قرابة 500 أسير مقدسي في سجون الاحتلال
يقبع في سجون الاحتلال الإسرائيلي نحو 500 أسير مقدسي من بين نحو 4600 أسير فلسطيني تعتقلهم سلطات الاحتلال في سجونها.
أوضح عبدالناصر فروانة، المختص في شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين، أن سلطات الاحتلال تعتقل نحو 500 أسير مقدسي في سجونها، ومن بينهم 48 طفلا و13 فتاة وامرأة، و42 أسيرا يقضون أحكاماً بالسجن المؤبد “مدى الحياة”، وبينهم من مضى على اعتقالهم ما يزيد عن 30 عاما وأكثر.
وبين فروانة، لموقع “الغد”، أن سلطات الاحتلال تختلق ذرائع متعددة لاعتقال الفلسطينيين المقدسيين، معتبرة أن اعتقالهم وسجنهم والأحكام الصادرة بحقهم والعقوبات المفروضة عليهم شأنا داخليا، وأن القانون الإسرائيلي ينطبق عليهم، شأنهم شأن السجناء اليهود، ولا يحق لأية جهة فلسطينية أو عربية التدخل في شؤونهم ومساعدتهم، أو المطالبة بإطلاق سراحهم، في محاولة إسرائيلية لفصل قضية القدس، أرضا وسكانا، عن جوهر الصراع.
وقال “على الرغم من ذلك، فإن الفلسطينيين نجحوا أكثر من مرة في إطلاق سراح أسرى من القدس بموجب صفقات التبادل، أو في إطار المفاوضات السياسية”.
وأضاف أن سلطات الاحتلال تعامل الأسرى كفلسطينيين في أثناء الاعتقال، وتمارس بحقهم التعذيب الجسدي والنفسي، والإهمال الطبي المتعمد، وتعرضهم للعزل الانفرادي، والحرمان من الزيارات تحت ذرائع متعددة، وتحتجزهم في ظروف صعبة، وتعاملهم معاملة قاسية، وتسعى دائماً للتضييق عليهم والاستفراد بهم، وعزلهم عن الأسرى الفلسطينيين الآخرين، وتتنصل من حقوقهم”.
وأشار إلى أن سلطات الاحتلال صعدت مؤخرا من ملاحقة المقدسيين، وخصوصا الأسرى المحررين والنشطاء والقيادات السياسية والمجتمعية، وفرضت إقامة جبرية على العديد منهم، وأصدرت قرارات بإبعاد آخرين إلى خارج حدود المدينة المقدسة، ومنعت الكثيرين من السفر، وصادرت أموالا وأغلقت حسابات بنكية لأسرى وأسرى محررين مقدسيين بحجة تلقي الأموال من جهات “إرهابية”، بحسب تعبير الاحتلال، والمقصود السلطة الفلسطينية أو فصائل فلسطينية.
وقال “وعلى الرغم من ذلك، فإن المقدسيين أبدوا إصرارا على التمسك بحقوقهم وانتمائهم الوطني في مواجهة المحتل، وقدموا نماذج كثيرة شكلت أعمدة أساسية لكفاح الشعب الفلسطيني”.
كما حرص الأسرى والمعتقلون المقدسيون على أن يكونوا جزءا أصيلا من الحركة الوطنية الأسيرة ونضالاتها، وارتقى منهم 18 أسيرا شهداء خلف القضبان منذ سنة 1967، فحُفرت أسماؤهم في سجل الخالدين، أمثال: قاسم أبو عكر، إسحق مراغة، عمر القاسم، مصطفى العكاوي، حسين عبيدات، محمد أبو هدوان, جمعة موسى، وغيرهم”.
