبب عدم توقيع الحكومة الروسية على الاتفاق.
