تراجعت الكتلة البرلمانية في حزب نداء تونس إلى المرتبة الثالثة بعد استقالة أربعة عشر عضوا منها خلال الأيام القليلة الماضية، وتثار التساؤلات حول أفق العمل السياسي لحزب نداء تونس وسط الأزمة الخانقة التي يمر بها.. مزيد من التفاصيل في تقرير نجلاء بوخريص مراسلة الغد من تونس.
يشهد الشارع التونسي، تنافسا ساخنا بالوعود والبرامج الدعائية للحملات الانتخابية الرسمية لـ26 مترشحا لمنصب رئيس الجمهورية، من بينهم نبيل القروي، وهو الغائب خلف القضبان بتهمة التهرب الضريبي في انتظار حكم نهائي للفصل في هذه القضية التي رفعها ضده فرع منظمة الشفافية الدولية في تونس (منظمة انا يقظ) منذ شهر ديسمبر/ كانون الأول 2016 .. والملاحظة الجديرة بالاهتمام أن برامج المترشحين مشحونة بوعود كثيرة تجمع حول الازدهار الاقتصادي، والعدالة الاجتماعية، والأمن والاستقرار، والمساواة بين الجنسين،ومحاربة الفساد والتصدّي للمارقين عن القانون، ووضع حدّ للقطاع الاقتصادي الموازي الذي يمثّل اكثر من 75 بالمئة من نسبة النشاط الاقتصادي في البلاد والذي يحقق نسبة نمو بـ 2,5 بالمئة ويستقطب حوالي 45 بالمئة من القوة العاملة وفقا للارقام الرسمية.
ورغم أن شوارع تونس امتلأت بصور المترشحين وبرامجهم الانتخابية، إلا أن غالبية المواطنين التونسيين لا يكترثون بها، وربما لا يلتفتون إليها، بحسب تقرير صحيفة الشروق التونسية..وتقول الباحثة واستاذة علم الاجتماع بجامعة قفصة، د. فاتن مبارك: ما زال الوقت مبكرا كي نفهم إن كانت تلك الحالة تخفي عزوفا عن الانتخابات بل إنه ومن خلال الشخصية التونسية يصعب التقصّي المبكر لفرضية العزوف ولا يمكن الحديث عن عزوف عن الانتخابات سوى يوم الانتخابات،كما أن التونسي منشغل حاليا بالاستعداد للعودة المدرسية، وإنه سيكترث للانتخابات حين ينهي مشاغله، وربما ستكون الانتخابات بذات الشاكلة في عام 2014 مع استثناء بارز في انتخابات 2019 ألا وهو تشتت العائلة الوسطية.. وأضافت في تحليلها للمشهد الانتخابي: إن الواقع الاجتماعي كبير، ولكن الناخب التونسي نضج مقارنة بتجربتيْ الانتخابات في 2011 و2014 وهو لا يكرر أخطاءه مقابل استمرار النخبة في تكرار أخطائها، والحال أن الواقع التونسي لا يحتمل إقصاء أي طرف سياسي، وبالتالي النخبة تستمر في التعبئة لشخص بعينه.
وفي موجة الحملات الانتخابية، يحاول كل مرشح إقناع الناخبين ببرنامجه السياسي، وسط توقعات كبيرة بخسارة حركة النهضة الإسلامية ـ إخوان تونس ـ إذ توقع السياسى التونسى منذر بلحاج بن على، القيادى السابق فى حركة نداء تونس، خسارة جميع مرشحى الإخوان فى الانتخابات الرئاسة التونسية، مرجعا ذلك إلى التهم التى وجهت إلى حركة النهضة «الإخوانية» من تهم اغتيالات سياسية وتسفير الشباب خارج تونس لانضمامهم لجماعات متطرفة..وأعلن «بلحاج» دعمه وتأييده الكامل للمرشح عبد الكريم الزبيدى ، وزير الدفاع التونسى السابق، مؤكدا أن الزبيدى يحظى بشعبية كبيرة داخل وخارج تونس، مشيرا إلى الدور الذى قام به عبد الكريم الزبيدى خلال فترة الرئيس الراحل القائد الباجى السبسى، قائلا: عندما مات الرئيس السبسى انتقلت السلطة بشكل سلمى خلال 3 ساعات، وكانت الفترة الأخيرة كادت تعصف الرياح بتونس لكن عبد الكريم الزبيدى تحكم فى الموضوع.