وسجلت 14 ألف حالة اعتقال في صفوف المقدسيين منذ هبّة القدس في الأول من أكتوبر 2015 ، منهم نحو 2784 فلسطينياً تم اعتقالهم من القدس خلال العام المنصرم 2021، وهؤلاء يشكلون قرابة 35% من إجمالي الاعتقالات في كافة المناطق الفلسطينية خلال العام نفسه. وزيادة قدرها 41% عمّا سُجّل من اعتقالات في القدس خلال العام الذي سبقه.
وبخصوص النساء والأطفال، كان الاستهداف لافتاً، إذ سُجّل اعتقال 120 فتاة وامرأة من القدس، ويشكلن ثلثي إجمالي النساء الفلسطينيات اللواتي اعتُقلن خلال سنة 2021، وبزيادة قدرها 20% عمّا سُجّل من اعتقالات في صفوف النساء في القدس خلال العام الذي سبقه.
أمّا الأطفال فكان لهم نصيب أقسى، إذ رصدت هيئة شؤون الأسرى والمؤسسات المختصة في تقريرها السنوي اعتقال أكثر من 1300 طفل في كافة المناطق الفلسطينية خلال العام المنصرم، أغلبيتهم من القدس، نحو 750 طفلاً! بينما الأخطر أن هذا العدد شكّل زيادة تفوق ضعف ما سُجّل من اعتقالات في صفوف الأطفال المقدسيين خلال العام الذي سبقه 2020، والذي سُجّل فيه اعتقال 363 طفلاً من القدس.
إن المعطيات الإحصائية الواردة أعلاه خطِرة للغاية، وهي تندرج في إطار التصعيد الإسرائيلي اللافت بحق المقدسيين، بينما الأرقام المتعلقة بالأطفال المقدسيين خصوصاً تدفعنا إلى تسليط الضوء عليهم قليلاً، إذ تتفاقم معاناتهم ومعاناة عائلاتهم بحسب فروانة.
وقال “إن الأرقام تتحدث عن نفسها، وشهادات الأطفال تؤكد بشاعة المحتل، والوقائع تدلل على أن دولة الاحتلال لم تستثنِ الأطفال المقدسيين من اعتقالاتها فحسب، وإنما صعّدت استهدافها لهم وسلب حريتهم وتقييد حركتهم وإجراءاتها التعسفية بحقهم، واستمرت في الزجّ بهم في سجونها ومعتقلاتها ضمن ظروف سيئة جداً، وتعاملهم بقسوة وتحرمهم أبسط حقوقهم، كالحق في العلاج والتعليم وانتظام الزيارات. وتفرض عليهم أحكاماً جائرة تكون مقرونة بغرامات مالية باهظة، ونكاد نجزم أن كافة الأحكام التي صدرت بحق الأطفال المقدسيين خلال الأعوام الأخيرة كانت مقرونة بفرض غرامة مالية، وهو ما شكّل عبئاً اقتصادياً إضافياً على كاهل الأسر المقدسية”.
ولعل الأخطر، بحسب فروانة، هي ظاهرة “الحبس المنزلي” الآخذة بالاتساع في القدس، الأمر الذي جعل مئات البيوت الفلسطينية سجوناً، وحوّل الأهالي إلى مراقبين لتحركات أبنائهم القُصّر، وسجّانين لهم حتى لا يتخطوا البوابة الخارجية للمنزل، تنفيذاً لشروط الإفراج التي فرضتها عليهم المحاكم الإسرائيلية، وتجنباً لاعتقال الكفيل بتهمة خرق “الاتفاق” وبنود الحكم وما وقّع عليه من تعهد، الأمر الذي أدى إلى بروز الكثير من المشكلات.
وطالب فروانة الجميع بالتحرّك لتحسين أوضاعهم وتثبيت حقوقهم وتعزيز صمودهم وتحرير أسراهم، وحماية أطفالهم ونسائهم من بطش المحتل، إذ لا يمكن الفصل بين تحرير القدس ودعم الفلسطيني المقيم بها، فالترابط وثيق، والعمل من أجل حرية القدس وأهلها واجب وطني وديني، فالقدس وأبناؤها في دائرة الخطر.