في سابقة تاريخية.. مصر تنتصر بعد 21 يومًا فقط من الهزيمة

رصدت الأكاديميات والمؤسسات البحثية الأمنية والعسكرية، ومراكز الدراسات الاستراتيجية في (لندن وباريس وبرلين)، عقب حرب الأيام الستة بين مصر وإسرائيل، ما وصفته برفض مصر للهزيمة، بحسب دراسة عسكرية نشرت في باريس في شهر سبتمبر/ أيلول 1967، واستخدمت تعبير «انتفاضة الإرادة» المصرية عقب ساعات من هزيمة يونيو/حزيران 1967، وكيف رفض الشعب المصري الاعتراف بالهزيمة، وكيف رفض ـ في سابقة تاريخيةـ أن يتنحى رئيس الجمهورية الذي تحمّل المسؤولية كاملة، عن الهزيمة، وكيف تمسك الشعب بقائد خسر المعركة، وخرجت موجات متلاحمة من الجماهير يومي 9 و10 يونيو/ حزيران، ترفض تنحي الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، وترفع شعار «سنقاتل».

  • وفي ذلك التوقيت بعد نكسة 1967 كان القرار المصري بقبول التحدي، والقرار بالطبع مرادف دقيق لمعنى الإرادة المصرية، وهي خارج حسابات الهزيمة.. مما دفع  وزير الجيش الإسرائيلي، وقتئذ، موشى ديان للتساؤل ـوهذا مسجل في وثائق المؤسسة العسكرية الإسرائيليةـ ما هو السر؟ كيف استطاع المصريون أن يتحرروا من سجن الهزيمة؟

النصر فى ساحات القتال معناه كسر إرادة الخصم

بعد أيام من نكسة الخامس من يونيو/حزيران 1967، كان التساؤل داخل الدوائر العسكرية: كيف تحرر المصريون من سجن الهزيمة؟! ويقول خبراء عسكريون مصريون، إذا كانت الحرب «حطمت القوة المسلحة لمصر»، لكنها «لم تحطم الإرادة المصرية»، وفي منطق الصراع وقانونه، فإن الهزيمة تعني تسليم طرف بالكامل لطرف آخر، فإذا رفض هذا الطرف أن يسلم وهو مالك لإرادته، فهو إذن غير مهزوم، والنصر فى ساحات القتال معناه كسر إرادة الخصم.. وأكثر من هذا فإن هذا الطرف إذا صمم على المقاومة وأعطى لنفسه إمكانية العودة باقتدار إلى ميدان الصراع، فهو إذن لم ينهزم بل هو ـ أكثر من ذلك ـ استعاد لقوته فرصتها من جديد حتى في إحراز النصر.

انتصار «رأس العش»

وتشير مراكز بحثية ألمانية، متخصصة في مجال الدراسات والبحوث والأوراق البحثية العسكرية والأمنية والاستراتيجية الدولية، إلى أن  الإنسان المصري الجريح، بدأ سلسلة من العمليات العسكرية الناجحة بعد ثلاثة أسابيع فقط من تاريخ الهزيمة.. ففي الساعات الأولى من صباح 1 يوليو/ تموز 1967 بدأت معركة «رأس العش»، حين تقدمت قوة مدرعة إسرائيلية على امتداد الضفة الشرقية لقناة السويس، من القنطرة شرق في اتجاه الشمال، بغرض الوصول إلى ضاحية بور فؤاد المواجهة لمدينة بورسعيد  على الجانب الآخر للقناة، كان الهدف احتلال بور فؤاد، وكانت المنطقة الوحيدة في سيناء التي لم تحتلها إسرائيل، وتهديد بورسعيد ووضعها تحت رحمة الاحتلال الإسرائيلي.

