قصة الصليب.. من الخيانة إلى القيامة

يحتفل الإخوة من مسيحييّ الشرق، اليوم الأحد، بعيد القيامة المجيد.. ورغم حصار وباء كورونا «كوفيد ـ 19» القاتل، الذي فرض أحكامه وقيوده على العالم بأسره، إلا أن الطقوس والشعائر الدينية تبقى دائما في الوجدان لتحييّ نفحات إيمانية، وتعيد ترانيم وتراتيل آيات ورموز و شواهد تاريخية.. وكان عيد القيامة المجيد، وفقا للعقيدة المسيحية، أكثر ارتباطا بـ«الصليب» ومنذ لحظة الخيانة التاريخية الكبرى بفعل يهوذا الإسخربوطي، وحتى معجزة القيامة الكبرى.

 


كان حقد الطائفة اليهودية على المسيح عيسى بن مريم ـ عليهما السلام ـ بداية الأحزان، حيث كانت شعبية «يسوع» المتزايدة تثير قلق أحبار اليهود الذين خلصوا إلى نتيجة مفادها وجوب موته خوفًا من ثورة سياسية ضد الحكم الروماني تفضي إلى تدمير الحكم الذاتي الذي يتمتع به المجتمع اليهودي؛حسب الإنجيل، فقد أخذ يهوذا الإسخربوطي، أحد تلاميذ السيد المسيح الاثنى عشر مبلغا من «السنهدريم» ـ مجلس اليهود الكبيرـ استعداداً لتسليمه، وفي يوم الخميس بعد عشاء الفصح التقليدي الذي أقامه يسوع مع التلاميذ وبينما كان يصلي في بستان جثيماني،  تقدم الإسخريوطي مع حشد من الجند الرومان و ألقوا القبض عليه.

وقبل حوالي ألفي عام وخلال عهد الإمبراطور الروماني بيلاطس البنطي، تم القبض على السيد المسيح حين كان برفقة تلاميذه: بطرس ويوحنا ويعقوب، ووفقاً للإنجيل، فإن يسوع رفض المقاومة وسمح بالقبض عليه من قبل الجنود الرومان، حيث قال لأحد تلاميذه عندما حاول الدفاع عنه بالقوة، «ردّ سيفك إلى غمده! فإن الذين يلجأون إلى السيف، بالسيف يهلكون».

 

 

وفي اليوم التالي، عقد السنهدريم اجتماعًا رسميًا بكامل أعضاءه، وأقر عقوبة الموت التي حصرها القانون بين الحاكم الروماني، ولذلك سيق يسوع إلى بيلاطس البنطي المتواجد في القدس للإشراف على الأمن في عيد الفصح..استجوب بيلاطس يسوع مرتين وأرسله إلى هيرودوس أنتيباس،  حاكم الجليل، وعبّر صراحة أنه لا يجد فيه ذنبًا، ولكن تحت ضغط أحبار اليهود  سلّمه ليصلب.

  •  خرج «يسوع» حاملاً صليبه من دار الولاية إلى تل الجلجثة، ولم يستطع أن يكمل الطريق بسبب الآلام التي ذاقها نتيجة الجلد بالسوط الثلاثي وما استتبع ذلك من إهانات وتعذيب من قبل الجند الرومان كوضع تاج من شوك على رأسه..وفي الجلجلة صلب يسوع مع لصين ورفض أن يشرب خل ممزوج بمر لتخفيف من الآلام التي يعانيها في حين وضعت فوقه لافتة تتهمه بوصفه «ملك اليهود»، واستمرّ نزاع يسوع على الصليب ثلاث ساعات، تفصّل الأناجيل أحداثها كالحديث مع اللصين المصلوبين معه وحواره مع أمه مريم البتول، ويوحنا الإنجيلي.

كنيسة الجلد

وهي كنيسة كاثوليكية تقع في الحي الإسلامي في البلدة القديمة من القدس، بالقرب من بوابة القديس ستيفن، ويطلق عليها أيضاً اسم «كنيسة حبس المسيح»، وسُميت الكنيسة بهذا الاسم، لأنها تكرس المكان الذي اقتيد فيه يسوع المسيح قبل تقديمه للمجمع اليهودي لمحاكمته، وبعدها تعرّض للجلد من قبل الجنود الرومان، مروراً بمحاكمة أخرى حكمت على المسيح بالموت صلباً..وتسرد أحد أسوار كنيسة الجلد حواراً بين بيلاطس ويسوع، حيث استدعاه بيلاطس وقال له: هل أنت ملك اليهود؟ أجاب يسوع: الآخرون لك عني؟ وسأل بيلاطس: ماذا فعلت؟، أجاب يسوع: مملكتي ليست في هذا العالم. فقال له بيلاطس: إذن فأنت ملك؟ أجاب يسوع: أنت تقول إني ملك لهذا ولدت، ولهذا جئت إلى العالم لأشهد للحق، ثم أخذ بيلاطس يسوع وجلده، وضفر الجنود الرومان إكليلاً من شوك ووضعوه على رأس المسيح، وألبسوه رداء أرجوانياً (عباءة خارجية قصيره يرتديها الملوك والقضاة والضباط والأباطرة باختلاف اللون).

