في مقابلة حصرية أجرتها قناة «الغد»، مع الداعية والزعيم التركي فتح الله جولن من واشنطن في الولايات المتحدة، فتح النار على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أول لقاء حصري مع قناة فضائية عربية.
– كيف تقيمون الوضع في تركيا الآن؟
لأنني بعيد حاليا عن تركيا، لا يمكنني أن أقيمها كمن يعيش في تركيا. أتابع من خلال القنوات الفضائية، والصحف المتوفرة. وأعتقد أن الإعلام العالم يتابع تركيا أفضل مني.
– ما هي رؤيتكم للوضع في تركيا على الأقل في ضوء الوضع الراهن؟
الجميع يشهد ما يحدث في تركيا. حسبما أتابع من بعيد المجتمع التركي يتعرض لأمور سيئة مثل تقسيم المجتمع إلى معسكرات متناحرة، لا أدري كيف أعبر عن ذلك.
ما يحدث حاليا قد يكون شبيها بما حدث في حقبة الحروب الصليبة حيث كانت الأمة التركية تحمل لواء الاسلام ولم تكن هذه الأمة متناحرة أو تعيش حالة من العداء كما هو الحال اليوم، إن قلبي ينزف على هذا المشهد التركي اليوم.
-هناك حملة اعتقالات واسعة في صفوف الجيش والشرطة بلا محاكمات وكل هذا يؤدي الى تفاقم الموقف ومستقبل مظلم لتركيا؟
من ينظر إلى المشهد التركي بحيادية يرى أن هذا المشهد يتطور بشكل سلبي. وكنت أتمنى ألا يكون الحال في بلادي كذلك، وأدعو الله في صلواتي اللهم اجمع شملنا وألف بين قلوبنا.. ويشهد أخوتي الذين يعيشون معي على ذلك.
وبمناسبة ما وقع في تركيا من أحداث فساد في عام 2013 منها جرائم غسيل الأموال، والعثور على كميات هائلة من أوراق البنكوت في بيوت بعض المسؤولين الأتراك، لا أدري من قام بتسجيل تلك الجرائم وبثها في قنوات التلفزيون هل هي المخابرات التركية نفسها أم أن من قام بالتسجيل أجهزة استخبارات دولية.
وربما من قام بالتسجيل جهات لا تحب أردوغان. وعلى أي حال فقد طرحت قضايا الفساد في البرلمان التركي للتحقيق وأرادت المعارضة التحقيق ايضا.
ومنذ ذلك الوقت اشتد الهجوم علينا رغم أنه لا علاقة لنا بالموضوع. وقد اختلقت السلطات التركية تعبير “الكيان الموازي”.
ولا أعرف ديكتاتورية في التاريخ استخدمت مثل هذه الأساليب.فقبل أن تثبت الادعاءات بالمحاكم ألصقوا بنا تهما كثيرة منها تهمة الكيان الموازي، وتهم أخرى لا تليق برجال الدولة.
قبل المحاولة الانقلابية الأخيرة أصدر مجلس الأمن القومي التركي قراراً باعتبارنا حركة ارهابية وذلك دون الاستناد على حكم قضائي.
وأخذت السلطات التركية في شن حملات من التشوية الممنهج وأغلقوا مدارسنا ومعاهد تحضيرية للجامعات وفرضوا الحراسة على مؤسساتنا.
كنت قد اقترحت بعض الحلول للمشكلة الكردية جنوبي شرق تركيا للحفاظ على تركيا الموحدة بكردها وتركها وعربها وشركسها لكن اردوغان ضرب بعرض الحائط كل تلك الحلول والاقتراحات، واستمروا في حربهم علينا باغلاق مدارسنا خارج تركيا من خلال توظيف السفارات التركية في الخارج لهذا الغرض.
ما نتعرض له اليوم لا علاقة له بالمحاولة الانقلابية وأعتقد أن المحاولة الانقلابية اتخذها أردوغان ذريعة لاكمال ما بدأه من اجراءات لتدمير حركة الخدمة.
-كيف تخرج تركيا من هذا الوضع؟
ادعو الله أن ينقذ تركيا بعنايته كما انقذ سيدنا موسى وسيدنا نوح لكن اذا نظرنا في اطار الاسباب الظاهرية فإن الصورة لا تدعو إلى كثير من التفاؤل. وندعو الله أن يشمل تركيا برحمته وعنايته.
