الفساد مسلسل مستمر في العراق، أحدث حلقاته اتهام وزير الدفاع خالد العبيدي، رئيس البرلمان سليم الجبوري، بالفساد المالي، من خلال إهدار ملايين الدولارات من الأموال العامة في صفقات أسلحة مشبوهة، ما أدى إلى إضعاف القوات المسلحة إلى درجة انهيارها عام 2014، أمام تنظيم «داعش» الإرهابي.
لم يكتف العبيدي باتهام رئيس البرلمان فقط، بل طالت اتهاماته عددا من النواب أيضا، لكن ما حقيقة الاتهام؟ يظل السؤال الأصعب، في ظل اتهامات متبادلة بين القوى السياسية في العراق، فهل هذا الاتهام حقيقي ويستند على دلائل ومستندات؟ أم أنه وسيلة للهروب من الامتثال أمام البرلمان في استجواب موجه لوزير الدفاع؟ هذا ما ستجيب عنه الأيام المقبلة.
من جانبه، أمر رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، بإجراء تحقيق اليوم، الإثنين، في مزاعم فساد في صفقات أسلحة تهدد بإشعال أزمة سياسية جديدة قبل تحركات عسكرية لاستعادة الموصل من تنظيم «داعش».
الخلاف بشأن إجراءات مكافحة الفساد يهدد بإبطاء القوة الدافعة لاستعادة الموصل، والاستفادة من المكاسب الميدانية ضد المسلحين المتطرفين، وكان ذلك الخلاف أوقف نشاط الحكومة لعدة أشهر، وأثار اشتباكات بين المحتجين وقوات الأمن في بغداد في وقت سابق هذا العام.
وزير الدفاع قال، عبر صفحته الرسمية على «فيسبوك»، إن لديه تفاصيل ابتزاز تتعلق بتعاقدات الأسلحة، لكنه لم يقدم أدلة، لافتا إلى أن العديد من النواب مشتبه بهم في جرائم مماثلة.
أما العبادي، رئيس الوزراء العراقي، في بيان، أنه وجه لجنة النزاهة، وهي هيئة حكومية مكلفة بمحاربة الفساد، بالتحقيق في هذه الاتهامات، وتم استدعاء العبيدي إلى البرلمان للرد على مزاعم الفساد في وزارة الدفاع.
وكان العبيدي أبلغ التليفزيون الحكومي في مقابلة يوم السبت، أن الاستدعاء للمثول أمام البرلمان ما هو إلا مؤامرة من جانب من وصفهم بالفاسدين واستهداف سياسي بسبب التصدي للفساد.
وقال إنه منذ توليه الوزارة قلص إلى حد بعيد الكسب من عمليات الفساد في صفقات الأسلحة وظاهرة «الجنود الأشباح»، وهم أعضاء في الجيش لا وجود لهم في الواقع، لكن يتم صرف رواتبهم.
فيما وصف سليم الجبوري اتهامات وزير الدفاع العراقي بـ«المسرحية»، وأنها تأتي لعرقلة عملية الاستجواب، مضيفا «سأتحمل كامل المسؤولية إذا تمكن وزير الدفاع من إثبات تورطي في الفساد، سوف أثبت براءتي من الادعاءات عن طريق القضاء، وسوف ألجا للقضاء للرد على الاتهامات».
الدكتور أمير الساعدي، الخبير العسكري العراقي، يرى أن صبغة الفساد أصبحت منتشرة في القضاء والتشريع وكافة مؤسسات العراق، وأن الكتلة السياسية في العراق تعودت أن تجامل بعضها البعض.
وأشار الساعدي إلى أن رئيس البرلمان، سليم الجبوري، هو رجل قانون، وعندما ينفي اتهامات وزير الدفاع، خالد العبيدي، ويؤكد أنه لا يخشى شيئا، فهو يملك الدليل على براءته من تلك الاتهامات.
وأضاف الساعدي، خلال لقائه في برنامج «وراء الحدث» مع الإعلامية لينا مسلم، اليوم الإثنين، أن خالد العبيدي، وزير الدفاع العراقي، عليه الكثير من علامات الاستفهام والاتهامات، وأولها هو اتهامه بأنه كان يريد شراء مقعده الوزاري في حكومة المالكي، وكذلك هناك أقاويل تتردد عن أنه اشترى مقعده الوزاري في حكومة العبادي.
فيما قال محمد الشيخلي، مدير المركز الوطني العراقي للعدالة، إن وزير الدفاع العراقي، خالد العبيدي، قلب الطاولة على الكتل السياسية في العراق، بعدما اتهم عددا منهم، وعلى رأسهم رئيس البرلمان، بالفساد المالي، مشيرا إلى أن هذه الادعاءات تستند بالقطع على أدلة كافية ستعلن عنها الأيام المقبلة.
وأضاف الشيخلي، خلال لقائه في برنامج «وراء الحدث» مع الإعلامية لينا مسلم، اليوم الإثنين، أن الوضع في العراق مزري سياسيا، بسبب سرقة المال العام، وتولي العناصر الفاسدة للمناصب الكبيرة.
وأكد أن هذه الاتهامات المتبادلة ما هي إلا نتيجة للصراعات الراكدة تحت الرماد بين القوى السياسية، لافتا إلى أنه لا يوجد فصل بين السلطات في العراق، وهو مكتوب فقط في الدستور ولا يتم تطبيقه، وهناك تداخل كبير بين السلطة التشريعية والتنفيذية.
وسيطر تنظيم «داعش»، على ثلث العراق قبل عامين، لكنه طرد منذ ذلك الحين من العديد من المناطق على يد فصائل شيعية مسلحة وجيش يعاد بناؤه ببطء بدعم من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.
وكان رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، الذي اضطر للاستقالة في أعقاب اجتياح تنظيم «داعش»، قائما بأعمال وزير الدفاع في ذلك الوقت.
ويحاول العبادي منذ أكثر من عامين التصدي للفساد في العراق الذي يأتي في المرتبة 161 على مؤشر منظمة الشفافية الدولية للفساد، ويضم 168 دولة، لكنه يواجه مقاومة من أغلب قطاعات النخبة السياسية.
