في ذكرى النكبة| فلسطين في عين العاصفة.. والمؤامرة في أحضان بريطانيا

كان التخطيط البريطاني لترتيب أمور الشام ينتقل بسرعة للتركيز على فلسطين، وبالتحديد للعمل على إقامة وطن لليهود فيها، يؤدي دوره المرسوم في الإستراتيجية البريطانية !! وأثناء الحرب العالمية الأولى طلبت الحكومة البريطانية في مطلع العام 1915 من السير «هربرت صمويل» أن يضع تصورا لما ينبغي أن يكون عليه أمر فلسطين بعد النصر، وكتب «صمويل»  بوصفه عضوا في وزارة الحرب -إلى جانب كونه يهوديا وصهيونيا أيضا- مذكرة بعنوان «مستقبل فلسطين » تاريخها 5 فبراير/ شباط 1915، توصل فيها إلى نتيجتين.

إحداهما: إن الحل الذي يوفر أكبر فرصة للنجاح ولضمان المصالح البريطانية، هو إقامة إتحاد يهودي كبير تحت السيادة البريطانية في فلسطين..وأن فلسطين يجب أن توضع بعد الحرب تحت السيطرة البريطانية، ويستطيع الحكم البريطاني فيها أن يعطي تسهيلات للمنظمات اليهودية في شراء الأراضي وإقامة المستعمرات وتنظيم الهجرة والمساعدة على التطور الاقتصادي بحيث يتمكن اليهود من أن يصبحوا أكثرية في البلاد!!

انتداب بريطانيا على فلسطين

وكانت تلك هي الظروف والأجواء التي صدر فيها «وعد بلفور» الشهير في 2 نوفمبر/تشرين الثاني 1917..وأثناء إعداد وثائق مؤتمر السلام في «فرساي» 1919  أصرّت الحركة الصهيونية على ضرورة أن يتضمن قرار المؤتمر، الخاص بإنتداب بريطانيا على فلسطين، إشارة واضحة في مقدمته لـ «وعد بلفور» تأكيدا إضافيا بأن المهمة الرئيسية للإنتداب البريطاني هي العمل على إنشاء الوطن القومي لليهود في فلسطين !!

ولم يكن في القدس قبل وعد بلفور غير 30  ألف يهودي فقط، إندمج معظمهم مع الفلسطينيين، وتحدثوا لغتهم ومارسوا عاداتهم..ومع الإنتداب البريطاني لفلسطين فتحت الأبواب على مصراعيها أمام هجرة اليهود !! وما حدث  يؤكد رؤية المفكر الراحل الدكتور جمال حمدان، فيلسوف الجغرافيا السياسية، بأن الحركة الصهيونية تعلقت بأذيال الموجة الإستعمارية لتركبها وتستثمر المناخ السياسي الإستعماري العام وصولا إلى تنفيذ مخططاتها الخاصة بإنشاء الدولة اليهودية..وهي نفس رؤية الزعيم العربي الراحل جمال عبد الناصر ـ في كتاب فلسفة الثورة 1954 ـ  « بأن إسرائيل، لم تكن إلاّ أثرا من آثار الإستعمار، فلولا أن فلسطين وقعت تحت الإنتداب البريطاني، ما إستطاعت الصهيونية أن تجد العون على تحقيق فكرة الوطن القومي في فلسطين، ولظلت هذه الفكرة خيالا مجنونا ليس له أي أمل في واقع ».

المؤامرة في أحضان بريطانيا

وكان حاييم وايزمان ـ رئيس المنظمة الصهيونية العالمية، والرئيس الإسرائيلي في بداية تأسيس الدولة ـ أكثر وضوحا في تحديد المواقف والمقاصد، وقد رسم المشاهد الحية التي جرت، وأجواء صناعتها، وراحت كلماته تستكمل صورة للحقيقة تفصيلا بعد تفصيل، في مذكراته التي نشرها في كتاب «التجربة والخطأ» .. يقول وايزمان: () لقد كان يجب أن تساعدنا دولة كبرى، وكان في العالم دولتان تستطيع كل منهما مساعدتنا : ألمانيا وبريطانيا..أما ألمانيا فقد آثرت أن تبتعد عن كل تدخل..وأما بريطانيا فقد أحاطتنا بالرعاية والعطف..ولقد حدث في المؤتمر الصهيوني السادس الذي عقدناه في سويسرا، أن وقف «هرتزل» يعلن يهود الدنيا أن بريطانيا العظمى، وبريطانيا العظمى وحدها دون كل دول الأرض، قد إعترفت باليهود كأمة ذات كيان مستقل، منفصلة عن غيرها، وأننا نحن اليهود خليقون بأن يكون لنا وطن، وبأن تكون لنا دولة.

وقرأ «هرتزل» خطابا من اللورد «لاترسون» نائبا عن الحكومة البريطانية يتضمن هذا المعنى، وكان هذا الخطاب يقدم لنا أرض أوغندا لتكون وطنا قوميا.. وقرر أعضاء المؤتمر قبول هذا العرض، ولكننا بعد ذلك كتمنا أنفاسه في المهد ودفناه دون ضجة، وعادت بريطانيا تريد أن تسترضينا، وعرضت علينا منطقة سيناء، وعلى أثر هذا العرض ألفنا لجنة من عدد كبير من علماء اليهود، سافروا إلى مصر لدراسة منطقة سيناء، وقابلوا في القاهرة اللورد «كرومر» المعتمد البريطاني في مصر، والذي أظهر كل العطف على أمانينا في الوطن القومي..ولكن اللجنة لم تجد في منطقة سيناء ما يفي بالغرض الذي كنا من أجله نريد الوطن القومي.

