في ذكرى النكبة: تحطيم أسطورة تفوق «الأقلية».. كيف انتصر «المستوطنون اليهود» في حرب 48؟

بعد  72 عاما.. لا يزال التساؤل قائما:  ماذا  حدث في الخامس عشر من مايو/ آيار 1948؟ وكيف دارت المواجهة بين  الجيوش العربية وعصابات وميليشيات المستوطنين من اليهود؟ لمن كانت الغلبة قبل السطو على الجغرافية الفلسطينية واغتصاب وطن عربي؟! الصورة الكاملة للحقائق لا تزال غائبة، بينما دولة الاحتلال ترسم صورة للتفوق اليهودي مقابل العجز العربي.. ولكن شهادات المؤرخين والأكاديميين والمثقفين الإسرائيليين ـ  أنفسهم ـ  تدحض زيف الادعاءات التي تأسست عليها  قواعد دولة الاحتلال.

  • وقد بادر الباحث «مردخاي بار أون» الذي خدم عام 1948 في الجيش الإسرائيلي برتبة ضابط قبل أن يصبح رئيس قسم التاريخ فيه، وعضو كنيست سابق، لتحطيم هذه الأسطورة التاريخية في دراسة بعنوان «داوود مقابل جوليات»، تتناول بالتفصيل:  ماذا حدث عام 1948 وما هي الحقيقة في أسطورة «غلبة الأقلية على الأغلبية؟!»  مؤكدا أن تثبيت هذه الأسطورة كحقيقة مضر للأجيال الإسرائيلية.

هجمات تفوّق فيها العرب

ويستهل الباحث مردخاي دراسته، مؤكدا أنه «كانت  هناك هجمات تفوق فيها العرب، كما حصل يوم وصل المصريون إلى أسدود، ففي تلك الليلة كدت أن أتبول في سروالي لشدة الخوف. كنت ضابطا شابا ومتأكدا أن المصريين سيزحفون في اليوم التالي بدباباتهم وسيكون يومي الأخير عندئذ، لكنهم لم يصلوا.. وأن الزعم الجارف بأن الجيش الإسرائيلي انتصر على العرب : أقلية مقابل أكثرية، فهذا ادعاء خاطئ من ناحية الحقائق وينقصه فهم عوامل الانتصار واستخلاص الدروس المطلوبة».

  • ويشير المؤرخ الإسرائيلي، إلى أن الكثير من النجاحات الفلسطينية الميدانية وقتها نسبت للشهيد عبد القادر الحسيني قائد الجهاد المقدس في منطقة القدس الذي استشهد قبل 72 سنة تماما في معركة القسطل.

ويؤكد الباحث والأكاديمي، مردخاي بار أون، برؤية شجاعة نادرة في المشهد الإسرائيلي الراهن، أن «مصدر المصيبة هو أن الإسرائيليين لا يرغبون بالسلام، وقد اختار هذا الشعب حكومة لا تريد السلام. وهذا ليس من الآن،هذا منذ زمن بعيد.. وكشف عن تشاؤمه  الكبير حيال مستقبل إسرائيل، نظرا للتوجهات الديموجرافية والسوسيولوجية في دولة الاحتلال.

«بن جوريون» زرع أسطورة تفوق الأقلية في  معركة 1948

ويقول «مردخاي بار»: إن وزارة التعليم ربّت الإسرائيليين جيلا بعد جيل على أن أقلية يهودية شجاعة تفوقت على أكثرية عربية في 1948، وتكريس هذه الأسطورة من فوق إلى تحت، كان برعاية وتوجيه رئيس حكومة الاحتلال الأول دافيد بن جوريون، لكن حينما نعود لفحص الحقائق يمكن ملاحظة أن بن غوريون نفسه اعتقد بخلاف الأسطورة التي شجع على تنميتها وتكريسها، ففي اجتماع لجنة الخارجية والأمن في فبراير/ شباط 1960 اعترف بن غوريون بوضوح بأنه في أغلب مراحل حرب 1948 تمتع الجيش الإسرائيلي بأغلبية عددية لا كيفية فحسب، مقابل «دول العدو». وقد أوجز استعراضه بالقول مقابل دهشة أعضاء اللجنة حتى وإن بدا غريبا قليلا «فقد امتلكنا وقتها جيشا أكبر من جيشهم».

