في ذكرى ميلاد زعيم استثنائي.. الأمة العربية كانت على موعد مع التاريخ

اكتشفت الأمة العربية، أنها كانت على موعد مع التاريخ في ذلك المساء من يوم الخامس عشر من يناير / كانون الثاني 1918 حين ولد الطفل الأول لموظف «البريد» الصعيدي البسيط عبد الناصر حسين خليل، وفي ليلة غيرت كل شيء بعد 34 عاما في مصر والوطن العربي، كانت مصر على موعد مع (رجل العدالة الاجتماعية ونصير الفقراء).. كان العرب على موعد مع (رجل القومية العربية).. وكانت أفريقيا على موعد مع (رجل التحرير).. وعلى الجانب الآخر من الكرة الأرضية كانت أمريكا اللاتينية أيضا على موعد مع (رجل الثورة..النموذج والقدوة).

 

لم يكن أحد يعلم الغيب حتى يدرك أن هذا الطفل سوف يقوم بدور استثنائي عظيم يسنده إليه القدر، وإن كان الكاتبان الفرنسيان جاك دومال وماري لوروا، قد استشهدا بواقعة انفجار المظاهرات عام 1930 ضد دستور إسماعيل صدقي رئيس الوزراء المصري، حين وقع «غلام» لا يتجاوز عمره الثانية عشرة، تحت ضربات أحد رجال الشرطة فنهض من جديد وعاد إلى منزله والدماء تسيل من وجه، كان اسم الغلام جمال عبد الناصر وهو على بعد أكثر من 1000 كيلو متر من قريته «بني مر» في صعيد مصر، وكانت الإشارة الأولى كما يرى جاك دومال وماري لوروا، لغلام يتسم بالحيوية والشهامة وبحرارة الدم المميزة لأهل الصعيد، وهو نفس الشاب الذي أصبح رئيسا لمصر ويرسل خطابا إلى أستاذه في اللغة العربية محمد أحمد القوراني، يشكره فيه لدروسه في القومية العربية، وفي زمن لم تكن القومية المصرية تسير على خط متلاق مع القومية العربية.

وهي إشارات تاريخية، ترجمها فيما بعد أديب فرنسا الكبير أندريه مالرو، بالقول إن «عبد الناصر كان تجسيدا لأمته في مرحلة تحول هام، وكان وسوف يبقى لسنوات لا نستطيع من الآن أن نرى مداها، تجسيدا في الحياة لمصر والأمة العربية»..وحين تجسد موعد التاريخ في صورة شاب ـ 34 سنة ـ يقود ثورة الضباط الأحرار، ويصبح رئيسا لمصر، بدأت رياح التغيير تهب على العالم العربي، ولم يعد منطقة يمكن أن يتخذ بشأنها القرارات في خارجها ، كما كان، وحتى لو حدث كان الرجل يحبط كل محاولة في مهدها، ويقلب الطاولة على المشاركين ومن بينهم أطراف عربية،  كان هواها غربيا !!

 

ربما كان الشخص الوحيد الذي استشرف مبكرا جدا الموعد مع القدر، هو الحاج حسين خليل، والذي كان يعتقد أن حفيده جمال، سوف يكون له شأن آخر في بر مصر، وأذكر ما قاله الحاج طه حسين عم الزعيم الراحل، ونحن في ضيافته بقرية بني مر، إن والده كان شديد التعلق بجمال «حفيده» حين نقل والده عبد الناصر إلى مكتب بريد أسيوط في عام 1921 وبقي في القرية أكثر من عامين، لم يفارق جمال جده الذي تنبأ له بـ «مستقبل ذي شأن خطير»، كان جمال ابن الثالثة من عمره تقريبا وقتئذ، وكان الجميع يتصور أن تنبؤات «الجد» هي  من فرط حبه لحفيده، ولكنه يقول لأبنائه تذكروا ما أقوله بعد رحيلي. وصدقت تنبؤات الرجل الطيب.

