في ذكرى الرحيل: «أبوعمار»..لا يزال حيّا 

تسجل مبادىء العلوم السياسية، أن دور الفرد في التاريخ، يعبر عن «ظاهرة إنسانية» لرجل يستوعب حلم الشعب، ويجسد إرادته، ويحرك هممه، ويصبح رمزا في تاريخ أمته.. وهو ما عبرت عنه  كلمات الزعيم الأفريقي الراحل، نيلسون ما نديلا، وهي تقترب كثيرا من شخصية أبو عمار «الرمز في تاريخ فلسطين».. ويقول مانديلا:  «كنت أتابع نشاطات الرئيس ياسر عرفات من غياهب سجني، وكم أثار اهتمامي بثباته ومثابرته. لقد آمن به شعبه وسار معه خطوة بخطوة، في السراء كما في الضراء.. فهو الذي وضع المسألة الفلسطينية على جدول أعمال المجتمع الدولي، ونقل قضية شعبه من قضية لاجئين إلى قضية أمة بكامل المعنى.. لقد كانت حماسته وثقته لا تتزعزع، والتزامه بالكفاح من أجل إقامة الدولة الفلسطينية تشكل قيما رمزية في نظر الكثيرين في العالم.. سوف يبقى الرئيس عرفات إلى الأبد رمزا للبطولة بالنسبة لكل شعوب العالم التي تكافح من أجل العدالة والحرية».

 

رحل الجسد..وبقي الرمز حيّا

وكانت كلمات الرئيس الفرنسي الأسبق، جاك شيراك، أكثر تعبيرا  في توصيف مسيرة نضال أبو عمار.. ويقول شيراك: «بالنسبة لي يمثل عرفات الشجاعة والقناعة، حيث جسد طيلة 40 عاما نضال الفلسطينيين سعيا وراء الاعتراف بحقوقهم الوطنية، ولن يبقى الشعب الفلسطيني وفيا لذكرى ياسر عرفات إلا بوحدته وتمسكه بالمثل والمبادئ التي سخر حياته لأجلها».

  • كلمات السياسي الفرنسي والمناضل الأفريقي،  تؤكد أن الدور التاريخي يظل حيّا حتى بعد انتهاء عمر صاحبه.. «رحل الجسد وبقي الرمز في تاريخ فلسطين».

«الذكاء الشرس».. و«القدرة على المناورة السياسية»

إذا كان «أبو عمار» من أبرز شخصيات الصراع العربي الإسرائيلي المحورية والتي ارتبط اسمها بالقضية الفلسطينية طوال العقود الخمسة الماضية، ولا يزال عنصرا فاعلا على الساحة الشعبية الفلسطينية، ومحركا رئيسيا لأحداثها، رغم غيابه.. فقد كان أيضا من الشخصيات التي أثارت جدلا واسعا حولها، ربما بسبب «الذكاء الشرس» الذي تفرد به حسب تعبير «العدو اللدود» شيمون بيريز، أو بسبب «القدرة على المناورة السياسة في أصعب المواقف» حسب تعبير الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، أو «إدارته للصراع بمعادلات مفاجئة وصادمة للجانب الآخر» حسب تعبير الصهيوني إيهود باراك.

«العشق الصوفي» بينه وبين فلسطين

كان الرجل لا يقبل الرهان على أي موقف يتصل بالقضية التي يعيش من أجلها.. وجسد حالة غير مسبوقة من «العشق الصوفي» بينه وبين فلسطين، ومنذ بدايات حياته في خنادق المقاومة للاحتلال الإسرائيلين حين ترك مقاعد الدراسة في كلية الهندسة جامعة فؤاد (جامعة االقاهرة) أثناء حرب 1948 وذهب إلى فلسطين وسعى للانضمام إلى الجيوش العربية المحاربة للعصابات الصهيونية. وبعد ذلك حارب مع الفدائيين الفلسطينيين، ولكنه لم ينضم رسميا لأي منظمة. كما قاتل إلى جانب  الجيش المصري  في غزة. وفي بداية عام 1949 كانت الحرب تتقدم في الحسم لصالح إسرائيل، وفي تلك الأثناء عاد عرفات إلى القاهرة بسبب نقص الدعم اللوجستي.، وبعد عودة عرفات إلى الجامعة واصل نشاطه السياسي، فتم انتخابه رئيساً لاتحاد الطلاب الفلسطينيين في القاهرة من عام 1952 لعام 1956.