  • وعندما وصلت القوات الإسرائيلية إلى منطقة «رأس العش» جنوب بورفؤاد، وجدت قوة مصرية محدودة من قوات الصاعقة المصرية، عددها ثلاثين مقاتلًا مزودين بأسلحة خفيفة. في حين كانت القوة الإسرائيلية تتكون من عشر دبابات، مدعومة بقوة مشاة  ميكانيكية في عربات نصف مجنزرة،  وفوجئت القوة الإسرائيلية بصمود ومقاومة القوات المصرية التي أنزلت بها خسائر كبيرة في المعدات والأفراد، وأجبرتها على التراجع جنوبًا.. ثم عاود جيش الاحتلال الهجوم مرة أخرى، إلا أنه فشل في اقتحام الموقع بالمواجهة أو الالتفاف من الجانب، وكانت النتيجة تدمير بعض العربات نصف المجنزرة وزيادة خسائر الأفراد، وأضطرت القوة الإسرائيلية للانسحاب.بعد الهزيمة، ولم تحاول إسرائيل بعد ذلك محاولة احتلال بورفؤاد  مرة أخرى.

إغراق المدمرة الإسرائيلية «إيلات» ومن عليها (100 فرد ودفعة من طلبة الكلية البحرية)

وبعد أربعة شهور ونصف تقريبا،  من تاريخ هزيمة يونيو/حزيران، تلقت إسرائيل صدمة إغراق المدمرة الإسرائيلية «إيلات» بصاروخين  من طراز «ستايكس» (صواريخ بحرية سطح ـ سطح)  مما أثار اهتمامات وأبحاث معاهد الفكر العسكري، فقد كانت العملية البحرية المصرية هي الأولى من نوعها في تاريخ الحروب البحرية، وبداية مرحلة جديدة من مراحل تطوير الأسلحة البحرية، واسترتيجيات القتال البحرى في العالم، فقد تم في هذه العملية تدمير مدمرة حربية كبيرة بلنش صواريخ للمرة الأولى في التاريخ. وكانت البداية صباح يوم 21 أكتوبر/ تشرين الأول 1967 مع متابعة تحركات المدمرة الإسرائيلية إيلات، قرب المياه الإقليمية لمصر في المنطقة شمال بورسعيد.

  • استمرت المدمرة الإسرائيلية إيلات في العربدة داخل المياة الإقليمية المصرية ليلة 21 أكتوبر/ تشرين الأول 1967 في تحدٍ سافرٍ، ما تطلب من البحرية المصرية ضبطًا بالغًا للنفس، إلى أن صدرت توجيهات لقيادة القوات البحرية بتدمير المدمرة إيلات، وعلى الفور جهز قائد القاعدة البحرية في بور سعيد لنشين من صواريخ «كومر» السوفيتية، والجدير بالذكر أن لنش كومر مجهز بصاروخين «سطح – سطح»، من طراز «ستايكس»، الذي تزن رأسه المدمرة واحد طن، وكانت إجراءات الاستطلاع والتجهيز بالصواريخ قد تمت في القاعدة البحرية قبل الخروج لتدمير الهدف.
  • وبمجرد أن صدرت أوامر قائد القوات البحرية بتدميرالمدمرة عند دخولها المياه الإقليمية، خرج لنشان صاروخيان من قاعدة بورسعيد لتنفيذ المهمة. هجم اللنش الأول بإطلاق صاروخ أصاب جانب المدمرة إصابة مباشرة فأخذت تميل على جانبها، فلاحقها بالصاروخ الثاني فتم إغراق المدمرة الإسرائيلية «إيلات» على مسافة تبعد 11 ميلاً بحريًا شمال شرق بورسعيد، بعد الخامسة مساء يوم 21 أكتوبر/ تشرين الأول 1967، وعليها طاقمها الذي يتكون من نحو 100 فرد، إضافة إلى دفعة من طلبة الكلية البحرية، كانت على ظهرها في رحلة تدريبية.

تدمير الغواصة الإسرائيلية «داكار» و78 ضابطًا وبحارًا إسرائيليًا

وبعد 7 أشهر فقط من تاريخ الهزيمة.. أُقيم احتفال في ميناء «بورت سميث» الإنجليزي يوم 9 يناير/ كانون الثاني 1968، بمناسبة بدء إبحار الغواصتين الجديدتين «داكار» و«دولفين» من انجلترا، لدعم قوات إسرائيل  البحرية. وبعد بضع ساعات، تلقت الغواصة «داكار» أوامر جديدة بالاتجاه إلى الشواطئ البحرية، وتحديدًا إلى ميناء الإسكندرية، للتجسس علي أحواض لنشات الصواريخ المصرية، بمقر قيادة القوات البحرية المصرية، ومهاجمة قطع بحرية كان من المقرر أن يستقلها الرئيس جمال عبد الناصر صباح يوم 25 يناير/ كانون الثاني، لمشاهدة مناورة لوحدات البحرية المصرية، وعلى الفور جنحت الغواصة الإسرائيلية إلى الشواطئ المصرية، واقتربت جدًا من ميناء الإسكندرية، وفي يوم 23 يناير/ كانون الثاني 1968 أرسل قائدها رسالة من كلمة واحدة إلى قادته في «تل أبيب»، تقول «تمام».