كانت مصر على موعد مع القدر، وهي تعاني ظلما وقهرا، وسوء توزيع لثروات الوطن، وغياب للعدالة الاجتماعية، وقد بلغت نسبة الفقر والأمية 90% من أبناء الشعب المصرى، ومعدلات المرض حققت أرقامــا قياسية حتى أن 45% من المصريين كانوا مصابين بالبلهارسيا، وغيرها من مختلف الأمراض التى تنتج عن سوء التغذية، وكانت نسبة المعدمين من سكان الريف 80% من جملة السكان عام 1952.. وكان المشروع القومي وقتئذ هو «القضاء على الحفاء» فغالبية الشعب المصري كانوا من الحفاة، وخاصة في الأرياف والأقاليم، وكانت نسبة البطالة بين الـمصريين 46% من تعداد الشعب، فى الوقت الذى كان يعمل فيه الغالبية فى وظائف دنيا ــ سُعاة وفراشين ــ وكانت آخـر ميزانية للدولة عام 1952 تظهــر عجزًا قــدره 39 مليون جنيه، فى حين كانت مخصصات الاستثمار فى المشروعات الجديدة طبقـًـا للميزانية سواء بواسطة الدولة أو القطاع الخاص صفرًا، فقد  كان الاقتصاد المصرى متخلفــا وتابعا للاحتـكارات الرأسمالية الأجنبية، يسيطر عليه بضع عشرات، أو مئات على أقصى تقدير !!

 

 

كانت تلك أبرز ملامح الصورة لمصر حين تولي الشاب جمال عبد الناصر ـ 34 سنة ـ مسؤولية إنقاذ الوطن،  وكانت الأمة العربية، ومن الساحل إلى الساحل، من شواطىء البحار وحتى حواف الرمال، في حالة أسوأ من الغياب، ثم كان موعد الأمة مع القدر، حين أعطى الشاب أمته يقينا متجددا بأنها موجودة، وأعطى لهذا اليقين المتجدد بالوجود حركته التاريخية ، وأنجز بهذه الحركة مهاما كبيرة على أرضها وحول أرضها وفي العالم.

كان عبد الناصر أول رئيس مصري «منتخب» يحكم مصر منذ أكثر من ألفي عام.. أنهى الاحتلال البريطانى..أنشأ الجمهورية..استرد الأرض من 300 أسرة أصولها غير مصرية كان محمد على باشا اقتطعها من المصريين وسلمها للمحظيين، لذا جاء لفظ اقطاعى..أنشا الرياح الناصرى وهو فرع النيل الثالث..استصلح اثنين مليون فدان..لم تنقص مساحة الأرض فدانا فى عهده، وبعده ضاع ثلثها للبناء العشوائي عليها..أنشا السد العالى فحمى مصر من الفيضان والحفاف وولد الكهرباء وصارت الدولة الوحيدة فى العالم التى تزرع أربعة محاصيل سنويا..أقام ثلاثة ألاف مصنع..أمم قناة السويس..أنشا قطاع البترول والمركز القومى للبحوث..أنشا التأمينات والمعاشات، وقبله كان المتقاعد الحكومى والخاص يموت من الجوع بلا معاش..ولم تعرف مصر في عهده كلمة الفتنة الطائفية.

 

 

وإذا كانت الحركة التاريخية التي قادها جمال عبد الناصر قد أثرت في منطقة تجاوزت حدود الدوائر الثلاث العربية والأفريقية والإسلامية..فإن دوره بالأساس كان يعتمد على الوعي الاستراتيجي بأحكام دور مصر، وبمصلحة مصر الاستراتيجية..ولذلك لايزال الرجل متفردا بزعامته في وجدان الأمة، وأن يتحرك خاطرا يحوم حولها كل يوم ، وطوال تلك السنوات التي لا نعرف لها نهاية..والزعماء خالدون بما أعطوا، وبما تركوا، وبما رسخوا من مبادئ وقيم ومواقف..وفي جانب كبير من هذه الصورة كانت حياته ملكا لأمته وقارته الأفريقية، وكانت أفعاله أقوى وأمضى من كل الأفعال.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]