أجمعت الصحافة الإسرائيلية على نجاح الفلسطينيين في خلق نوع جديد من المواجهة والاحتكاك مع جيش الاحتلال بعيداً عن أي عسكرة، ما وضع دولة الاحتلال في مأزق لطالما شكل كابوساً لها متمثلاً في الزحف نحو الحدود وهو ما داومت التحذير منه على مدار السنوات التي مضت على اعتبار أن زحفاً سلمياً سيكبل يد الاحتلال ويكشف زيف ادعاءاته حول الدفاع عن نفسها.
الواقع الجديد لا زال يلقي بظلال ثقيلة على المستويين السياسي والأمني في دولة الاحتلال التي وجدت نفسها أما حقيقة الزحف الفلسطيني من خلال مسيرة العودة الكبرى، والتي لم تنتهي عن أحداث الجمعة الماضية ما يعني أن الكابوس الذي يؤرق الاحتلال سيبقى حاضراً وأن قادة الأخير الذين فشلوا في تقدير الموقف سيختبوؤن وراء تهديداتهم بمزيد من القتل للفلسطينيين.
نشر بطاريات
ونشرت القناة العبرية السابعة، بأن قوات الاحتلال نشرت بطاريات من منظومة الدفاع الصاروخي “القبة الحديدية” في مستوطنات ما يسمى غلاف غزة وسط تأهب من تصعيد محتمل على جبهة غزة.
وبحسب القناة، فإن قيادة الجيش تشعر بأنها نجحت في اجتياز مرحلة عطلة نهاية الأسبوع بنجاح، ولكنها تستعد لإمكانية حدوث تصعيد ميداني يتطور بإطلاق صواريخ من غزة باتجاه جنوب إسرائيل خلال الأسابيع المقبلة. وأشارت إلى أن الفلسطينيين يخططون لمظاهرات أخرى خلال الأسابيع المقبلة، ولفتت إلى أن الجيش خلال الأيام القادمة سيجري عملية فحص للجدار الأمني للتأكد من عدم زرع عبوات ناسفة على السياج خلال المظاهرات.
وبينت القناة: أن هناك حالة من القلق حيال التصعيد على السياج الحدودي لغزة سيؤثر في الأسابيع المقبلة على الوضع الأمني في الضفة والقدس، ومن ثم الحدود مع الأردن ومصر خلال مسيرة العودة المرتقبة في مايو/ أيار والتي قد يكون لها عواقب على المنطقة بأكملها.
فشل في التقدير
وفي القناة 12 العبرية، أشاروا إلى أن تقديرات جيش الاحتلال بشان المسيرة، أفادت بان الشارع الغزي المثقل بهموم الحصار والانقسام والأوضاع الاقتصادية المتردية لن يستمع لدعوات الفصائل والتي من وجهة نظر الكثيرين أرقته وسببت له الكثير من المعاناة، لا بل إن هذه التقديرات ذهبت إلى حد القول أن الشعب الفلسطيني في غزة سيثور عليها بدل الذهاب للمسيرة، لكن هذه التقديرات سرعان ما سقطت، ليستفيق جيش الاحتلال على حقيقة زحف فلسطيني غير مسبوق لجهة الحدود الشرقية.
وقال المحلل العسكري “عاموس هرئيل” لصحيفة “هآرتس” العبرية، إن الفلسطينيون نجحوا في إعادة غزة إلى الخطاب الدولي من جديد بعد الأحداث التي شهدتها الحدود أول امس الجمعة, وان الفصائل أوجدت طريقة فعالة للاحتكاك بالجيش على الحدود بدلا من استخدام الصواريخ والأنفاق، معتبرا أنهم نجحوا أيضاً في تشتيت انتباه الجيش في وقت متفجر مثل عيد الفصح.
ويقر “يوآف ليمور” الخبير العسكري في صحيفة “إسرائيل هيوم” العبرية، بأن مسيرات العودة الفلسطينية شكلت تحديا حقيقيا وجادا لجيش الاحتلال، ووجود تقدير لدى الجيش بأن حماس قد لا يكون لديها رغبة بتدهور الوضع الميداني خلال هذه المسيرات، لكنهم يعترفون بأن هذه الأوضاع الأمنية قد تتدحرج وتخرج عن السيطرة، مما يجعلهم يتحضرون للسيناريو الأسوأ والأكثر تطرفا.
وأضاف : أن هذه المسيرات أدخلت “إسرائيل” مرحلة من عدم اليقين تجاه الوضع المتفجر في غزة، والخشية من التدحرج لمرحلة من التصعيد التدريجي الآخذ بالاتساع مع مرور الوقت، لاسيما وأن هذه المظاهرات لها أبعاد استراتيجية .