  • وكان قد تم تحديد مكان الغواصة بدقة، ومحاصرتها دائريًا، وصدر أمر إلى المدمرات بإلقاء قذائف الأعماق داخل نطاق الهدف، وبدأت المدمرات بإلقاء القذائف واحدة تلو الأخري وبأعداد كبيرة،  وهبطت «الغواصة داكار» إلى  أقصى عمق ممكن لتفادي الصدمة الانفجارية، لكن هذه الإجراءات لم تفلح كمحاولة للهروب من العبوات الانفجارية المصرية، وتوقفت قطع البحرية المصرية عن إلقاء حممها بالمياه، بعدما تأكدت ردارات الرصد السمعية، بأنه لم يعد هناك أصوات أو إشارات لاسلكية تصدر من الغواصة، التي بدأت بالانزلاق إلى أعماق بعيدة تتكفل وحدها بسحق الغواصة ومن فيها، وبعد عدة ساعات شوهدت بقع زيتية ومخلفات تطفو علي سطح المياه، مما قطع الشك باليقين أن الغواصة قد قُضي عليها، وتحولت إلى مقبرة حديدية تضم 78 ضابطًا وبحارًا إسرائيليًا.

 

وفي مساء 25 يناير/كانون الثاني 1968، أي بعد 48 ساعة كاملة من اختفاء «داكار»، وقف وزير الحرب الإسرائيلي أمام الكنيست ليقول: «بكل الحزن والأسف، أبلغ الشعب الإسرائيلي بفقدان الغواصة داكار!! وكان طلب المساعدة في البحث عن الغواصة داكار أحد المطالب الأساسية التي تقدمت بها إسرائيل إلى الرئيس المصري الراحل أنور السادات، خلال مرحلة التفاوض التي أدت في ما بعد إلى توقيع اتفاقية كامب ديفيد عام 1979 بين السادات ومناحيم بيغين، رئيس الوزراء الاسرائيلى الأسبق. وبالفعل سمحت القيادة المصرية لإسرائيل بالبحث ست مرات على الأقل عن حطام الغواصة المفقودة، شاركت في إحداها وحدات تابعة لقوات البحرية الأمريكية «المارينيزۛ».. دون جدوى.

تدمير السفينة «بيت شيفع» وناقلة الجنود «بات بام» والرصيف الحربي لميناء إيلات

خلال الأيام الأولى من صدمة النكسة.. عبر جنود الضفادع البشرية مسافة 24 كيلومترًا لشن الغارات المصرية على ميناء إيلات الإسرائيلي، وهي ثلاث عمليات عسكرية بحرية أسفرت عن تدمير السفينة « بيت شيفع»، وناقلة الجنود «بات بام»، والرصيف الحربي لميناء إيلات..وكان لهذه العمليات أيضاً أهمية أخرى وهي اعادة الروح المعنوية ليس للقوات المسلحة فقط ولكن للمصريين جميعاً..ولم  تتصور إسرائيل أن يتم استهدافها في عقر دارها.

كيف استطاع المصريون أن يتحرروا من سجن الهزيمة؟

ويؤكد خبراء عسكريون، أن هناك دروسا مستفادة، وهناك تجربة تناولتها دراسات عسكرية غربية، عن جيش يعيد بناء نفسه من الصفر ـ بعد نكسة 5 يونيو/ حزيران 1967 ـ ليكون مستعدًا لخوض معركة النصر، بعد ثلاث سنوات ونصف السنة فقط، حيث وضعت خطة «جرانيت 1» ثم «جرانيت 2»، وهي التي عُدّلت بعد سنة لتحمل خطة الفريق سعد الدين الشاذلي «المآذن العالية»، وتسجل عبور مصر لهزيمة 67.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]