فيروز.. “صوت السلام” الذي لم يتوقف منذ 80 ربيعا
فتاة صغيرة من أحد الأحياء الفقيرة في بيروت، خاضت معارك الحياة حتى وصلت لقمة المجد.. قصة تتكرر فقط مع العظماء الذين تركوا علامات بارزة على حائط الحياة، لتلهم وتعطي الأمل لكل عابر بها. رغم شهرتها الطاغية، خلقت لنفسها عالمًا خاصًا، لم يجرؤ أحد على اختراقه حتى الآن.
صوت خالد، يعكس ملامح شخصية فريدة أتمت اليوم 80 عامًا، ولا يزال يخطف القلوب لدى سماعه، ويأخذك لمناطقة إنسانية حالمة، تتناساها في أحيان كثيرة مع قسوة العالم من حولك.
عند سماع اسم “فيروز” يتبادر إلى ذهنك كل ما هو جميل ومريح للنفس، فتنير داخلك مواطن النقاء والقوة والنضج.
تزوجت فيروز من عاصي الرحباني في 1955 وأنجبت منه زياد، ريما، هالي، وليال، وتعاملت خلال عمرها الفني مع أهم الشعراء والملحنين في لبنان والوطن العربي مثل حليم الرومي، محمد عبد الوهاب، زكي ناصيف، فيلمون وهبة، إلياس الرحباني، سعيد عقل، نزار قباني، طلال حيدر، كما غنت من قصائد جبران.
فيروز مع موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب
بانوراما أعمالها الإبداعية تأخذك في رحلة بين أكثر من 800 أغنية ممزوجة بملامح من روحها، عبرت خلالها عن مشاعر إنسانية مختلفة، إلى جانب 15 مسرحية غنائية، تشاركت معظمها مع الفنان اللبناني فيلمون وهبي، و23 سكتشًا فنيًا، و3 أفلام سينمائية.
فيروز، تلك الشخصية المتأملة والذكية تعلم جيدًا معنى أن تكون “فنان” يتطلع له الجمهور دائمًا؛ لذلك تحسب خطواتها وكلماتها وردود أفعالها، فقررت أن تكون “صوت سلام” يلتف حوله الجميع.
ظهر هذا جليًا في موقفها حين بدأت الحرب الأهلية في لبنان، توقفت فيروز عن الغناء حتى لا تحسب على تيار سياسي بعينه. وظلت في لبنان ورفضت المغادرة رغم تحطم منزلها بإحدى قذائف الصواريخ. لتقرر إطلاق صوتها من جديد بعد انتهاء الحرب في حفل أقيم بساحة الشهداء سنة 1994.
أبرز أغنيها قدمتها مع الأخوين رحباني، لكن تميز أغانيها لم يتوقف مع توقف هذه الشراكة. فنجلها زياد رحباني ورث الإبداع من والديه، لكن برؤية وأسلوب جديدين، حيث كان أول عمل يجمع بينهما أغنية “سألوني الناس في مسرحية “المحطة” للأخوين رحباني.
شاءت الظروف أن يتزامن التحضير للعمل مع مرض ودخول عاصي الرحباني للمستشفى، ليكلف ابنه زياد بتلحين أغنية كتب كلماتها بنفسه. فتستمر هذه شراكة المليئة بكثير من الحب والعند والاختلاف لينتج عنها إبداع لن يتكرر.