في الذكرى الـ24 لاغتيال فرج فودة.. العنف يثأر من صاحب «النذير» 

 

24 عاما مضت على ذكرى اغتيال المفكر المصري فرج فودة على يد الجماعات الإسلامية في 8 يونيو عام 1992، نفذه شابان لا يقرآن بعد فتوى بإهدار دمه بسبب آرائه بشأن فصل الدين عن السياسة، ولعل المجتمع المصري كان بحاجة لأن يتولى الإخوان المسلمون شئون الحكم بعد ثورة يناير 2011، ليعرف أهمية ما رأه فرج فودة ودفع حياته ثمنا له، كان المجتمع المصري بحاجة لأن يظهر الوجه القبيح للتيارات الإسلامية، وينكشف وهم مشروع الصحوة الإسلامية الذي ظل الدعاة يروجون له طوال خمسين عاما أو يزيد، لنكتشف لماذا تمت تصفية فرج فودة وهو الذي أسقط ورقة التوت عن جهلهم.

5

أثارت كتابات فرج فودة جدلا واسعا بين المثقفين والمفكرين ورجال الدين، وشنت جبهة علماء الأزهر هجوما كبيرا عليه، ولم يهدأ لها بال سوى بتكفيره، ومحاولة الدفاع عن قاتله بأنه لم يتورط في جريمة قتل، بل طبق حدود الله على المرتد بحسب شهادة الشيخ محمد الغزالي في المحكمة.

 

Foda_Haqiqa

واقعة الاغتيال تم تنفيذها بعد مناظرة جرت بين الدكتور فرج فودة والشيخ محمد الغزالي في معرض القاهرة للكتاب عام 1992 وكان موضوعها “مصر بين الدولة الدينية والدولة المدنية”، ومثل فيها الدولة المدنية: فرج فودة ومحمد أحمد خلف الله، ومثل الدولة الدينية كل من: الدكتور محمد الغزالى الأزهرى والعضو السابق فى جماعة الإخوان، والمستشار مأمون الهضيبى المرشد العام لجماعة الإخوان الإرهابية وقتها، والدكتور محمد عمارة المتحول من الماركسية فى الستينيات إلى الأرضية اليمينية الدينية، وخلال المناظرة تم التحريض على فرج فودة بعدما تم اتهامه فى دينه وأفكاره وعقيدته، إلى أن وقع حادث الاغتيال بعد ستّة شهور تقريبًا.

7

وافتتح فودة مناظرته قائلًا: “أنه لا أحد يختلف على الإسلام الدين، لكن المناظرة اليوم حول الدولة الدينية، وبين الإسلام الدين، والإسلام الدولة رؤية واجتهاد، فالإسلام الدين في أعلى عليين، أما الإسلام الدولة فهو كيان سياسي وكيان اقتصادي وكيان اجتماعي يلزمه برنامج تفصيلي يحدد أسلوب الحكم”.

 

الغزالى

عقب اغتيال فرج فودة أدلى الشيخ محمد الغزالي بشهادته في القضية وقال نصا: “إنهم قتلوا شخصًا مباح الدم ومرتدًّا، وهو مستحق للقتل، وقد أسقطوا الإثم الشرعى عن كاهل الأمة، وتجاوزهم الوحيد هو الافتئات على الحاكم، ولا توجد عقوبة فى الإسلام للافتئات على الحاكم، إن بقاء المرتد فى المجتمع يكون بمثابة جرثومة تنفث سمومها بحض الناس على ترك الإسلام، فيجب على الحاكم أن يقتله، وإن لم يفعل يكون ذلك من واجب آحاد الناس”.

2

لم يكتف محمد الغزالى بهذا الأمر، بل كتب ونشر بيانًا مساندًا لـ”محمود المزروعى” نائب رئيس جبهة علماء الأزهر، والذى دعا بشكل صريح إلى قتل فرج فودة، قبل أن يهرب المزروعى إلى السعودية بعد عملية الاغتيال بشهرين تقريبًا،وقد وقّع على بيان الدعم والتأييد لقاتل فرج فودة، إلى جانب محمد الغزالى، كل من: الشيخ محمد متولى الشعراوى، ومحمد عمارة، وآخرون من أعضاء جماعة الإخوان الإرهابية، وجبهة علماء الأزهر.

 

11

فرج فودة، كاتب ومفكر مصري علماني، ولد في 20 أغسطس 1945 ببلدة الزرقا بمحافظة دمياط في مصر، حصل على ماجستير العلوم الزراعية ودكتوراه الفلسفة في الاقتصاد الزراعي من جامعة عين شمس، ولديه ولدان وابنتان.

فودة كان واحدا من رواد التنوير في مصر، ألّف عددا من الكتب التي تضمنت أفكاره عن فصل الدين عن الدولة، منها “قبل السقوط” (1984)، و”الحقيقة الغائبة” (1984)، و”الملعوب” (1985)، و”الطائفية إلى أين؟” (1985) بالاشتراك مع يونان لبيب رزق (1933-2008) وخليل عبد الكريم (1930-2007)، و”حوار حول العلمانية” (1987). ولقت الكتب اهتماما، فطبع بعضها أكثر من مرة ودرس بعضها في الجامعات والمعاهد.