  • ووفقاً للكتب المسيحية، فإن محاكمة السيد المسيح تمت على مرحلتين وأمام سلطتين مختلفتين محكمة يهودية وأخرى رومانية، وتمسك المسيح بعدم الدفاع عن نفسه، حيث أصدرت المحكمة اليهودية قراراً بإعدام المسيح رجماً بالحجارة بحجة عزمه على هدم الهيكل المقدس، بينما ألصق الرومان بالمسيح اتهامات تتعلق بالتحريض على الفتنة، ومعاداة القيصر..ووفقاً للكتاب المقدس فإن الرجم بشكل عام لم يكن ممكناً حسب القانون الروماني، إلا بقرار من القيصر الروماني، وتم تعديل العقوبة من الرجم إلى الصلب في يوم عيد الفصح، نظراً لأن هذه العقوبة تلحق بصاحبها العار والفضيحة أبد الدهر، حيث رغبت السلطات اليهودية والرومانية إساءة سمعة يسوع أمام أنصاره.

قبل بداية مساء الجمعة وهو بداية سبت اليهود، أنزل يسوع عن الصليب بناءً على طلب يوسف الرامي، ودفن في قبر جديد في بستان الزيتون وكانت بعض النسوة اللواتي تبعنه حتى الصليب ينظرن موقع دفنه أيضًا ليكنّ فجر الأحد ( عيد القيامة المجيد) ،أولى المبشرات بقيامته حسب رواية العهد الجديد.

 

قصة البحث عن الصليب

ويقول المؤرخون ،إنه قبل نحو 1700 عام (في العام 326 م)،ارادت الملكة هيلانـة أن تعرف مصير الصليب المقـدس، الذي صلب عليه المسيح، حيث رأت في منامها حلماً، أنبأها بأنها هي التي ستكشف عن الصليب، وقد شجعها ابنها الإمبراطور قسطنطين على رحلتها إلى القدس(اورشليم)،وأرسل معها قوة من الجند قوامها ثلاثة آلاف جندي ليكونوا في خدمتها.. وفي القدس أرشدها البطريرك مكاريوس، إلى رجل طاعن في السن، وكان خبيراً بالتاريخ والأحداث، وسألته الملكة عن صليب المسيح، فأنكر في مبدأ الأمر معرفته به وبمكانه، فلما شددّت عليه الطلب وهددته ثم توعدته إن لم يكاشفها بالحقيقة، فاضطر إلى أن يرشدها إلى الموضع الحقيقي للصليب، وهو «كوم الجلجثة»، بالقرب من معبد فينوس، وهو بعينه المكان الذي تقوم علية الآن كنيسة القيامة في القدس العربية المحتلة.

وبعد أن أمرت الملكة هيلانة بإزالة التل، انكشفت المغارة وعثروا فيها على ثلاثة صلبان , وكان لابد لهم أن يتوقعوا أن تكون الصلبان الثلاثة : هي صليب المسيح يسوع، وصليب اللص الذي صلب عن يمينه، وصليب اللص الذي صلب عن يساره، وقد عثروا كذلك على المسامير , وعلى بعض أدوات الصلب، كما عثروا على اللوحة التي كانت موضوعة فوق صليب المسيح ومكتوب عليها – يسوع الناصري ملك اليهود – ويبدو أن هذه الصلبان الثلاثة كانت في حجم واحد، ومتشابهة، حتى أن الملكة ومن معها عجزوا عن التعرف على صليب المسيح يسوع من بينها، وبعد ذلك استطاعت الملكة بمشورة البطريرك مكاريوس، أن تميز صليب المسيح بعد أن وضعت الصلبان الثلاثة، الواحد بعد الآخر، على جثمان ميت، فعندما وضع الصليب الأول والثاني لم يحدث شيء، وعندما وضع الصليب الثالث، عادت للميت الحياة بأعجوبة باهرة، وبعد ذلك وضعوا الصليب على امرأة مريضة فشفيت في الحال، عندئذ رفع البطريرك مكاريوس خشبة الصليب ليراها جميع الحاضرين وهم يرتلون ودموع الفرح تنهمر من عيونهم، ثم رفعت القديسة هيلانه الصليب المقدس على جبل الجلجلة.