 

ضابط احتياط بالجيش المصري

وتتواصل فصول النضال بالالتحاق بالجيش المصري (ضابط احتياط) في مدينة بورسعيد  ليشارك في صد العدوان الثلاثي على مصر.. وفي الأيام الأولى من نكسة 1967 دخل «أبو عمار» إلى الأرض المحتلة بعد شهر على سقوطها تحت الاحتلال عبر نهر الأردن للإشراف على سير عمليات الكفاح المسلح ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي.. وفي العام 1968 قاد قوات الثورة الفلسطينية في تصديها للقوات الإسرائيلية في معركة الكرامة في الأردن ونجا خلالها من محاولة إسرائيلية لاغتياله.. ولم تتوقف فصول النضال المتواصل، وفي نفس الوقت كان «أبو عمار» السياسي المفاوض والمحاور يطالب بالسلام العادل والمشرف ومنذ أن وقف أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك ـ 13 نوفمبر/ تشرين الثاني 1974ـ  قائلاً: «أتيت حاملاً غصن الزيتون بيد وبندقية المقاتل من أجل الحرية في اليد الأخرى، لا ندعو غصن الزيتون يسقط من يدي».

«فتح».. أول خلية ثورية

وحين سافر الشاب ياسر عرفات إلى الكويت عام 1958 للعمل مهندساً، كانت  فلسطين في القلب والعقل، وهناك كوّن هو وصديقه خليل الوزير (أبو جهاد) عام 1965 خلية ثورية أطلق عليها اسم «فتح»، وهي اختصار لحركة تحرير فلسطين، وأصدر مجلة تعبر عن هموم القضية الفلسطينية أطلق عليها اسم “فلسطيننا”، وحاول منذ ذلك الوقت إكساب هذه الحركة صفة شرعية، فاتصل بالقيادات العربية للاعتراف بها ودعمها، ونجح بالفعل في ذلك، وفي شهر ديسمبر/ كانون الأول 1969 شارك في القمة العربية الخامسة في الرباط، ولأول مرة وضع مقعد رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير في الصف الأول على قدم المساواة مع رؤساء وملوك الدول العربية الأخرى.

تصدّر مسيرة نضال وطن وحركته التاريخية

لا يزال الرجل حاضرا رغم  الرحيل، وأن يعي الجميع ما معنى غياب الرمز في تاريخ النضال الفلسطيني، ومنذ بداية حياته، حيث  لم يعش عرفات، طفولته وشبابه كسائر أقرانه وزملائه؛ فقد كانت اهتماماته تختلف عنهم، حيث كان  مهموما بقضية الوطن، ومولعاً بالسياسة، والشؤون العسكرية، وحتى  أطلق مع رفاق دربه في  حركة «فتح» أولى العمليات العسكرية وعرفت بـ«عملية نفق عيلبون»، بعد أن تمكن من دخول الأرض المحتلة  في شهر يوليو/ تموز1967.. وبمقدار مقولة «أوسكار وايلد»، إن الشخصيات وليست الأحداث هي التي تحرك التاريخ.. تاريخ أوطانهم.. كان أبو عمار متصدرا لمسيرة نضال وطن وحركته التاريخية.. وبعد الرحيل ترك فراغا سياسيا كبيرا أسفر عن صراع  المصالح داخليا، وتشتت المواقف!!

 صدمة الرحيل

وبقيت المفاجأة الصادمة للشعب الفلسطيني برحيل عرفات، ترتبط بيوم 12 أكتوبر/ تشرين الأول 2004 حين ظهرت أولى علامات التدهور الشديد على حالته الصحية، بعد إصابته بمرض في الجهاز الهضمي حسب تشخيص الأطباء، ونقلته  طائرة مروحية إلى الأردن ومن ثمة أقلته طائرة أخرى إلى مستشفى بيرسي العسكري في كلامار قرب باريس في فرنسا في 29 أكتوبر/ تشرين الأول  حيث أجريت له العديد من الفحوصات والتحاليل الطبية، ورحل  شهيدا في في الحادي عشر من نوفمبر/ تشرين الثاني 2004.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]