هذه الأمة التركية التي حملت لواء الدفاع عن الاسلام قرونا طويلة نأمل من الله ألا يخيب رجاءها ولا يفرق شملها هذا أولاً.
أما في ما يخص الرأي العام العالمي فإنه ينبغي له أن يتدخل في الانتهاكات التي تمارس في تركيا بالضغط على الحكومة التركية وينبغي أن يتصدى الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي ومنظمة شنغهاي للانتهاكات التي تمارس كل يوم في تركيا وحيث أن تركيا تحتل موقعا جغرافياً في غاية الأهمية لذا فإن استقرارها هو امر حيوي بالنسبة لدول آسيا الوسطى وأوروبا والشرق الأوسط.
إن العالم يرى ما يجري في تركيا ويجب أن يتعامل مع هذا الملف بإنصاف، وإذا اراد المجتمع الدولي أن يكون عادلاً ينبغي علية أن يقول للقيادة التركية أن تلتزم بمعايير شرعية دولة القانون.
ولعل القائمين على الأمر في أنقره ينتبهون لخطورة ما يمارسونه من اجراءات تسئ وتضر كثيرا بمستقبل تركيا، ولعلهم يندمون ويرجعون عن أفعالهم وأخطائهم لأن ما يقومون به هو خطأ فادح.
– لماذا يستهدفك أردوغان؟
لا أعرف السبب الحقيقي وراء عداوة أردوغان لي. لكن هناك قصة ذكرتها لبعض الأخوة مرارا وسأعيدها عليكم.
كان أردوغان رئيسا لبلدية وجاء لزيارتي. كان يريد أن يؤسس حزبا ويتشاور مع بعض المفكرين، فجاء لزيارة العبد الضعيف، واستقبلته في مؤسسة قام بإغلاقها في الحملة الأخيرة، وقمنا بتقديم واجب الضيافة له، هذ كان قبل 18 سنة تقريبا، كان يريد أن ينشق عن الزعيم نجم الدين أربكان ويؤسس حزبا جديدا، ونصحته آنذاك بالتروي وقدمت له بعض النصح. مضى زمن طويل منذ ذلك اللقاء كان نجم الدين أربكان وقتذاك زعيما لحزب الرفاه الحاكم.
وقلت لأردوغان إن أردت الانشقاق وتأسيس حزب جديد عليك توخي الحذر والتروي لأنك قد تسبب مشاكل دخل الحزب الحاكم.
ونصحت أردوغان ايضاً أن تركيا تعاني من كثرة الانقلابات وعليكم التعايش مع المؤسسة العسكرية حتى لا تخسروا ما حققتموه من انجازات وكنت حسن النية تماما معه.
أذكر أن أردوغان غادر اللقاء دون أن ينبس ببنت شفه. وقال للصديق الذي جاء به إلي: غدا إذا تمكنت من الأمور في تركيا فإن أول من سأتخلص منهم هم هؤلاء. وكان يقصد بهؤلاء العبد الضعيف وتلاميذي في حركة الخدمة.
إذاً المسألة ليست متعلقة بفضائح الفساد في 2013. فنية أردوغان قديمة وتعود إلى ذلك اللقاء. لكنني لا أفهم السبب وراء كل ذلك الحقد الذي يحمله أردوغان.
أنا انسان متواضع بسيط ولعل الله يتفضل على البسطاء بانجازات كبيرة. أنا شخص متواضع وبسيط.وهناك مدارس لحركة الخدمة في 170 دولة حول العالم.
هذه المدارس تؤسس جسورا للمحبة والحوار.
ويبدو أن حكومة أردوغان التي عجزت عن مثل هذا المشروع التنويري يحملون الحقد لنا وكما تعلمون أن الحاسد قد يكون أكثر تدميرا من الكافر.
والحسن البصري رضي الله عنه يشفق على الحاسد ويشبه بمن ظلم نفسه.
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول ” الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب” لقد دخلت جماعة أردوغان في دوامة منالحقد والحسد، وكلما زادت أنشطة حركة الخدمة ازداد أردوغان وجماعته حقداً وحسداً.
