في ذكراه العاشرة.. ألفريد فرج مفجر ثورة المسرح العربي
من بين أبناء الجيل الذي شهد تغير وجه التاريخ الإنساني عبر سلسلة من الأحداث الكبرى التي هزت العالم، حيث الحروب العالمية والثورات والانقلابات، وطفرة التطورات الصناعية، والتيارات الفكرية والنزعات الفلسفية المفارقة، والاتجاهات الفنية المتنوعة، برز ألفريد فرج، في منتصف خمسينيات القرن الماضي، كأحد أبرز الأسماء التي أثرت المسرح العربي، وتمر اليوم ذكراه العاشرة، حيث توفي في 4 ديسمبر/ كانون الأول عام 2005، عن عمر ناهز الـ76 عامًا.
ولد الكاتب المصري ألفريد مرقس فرج، بمحافظة الشرقية في 14 يونيو/ حزيران عام 1929، ونشأ بمحافظة الإسكندرية، وهناك تشكل وعيه في خضم التحولات المصرية والعربية والعالمية الكبرى، حتى تخرج في جامعتها من كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية، وهي اللغة التي فتحت أمامه آفاقًا واسعة، استطاع أن ينهل منها الكثير من المعرفة، إلى جانب عيون التراث العربي.
وعن ولعه المبكر بالمسرح، تقول الدكتورة منى خليل في مجلة أكاديمية الفنون، عن نشأة “فرج” المسرحية: ظل الطفل ألفريد أحد نجوم المدرسة طوال المرحلة الابتدائية، لأنه كان يشارك في تمثيل مسرحيات المدرسة، ولهذا لم يكن غريباً أن يسعى فور الالتحاق بالمرحلة الثانوية للانضمام إلى فريق التمثيل، في مدرسة ذات تقاليد راقية هي “كلية فيكتوريا”، وكان الفريق يقدم وفق الوصف الشائع “مسرحيات تربوية” وكان زملاؤه الأكبر في الفريق يستأثرون بالأدوار الطويلة، ناهيك عن أدوار البطولة، فلا يبقى لمثله إلا الأدوار الثانوية، كان الأمر طبيعيًا في البداية، وذهب تفكيره إلى أن ينتقم لنفسه بإضافة عبارات إلى دوره، ولم يكن يسيراً عليه ارتجال مثل هذا الأمر بالذات حين وصل إلى ضرورة أن تكون هذه العبارات “طنانة” تمكنه من سرقة الحلبة من الأبطال وأصحاب الأدوار الكبيرة.
الطموح الذي ساور الكاتب الشاب في تغيير المسرح العربي، كان مقرونا بالطبع برغبة في تغيير العالم والمجتمع من حوله، وهو ما دفعه للانضمام إلى إحدى الحركات اليسارية، في خضم الحراك الوطني المصري، وحتى بعد قيام ثورة يوليو 52، وهو ما أدى به إلى السجن 5 أعوام، من 59 وحتى 64، وبعد خروجه من المعتقل حصل على منحة تفرغ من وزارة الثقافة، وتفرغ لكتابة المسرح، وعمل كمستشار برامج الفرق المسرحية بالثقافة الجماهيرية، ومن ثم مستشار أدبي للهيئة العامة للمسرح والموسيقى، ثم مديرًا للمسرح الكوميدي، نال جائزة “سلطان العويس” سنة 1992، وسافر إلى لندن وهناك عمل محرراً ثقافياً بالصحف العربية فيها، إلى أن توفى عام 2005.
ترك “فرج” تراثًا فريدا للمسرح العربي، خرج معظمه مواكبا للحركة الواقعية في الأدب والفن، ومن أشهر أعماله بالمكتبة العربية: الزير سالم، حلاق بغداد، سليمان الحلبي، جواز على ورقة طلاق وغيرها الكثير من الأعمال التي لم تغب عنها مقاومة الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين.