يختبؤون وراء التهديدات
على المستوى السياسي، أشاد رئيس حكومة الاحتلال, بنيامين نتنياهو بجنوده الذين نفذوا، مجزرة الجمعة, بحق متظاهرين فلسطينيين سلميين على حدود قطاع غزة، في إطار “مسيرات العودة الكبرى”، خلفت 16 شهيدًا و1400 جريح على الأقل.
وقال نتنياهو: “كل الاحترام لجنودنا الذين يحمون حدود الدولة ويمكّنون المواطنين الإسرائيليين من الاحتفال بعيد الفصح بهدوء. إسرائيل تعمل بصرامة وبحزم من أجل حماية سيادتها وأمن مواطنيها”.
وهدد وزير الجيش أفيغدور ليبرمان، باستخدام القوة بشكل أكبر وأكثر حدة ضد المتظاهرين في المرة المقبلة, وشكك ليبرمان في مقابلة مع الإذاعة العبرية، في أن يقدم الفلسطينيين على محاولة تجاوز الحدود مرةً أخرى بعد ما جرى يوم الجمعة، مضيفا “لن نتردد في استخدام كل الوسائل الموجودة في متناول أيدينا”.
وأعرب عن استيائه من الأصوات الدولية والإسرائيلية الداخلية من اليسار وخاصةً حزب ميرتس بشأن المطالبة بتشكيل لجنة تحقيق في ما جرى على الحدود، مؤكدا أنه لن يتم فتح تحقيق ولن تتعاون إسرائيل مع أي لجنة دولية بهذا الشأن.
تهديد ووعيد
وزير حرب جيش الاحتلال الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، توعد بتصعيد حدة القمع العنيف، للمسيرات التي ينظمها سكان غزة بالقرب من الحدود الشرقية لقطاع غزة قائلًا إنه “في المرة القادمة سنرد بشكل أكثر حدة، وسنستخدم كل ما هو متاح لنا”.وقال: “إذا عاد المتظاهرون لاختبارنا، سنرد بصورة حادة وأكثر قوة، ولن نتردد في استخدام كل ما لدينا”.
وجدد، ليبرمان، في حديث لإذاعة جيش الاحتلال ، رفضه إجراء تحقيق بأحداث المجزرة التي ارتكبها جيش الاحتلال بحق المتظاهرين السلميين قرب الشريط الحدودي لقطاع غزة المحاصر، الأول من أمس الجمعة، وقال “أن إسرائيل لن تتعاون مع أي لجنة تحقيق دولية قد تشّكل بهذا الشأن”.
وزعم المتحدث باسم جيش الاحتلال رونين منليس, أن مسيرة العودة كانت “مسيرة إرهابية عنيفة”، وأنه تمت مواجهتها بنيران “دقيقة”, وهدد بتوسيع رد الاحتلال ، بحيث لا يكون مقتصرا على منطقة السياج الحدودي . وقال “لدينا معلومات عن نوايا لتنفيذ عمليات كثيرة, أي حادث إرهابي جدي سوف يؤدي إلى رد لا يقتصر على منطقة السياج الحدودي”، بحسبه . ونقل عن موقع تيك ديبكا الاستخباري الصهيوني, ان الجيش سيقصف اهدافاً داخل قطاع غزة, إذا تصاعدت المظاهرات الفلسطينية بالقرب من السياج الأمني، وأصبحت أكثر حدة .
مهاجمة مجلس الأمن
وهاجم مندوب دولة الاحتلال في الأمم المتحدة، داني دانون، الليلة الفائتة، مجلس الأمن الدولي، وذلك في أعقاب الجلسة الخاصة بشان استخدام القوة المفرطة ضد مسيرة العودة السلمية على الحدود الجمعة الماضية، وقال دانون إن مجلس الأمن قد اجتمع رغم طلب إسرائيل والولايات المتحدة تأجيل الجلسة ليوم واحد بسبب ما يسمى “عيد الفصح اليهودي”، الأمر الذي منع مشاركة إسرائيل في الجلسة، على حد قوله . كما زعم دانون أن الفلسطينيين استغلوا عقد الجلسة على وجه السرعة من أجل “بثّ الأكاذيب على منصة الأمم المتحدة، بينما كان الشعب اليهودي يحتفل بالفصح”. وأضاف أن “هذا الاستغلال للعيد لا يمنع إسرائيل من عرض الحقيقة بشأن المظاهرات العنيفة لحركة حماس والتي كان هدفها الاستفزاز وإشعال الأوضاع في المنطقة”، على حد زعمه.