كما كتب عددا من المقالات في جرائد المعارضة، مثل “الأهالي” التابعة لحزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي و”الأحرار” التابعة لحزب الأحرار الاشتراكيين، وعددا أقل في الجرائد القومية، خاض فيها العديد من المعارك الفكرية دفاعا عن مبادئ الدولة المدنية من علمانية ووحدة وطنية وحقوق إنسان.

كتب فودة كتابه “النذير” (1989) كدراسة لنمو التيار الإسلامي ما بين عامي 1982 و1987، خلص منها إلى أن التيار الإسلامي “قد نجح بالفعل في تكوين دولة موازية”، لها اقتصادها المتمثل في بيوت توظيف الأموال، وجيشها المتمثل في الجماعات الإسلامية المسلحة، وكيانها السياسي المتمثل في مكتب إرشاد الإخوان المسلمين رغم حظر الجماعة قانونا. كذلك اخترق التيار الإسلامي المؤسسة الدينية الرسمية مثل دعوة شيخ الأزهر الناخبين لإعطاء أصواتهم للمطالبين بتطبيق الشريعة (أي مرشحي التحالف الإسلامي)، ومطالبة جريدة اللواء الإسلامي التي يصدرها الحزب الحاكم (الحزب الوطني الديمقراطي) للمواطنين بعدم التعامل مع البنوك القومية وقصر تعاملاتهم على البنوك الإسلامية. كما اخترق أيضا الإعلام الحكومي حيث زادت الجرعة الدينية فيه من صحف ومسلسلات وخطب تلفزيونية مثل خطب الشيخ محمد متولي الشعراوي (1911-1998) التي عرّض في بعضها بعقيدة المواطنين المسيحيين.

استشهد شقيقه الملازم محيي الدين فودة، والذي كان يصغره بعام واحد، في حرب 5 يونيو 1967، وذلك بعد ثلاثة أيام فقط من تخرجه من الكلية الحربية، ولم يتم العثور على جثمانه، وشارك فرج فودة في مظاهرات الطلبة الغاضبة عام 1968 واعتقل لعدة أيام في عهد الرئيس جمال عبد الناصر، أثرت فيه هزيمة 5 يونيو 1967 بشدة، فقال “خيل لي أن مصر، قد ماتت وانتهت”.

اتفقت سياسات السادات الاقتصادية مع منهج فودة العلمي المؤمن بتفوق الأنظمة الليبرالية، حيث أن “التخطيط الشامل الذي يتحكم في العرض والطلب، كان محض عبث أو انعطافة تاريخ، وقد أشاد بالآثار الإيجابية لسياسة الانفتاح على الاقتصاد المصري.

أيد فودة إعادة السادات للحياة الحزبية عام 1978، ورغم ذلك، فقد حمل السادات المسئولية عن نمو التيارات الدينية، إذ كان يرى أن الجماعات الإسلامية في الجامعات تكونت على يد مباحث أمن الدولة، لمواجهة الناصريين واليساريين وبتوجيه من السادات. واعتبر أن اكتساحها للانتخابات الطلابية في نهاية حياته، بعد أن فقد السيطرة عليها، كان كابوسا يؤرق منامه.

9

في 3 يونيو 1992، نشرت جريدة النور الإسلامية، والتي كان بينها وبين فرج فودة قضية قذف بعد اتهامه بأنه يعرض أفلاما إباحية ويدير حفلات للجنس الجماعي في جمعية (تضامن المرأة العربية)، وهي القضية التي كانت في طريقها لخسارتها، نشرت جريدة (النور) بيانا من ندوة علماء الأزهر يكفر فرج فودة ويدعو لجنة شؤون الأحزاب لعدم الموافقة على إنشاء حزبه (المستقبل).

 

3

وفي 8 يونيو قبيل أيام من عيد الأضحى، انتظر شابان من الجماعة الإسلامية، على دراجة بخارية أمام الجمعية المصرية للتنوير بشارع أسماء فهمي بمصر الجديدة حيث مكتب فرج فودة. وفي الساعة السادسة والنصف مساء، وعند خروجه من الجمعية بصحبة ابنه أحمد وصديق، أطلقوا عليه الرصاص.

بالتحقيق مع أحدهما أعلن أنه قتل فرج فودة بسبب فتوى الدكتور عمر عبد الرحمن مفتي الجماعة الإسلامية بقتل المرتد في عام 1986. وحينما سئل: “من أي كتبه عرف أنه مرتد، أجاب بأنه لا يقرأ ولا يكتب، وأنه تم اختيار موعد الاغتيال قبيل عيد الأضحى: لنحرق قلب أهله عليه أكثر.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]