ويرى منذر بلحاج بن علي، أن حركة النهضة ستدعم يوسف الشاهد رئيس الحكومة التونسية فى الانتخابات الرئاسية المقبلة، موضحا أن حركة النهضة دفعت بعبد الفتاح مورو نائب رئيس حركة النهضة فى الانتخابات الرئاسية ليكون ترشحه صورى فقط وبهدف مساندة يوسف الشاهد، مضيفا أن تونس قبل وجود حركة النهضة الإخوانية كانت ترفع شعار «ليس لنا أعداء والجميع أصدقائنا»، لكن مع وجود حركة النهضة التى تتدخل فى شئون البلاد حدث بعض الخلافات مع الدول الخارجية وهو الأمر الذى سيتم وقفه حال فوز عبد الكريم الزبيدى.
ويسجل المشهد الانتخابي وقائع وطرائف متعددة .. منها : تضخم النرجسية لدى بعض المترشحين للرئاسية.. وتتجلّى في شعاراتهم التي اختاروها لحملاتهم الانتخابية.. المرشح عمر منصور اختار شعار «عمر بالشعب منصور».. والمرشح صافي سعيد اختار شعار «نحن هنا..» يريد أن يقول : «أنا وما أدراك ثم زاد عقدة أخرى ورقّى نفسه إلى صيغة الجمع «نحن»..وأمّا «حمة الهمامي» فارتأى أنه لا أحد يصلح لهذه الأمة في هذه الظروف المدلهمّة سوى حمة! ويقال في الشارع التونسي، إن حمّة، ولولا شيء من الحياء لجعل شعاره هو: «حمّة أو لا أحد في هذا البلدْ».
والملاحظة الطريفة التي يراقبها التونسيون، أن بعض المترشحين للانتخابات يترددون على العرافات، فمنهم من قصد «قارئة الكف» ومنهم من ذهب إلى «تقازة الحيّ» ـالخبيرة في السحر ـ وآخر يذهب إلى تلك التي يشاع أن عندها خبرة في «ضرب الخفيف» وممتازة في «فن التّقازة.». وبحسب وسائل الإعلام التونسية، فإن النتائج تختلف بين هذا وهذا..بين من نجمه في صعود.. وآخر «حظُّه منكود»!!
ويتساءل تونسيون، ما الذي دفع مرشّح حركة النهضة الإسلامية، الشيخ عبد الفتاح مورو إلى التباهي بأصوله التي قال إنها ضاربة في العراقة، وأنّه سليل الأتراك، حيث تنحدر والدته من أسرة الآغوات.. مما يشير إلى أن العقل الباطن لأبناء حركة النهضة ينام فيه شيء اسمه «الدولة العثمانية العظمى».
وظهر المترشح للرئاسية محمد المنصف المرزوقي اثناء اجتماعه بأنصاره في مدينة بنزرت وهو يرقص على انغام الثورة التونسية ملبيا دعوة المحيطين به . وكتب المرزوقي تدوينة معلقا على الفيديو: «الحملات الانتخابية لحظات اعادة فتح كل الجروح . لحظات المحاسبة والتبرير . لحظات تبادل الألام والآمال . واحيانا اين ومتى لا يتوقع المرء لحظة تفجر الفرح لأن للبشر قدرة توليد هذا الشعور الذي لولاه ولو بجرعات خفيفة ومتباعدة لما استطعنا تحمل تكلفة الوجود. شكرا لأهل بنزرت على كل الفرح الذي استقبلت به وكل الفرح الذي غمرنا ونحن نرقص ونغني لثورة يحسبها البعض رمادا وهي الجمر ينتظر الريح . ولا بد لليل أن ينجلي».