الثورة الفلسطينية الكبرى 1936

وفي هذه الأجواء، كان الصراع على الشرق الأوسط وفيه مازال مستمرا..وقصته مفتوحة.. وأدرك الفلسطينيون حجم المؤامرة التي تحيط بالوطن، ودور السياسة البريطانية التي تلعب بأقدار المنطقة وبمن عليها، وأن الحارس الواقف على بوابات فلسطين بالإنتداب حتى هذه اللحظة، يمهد الأرض للمستوطينين اليهود والأفواج القادمة منهم، ويغض الطرف تماما عن العمليات الإرهابية العدوانية وممارسات العصابات الصهيونية.. فاندلعت نيران الثورة في فلسطين مع حادث 17 إبريل/ نيسان  1936 حين قتل اليهود إثنين من العمال الفلسطينيين قرب نهر العرجا بقضاء يافا، وأعلن الفلسطينيون الإضراب العام الذي إستمر 176 يوما، إضرابا عاما لم يسبق له مثيل في الوطن العربي، قدم الشعب الفلسطيني خلاله أقصى ما يمكن أن يقدمه شعب مستميت في البسالة والتضحية والثبات والصبر.

فلسطين في عين العاصفة

وعقب الثورة الفلسطينية الكبرى في العام 1936، ظهرت إرهاصات تقسيم فلسطين بين أصحاب الأرض الشرعيين تاريخيا وجغرافيا (الفلسطينيون)، وبين الستوطنين من المهاجرين اليهود، حين صدر تقرير لجنة «اللورد بيل» البريطانية، والذي تضمن أول مقترح لتقسم فلسطين.

وفي العام 1938 صدر تقرير لجنة «وود هيد»، البريطانية حاملا مشروعا مماثلا.. وفي الأسبوع الأخير من شهر يناير / كانون الثاني 1944 كان قرار الكونغرس الأمريكي كاشفا عن تأثير الحركة الصهيونية في الولايات المتحدة الأمريكية، وصدر القرار (بعد مناقشة مشروع قرارين 418 و419 في مجلسي الشيوخ ومجلس النواب) وينص على : «الطلب إلى حكومة الولايات المتحدة بأن تبذل كل مساعيها الحميدة، وأن تقوم بكافة الخطوات الضرورية لفتح أبواب هجرة اليهود إلى فلسطين، وأن يكون لهم الحق في إستعمار هذه البلاد، وإنشاء دولة يهودية حرة ديمقراطية فيها»!!

وفي موقف مضاد لقرار الكونغرس الأمريكي،  كانت وزارة الخارجية الأمريكية قد انتهت في 12 مارس/آذار 1948 من إعداد مسودة اقتراح جديدة تقضي بفرض الوصاية على فلسطين مدة خمس سنوات، يقوم الطرفان خلالها بالتفاوض على حل مقبول، وقيل إن ذلك هو أفضل اقتراح أمريكي في تاريخ فلسطين..وقال «وارن أوستن» سفير أمريكا لدى الأمم المتحدة آنذاك : «إن الولايات المتحدة الأمريكية ترى أن تقسيم فلسطين لم يعد خيارا قابلا للبقاء»، ورحبت الدول الأعضاء في المنظمة الدولية بالاقتراح.

تأثير «اللوبي الصهيوني» على الرئيس «هاري ترومان»

وساد الإحساس بأن قرار التقسيم فشل في جلب السلام إلى فلسطين، وأنه في الحقيقة تسبب في المزيد من نزعات العنف وإراقة الدماء..ومع أن المنطق كان أحد الجوانب الجديرة بمراعاتها بذلك الاقتراح، كان هناك جانب آخر هو الرغبة في عدم معاداة لوبي قوي في أمريكا وهو في هذه الحالة هو الأعظم هيمنة، ولولا نفوذ هذا اللوبي الصهيوني وضغوطه الفاعلة على الرئيس الأمريكي «هاري ترومان» لتغير مسار تاريخ فلسطين تغيرا كبيرا!! وآنذاك عرف اللوبي الصهيوني في المجتمع اليهودي الأمريكي مدى قدرته على التأثير على السياسة الأمريكية في فلسطين وفي منطقة الشرق الأوسط كلها، بعد أن نجح اللوبي الصهيوني في استبعاد وتنحية خبراء الشئون العربية في وزارة الخارجية الأمريكية، ووضع سياسة الشرق الأوسط الأمريكية في أيدي وزارة الدفاع والبيت الأبيض حيث يتمتع اللوبي بنفوذ كبير.

كانت فلسطين في عين العاصفة، وخيوط المؤامرة تزداد تعقيدا  على الخط الممتد من لندن إلى واشنطن، وكانت حركة الأحداث متسارعة لفتح أبواب فلسطين أمام الهجرة اليهودية بإتجاه (المركز) والأطراف..أي « القدس» والقرى والمدن الفلسطينية.. وفي تلك الأجواء بدأت خطوات السطو على جغرافية فلسطين، مع بدايات حرب النكبة العربية الكبرى في 15 مايو/ آيار 1948 .

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]