«نصر مهم للأسد»، «جريمة حرب برعاية دولية»، «تغيير ديموغرافي لسوريا» .. هكذا يرى مراقبون للأوضاع السورية اتفاق انتهى تنفيذه اليوم الثلاثاء، لتهجير سكان مدينة داريا السورية التي تبعد بضعة كيلومترات من مقر الحكومة السورية في دمشق، وذلك بعد 4 سنوات من الحصار الذي فرضه النظام على المدينة.
ووسط حالات من الحزن والأسى غادر سكان داريا، وفق الاتفاق، إلى مدن أخرى، حيث تم الإعلان اليوم عن خلو المدينة تماما من المدنيين وسيطرة النظام عليها بشكل كامل، وسط وعود بإعادتهم بعد إعمارها، وهو ما يشكك فيه سكنها المهاجرين منها.
وتوجه المقاتلون وأفراد من عائلاتهم الى محافظة إدلب التي سيطرت عليها فصائل جيش الفتح منذ الصيف الماضي، فيما انتقل المدنيون الباقون الى مراكز اقامة مؤقتة في بلدة حرجلة القريبة.
ووفق صور تداولها نشطاء على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، فإن داريا باتت مدمرة بالكامل من آثار البراميل المتفجرة التي استهدفتها خلال الحصار المفروض عليها.
ويعد هذا هو الاتفاق الثاني من نوعه بعد اتفاق مماثل تم التوصل إليه عام 2014 في مدينة حمص في وسط البلاد، فيما تدور الأنباء حول اتفاق مماثل متوقع في معضمية الشام، في الوقت الذي تتهم المعارضة والفصائل قوات النظام باستخدام سياسة الحصار لتجويع المناطق الخارجة عن سيطرتها وإخضاعها، بهدف دفع مقاتليها إلى الخروج منها.
وكانت داريا، التي تبعد نحو 7 كيلومترات عن دمشق مقر سلطة النظام، من أوائل المدن التي شهدت احتجاجات سلمية ضد حكم الرئيس السوري بشار الأسد، احتضنت خلالها تجربة ثورية فريدة حيث شكل مجلسها المحلي مظلة جامعة للمؤسسات المدنية والعسكرية والأمنية فيها، لتصبح نموذجا احتذت به المدن الأخرى.
وتعد داريا أكبر مدن غوطة دمشق الغربية، وتجاور مطار المزة العسكري الموصوف بأنه أكبر وأخطر قواعد النظام الأمنية والقتالية في محيط دمشق.
وقاومت المدينة المحاولات المتكررة التي قامت بها قوات النظام لإعادة السيطرة عليها مع تحول الصراع إلى حرب أهلية، وسط حصار فرض عليها من جانب النظام السوري منذ عام 2012، وفشل دولي في السماح لوصول شحنات المساعدات الإنسانية، حيث شهدت أكبر فترة حصار من قبل النظام في تاريخ الثورة السورية، بلغت 1375 يومًا، ابتداءً من نوفمبر/تشرين الثاني 2012 وحتى أغسطس/آب 2016.
وبلغ عدد سكان داريا نحو 255 ألف نسمة وفق الإحصاء الرسمي لعام 2007، لينخفض العدد إلى 7 آلاف قبيل أن يدخل اتفاق المعارضة والنظام حيز التنفيذ، فيما فاقت نسبة الدمار في المدينة 95%، طالت معظم معالمها الرئيسية وبناها التحتية، حيث تعد المدينة السورية الوحيدة المدمرة كليًا من قبل النظام السوري، نتيجة قصفها خلال الأعوام الثلاثة الماضية بآلاف البراميل المتفجرة، وفق ما ذكر المجلس المحلي للمدينة عبر موقعه الإلكتروني.