 

عدد الجنود اليهود فاق عدد الجنود العرب بثلاثة أضعاف

ويؤكد الباحث الإسرائيلي في دراسته التاريخية ـ مشيرا إلى  رقم الوثيقة التي يستند لها في أرشيف الدولة بهذا المضمار ـ  أن عدد الجنود اليهود فاق عدد الجنود العرب بثلاثة أضعاف، لأن دولا عربية اكتفت بإرسال عدد هامشي من الجنود، فيما امتنعت أخرى عن التدخل في الحرب، والحقيقة أن الانتصار في الميدان هو من نصيب من يمتلك القوات والطاقات وليس «لأننا أقلية مقابل أغلبية».

  • ويضيف: «لم ينجح هذا العالم العربي الكبير بتجنيد ما يكفي من جنود لمنع النكبة، أما ضعف الفلسطينيين في البلاد فمرده قمع الانتداب لقواتهم خلال الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936. . كما ينبغي الأخذ بالحسبان تجنيد المال والموارد. لم تفلح اللجنة العربية العليا في جمع أكثر من 25 ألف ليرة في مستهل القتال، أما جيش الهاجاناه وحده فقد بلغت ميزانيته وقتها ثلاثة ملايين ليرة. أم جولدا مئير وحدها فقد جمعت حتى مارس/ آذار 1948 أكثر من 50 مليون دولار في الولايات المتحدة وكندا».

الأفضلية في البداية للعرب

ولم تعد هذه الرؤية تقتصر على المؤرخين الإسرائيليين الجدد، فقد أدركت أيضا جهات عربية تفوق الجانب اليهودي كما وكيفا وقتها. في تقاريرها الأولى التي قدمها للجامعة العربية قبيل قرار التقسيم عام 1947، حيث  أكد الجنرال العراقي إسماعيل صفوت (رئيس اللجنة العسكرية في الجامعة العربية) أن بحوزة المستوطنين اليهود قوى عسكرية وقدرات تنظيمية ومالية قادرة على حسم المعركة بسهولة.. ورغم التقييمات العربية ورغم تفوق الجانب اليهودي كما وكيفا فقد منيت العصابات الصهيونية بهزائم موجعة، وهناك من رجح كارثة يهودية تبلغ حد تدمير الاستيطان اليهودي.

  • ويقول بار أون إن القوات الصهيونية تعرضت لخسائر فادحة في «معارك الطرق» أبرزها قافلة بن عامي من عكا إلى الجليل الأعلى في مارس / آذار 1948 وغيرها. ويقول إن الأفضلية كانت في البداية للعرب

كيف ولماذا انتصر اليهود في حرب 48؟

ويضيف  «بار أون»،  إن القوات الصهيونية تعرضت لخسائر فادحة في «معارك الطرق» أبرزها قافلة بن عامي من عكا إلى الجليل الأعلى في مارس / آذار 1948 وغيرها، إن الأفضلية كانت في البداية للعرب،  مشيرا إلى «صورة مضللة»، كانت سببا إضافيا لانتصار العصابات والميليشيات اليهودية  في المعركة، وهو سبب مرتبط بالمتطوعين الأجانب،  ويكشف أن 150 جنديا من الجيش البريطاني انتقلوا للمساندة والقتال إلى جانب اليهود، وانضم لهم 250 يوغوسلافيا و 32 ألمانيا لكنهم جميعا بقوا عددا هامشيا مقارنة مع آلاف المتطوعين المدربين والخبراء بسلاح البحرية والجو الذين تطوعوا إلى جانب الجنود اليهود.

ويتابع  في دراسته الأكاديمية: «إن الزعم الجارف بأن الجيش الإسرائيلي انتصر على العرب : أقلية مقابل أكثرية، فهذا ادعاء خاطئ من ناحية الحقائق، وينقصه فهم عوامل الانتصار واستخلاص الدروس المطلوبة.. «لا بأس من رواج الأسطورة لدى عامة الإسرائيليين لكنها تصبح مضرة جدا عندما تدخل رؤوس الجنرالات»، مؤكدا وجود فرصة لتعلم الدروس من التاريخ.

  • ويؤكد « بار أون» أن إحدى خلاصات حرب 1948 هي عدم الاستخفاف بالعرب الذين لم يكونوا قادرين على الانتصار بالحرب..

 أوهام فكرة «القومية  اليهودية»

وسبق للمؤرخ الإسرائيلي «شلومو ساند» أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة تل أبيب، والذي استطاع عبر كتابه الأشهر «اختراع الشعب اليهودي» أو  «متى وكيف اخترع الشعب اليهودي»، أن يكشف زيف فكرة القومية اليهودية ، فهو يؤكد أن «الشعب اليهودي آت من الكتاب المقدس، بمعنى أنه شىء خيالي تم اختراعه بأثر رجعي».. ويقول ساند: «أنا مثل بقية الإسرائيليين اعتقدت بأن اليهود كانوا شعبا يعيشون في يهودا، وأن الرومان نفوهم عام 70، ولكن عندما بدأت أنظر إلى الأدلة اكتشفت أن النفي هو أسطورة، حيث لم أجد أي كتاب تاريخي يصف أحداث النفي، وأن السبب في ذلك هو كون الرومان لم ينفوا أي شعب من فلسطين، وأن معظم اليهود في فلسطين كانوا فلاحين، وكل الأدلة تشير إلى أنهم مكثوا على أراضيهم، أما فكرة الشعب اليهودي أو القومية اليهودية التي بنيت على أساسها الصهيونية، وأنشأت دولة إسرائيل، فهي أسطورة اخترعت منذ نحو قرن واحد..».

  • إذن من يكون اليهود الموجودون اليوم بإسرائيل؟ وما حقيقة الرابطة الأثينية والبيولوجية التي يعتقدون أنها تجمعهم؟!

هذا السؤال طرحه وأجاب عنه « شلومو ساند » في كتابه قائلا: إنه لا وجود لقومية يهودية أو شعب يهودي واحد، يعود في أصوله العرقية والبيولوجية إلى جذور منفردة، كما يزعم الفكر الصهيوني، وإنما هناك الدين اليهودي، الذي ينتسب أتباعه إلى قوميات واثنيات وجغرافيات متعددة، وأن القومية اليهودية مشروع صهيوني، تطورت بذوره في القرن الـ19، متأثرا بالقومية الألمانية، ومع تجذر عصر القوميات في أوروبا، حيث قام الصهاينة باستنساخ التجربة، بخلق واختراع قومية يهودية، ليست موجودة سواء من الناحية التاريخية أو العلمية، فقد اعتبر اليهود أنفسهم شعبا لمجرد اشتراكهم في ديانة واحدة، ثم شرعوا في خلق تاريخ قومي لهم، باختراع فكرة الشتات والعودة إلى أرض الميعاد.

«تزوير» التاريخ التوراتي

وقد قامت هذه الفكرة، أو «الاختراع الصهيوني» للقومية اليهودية، على ركنين أساسيين، ينتميان إلى التاريخ التوراتي غير الدقيق:

الركن الأول هو فكرة الشتات اليهودي.. أما الركن الثاني فهو كون الدين اليهودي لم يكن دينا تبشيريا، بل ظل محصورا بالجماعة الأثينية التي حملته واعتنقته في بداياته، ومما يعني بحسب الإدعاء الصهيوني «إن اليهودية لم تدخلها أجناس أخرى أثرت على نقاء العرق اليهودي، وهو الأمر الذي يتنافى تماما مع حقيقة أن اليهودية لم تختلف عن غيرها من الديانات في نزوعها نحو التبشير، وإقناع أفراد وقبائل وشعوب أخرى بالدين الجديد».

 

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]