  • وتكريماً للصليب المقدس، غلفته بالذهب الخالص، ولفته بالحرير، ووضعته في خزانة من الفضة في القدس، وأرسلت القديسة هيلانة قسماً من الصليب والمسامير إلى قسطنطين وأبقت القسم الباقي في كنيسة القيامة التي أمر الملك قسطنطين ببنائها في نفس موضع الصليب على جبل الجلجثة، وسميت بكنيسة القيامة (وتسمى كنيسة القبر أيضا) ووضع فيها الصليب.

 كنيسة القيامة

تقع كنيسة القيامة أو كنيسة القبر المقدس، داخل أسوار البلدة القديمة في القدس المحتلة، وبنيت فوق «الجلجلة» وهي مكان الصخرة التي يعتقد أن المسيح ـ عليه السلام ـ صلب عليها، وتحتوي الكنيسة على المكان الذي دفن فيها المسيح  واسمه  القبر المقدس.. وسُمّيت كنيسة القيامة بهذا الاسم نسبة إلى قيامة يسوع المسيح من بين الأموات في اليوم الثالث من الأحداث التي أدت إلى موته على  الصليب، بحسب  العقيدة  المسيحية.. بدأ بناء الكنيسة في عام 325 ميلاديا وانتهى البناء عام 335، ويصطف الزوار أمام باب قبر المسيح بالساعات لكي يتسنى لهم الدخول للحظات قليلة للتبارك بالمكان المقدس من الداخل.

  • ولد عيسى بن مريم (السيد المسيح ـ عليه السلام) في بيت لحم، وترعرع في الناصرة، وصلب وعذب في القدس.. وإذا كان وصف النبي محمد ـ صلى الله  عليه وسلم ـ أنه النبي القرشي الهاشمي، نسبة إلى الجذور والأصل، ونقول النبي العربي، نسبة إلى جنسية الوطن الذي عاش فيه، لهذا يقول التاريخ أن المسيح فلسطيني الجنسية والهوية، أما الرسالة والديانة فهي ملك للبشرية جمعاء.. للجميع بكافة ألوانهم وأطيافهم ولغاتهم.. السيد المسيح ولد وعاش في فلسطين طولاً وعرضاً ـ سياحة السيد المسيح في فلسطين من البحر إلى النهر ـ حتى رفع إلى السماء.

والأحداث الرئيسة الأولى في حياة السيد المسيح،عليه السلام، تدور في ثلاثة مواقع: (خِلّْ إيل، وبيت لخمو، وأورسالم (القدس)، إضافةً لنهر الأردن، حيث عمَّده يحيى بن زكريا، ويعتقد أنَّ التعميد قد تمَّ في سنّ الثامنة عشرة، وقيل في الثلاثين، ويجمع الباحثون على أنَّ ذروة نضج دعوته، تمت في السنوات الثلاث الأخيرة من عمره، التي قضاها في الجليل، شمال فلسطين. ويُجمع الباحثون أيضاً، على أنَّ سيدة فلسطين الأولى (مريم البتول)، و(يوسف النجَّار)، كانا كنعانيين فلسطييَّين، ولم تكن لهما أية علاقة بالطائفة اليَهْويَّة.

أقدم كنيسة في العالم

وتعد بيت لحم الفلسطينية (مسقط رأس السيد المسيح عليه السلام) عاصمة الشواهد التاريخية والدينية، ومن أبرز المعالم الدينية في المحافظة كنيسة المهد، وتعد كنيسة المهد أقدم كنيسة في العالم، فبعد أن أصبحت المسيحية الديانة الرسمية للدولة الرومانية الشرقية في عهد الإمبراطور قسطنطين عام 324، أمرت والدته الملكة هيلانة في عام 335 ببناء كنيسة المهد في نفس المكان الذي ولد فيه السيد المسيح.. وتضم الكنيسة ما يعرف بكهف ميلاد المسيح، ويزين الكهف أربعة عشرة قنديلا فضيا والعديد من صور وأيقونات القديسين.

مغارة الحليب

وتقع المغارة إلى الجنوب الشرقي من الكنيسة وهي المكان التي أرضعت فيه السيدة مريم العذراء، يسوع الطفل عندما كانت مختبئة من جنود هيرودس أثناء توجهها إلى مصر.. ويقال أن بعض قطرات من حليب العذراء قد سقطت على صخرة مما أدى إلى تحول لون الصخرة إلى الأبيض.

 حقل الرعاة للروم الأرثوذكس

ويقع إلى الشرق من مدينة بيت ساحور، حيث ظهر فيه ملاك الرب إلى الملائكة وأخبرهم بالنبأ السعيد وهو مولد يسوع، وحينها هللت ملائكة السماء «المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وللناس المسرة».. وعندما قامت القديسة هيلانة بزيارة بيت لحم، أمرت ببناء كنيسة المهد وكنيسة أخرى على «مغارة الرعاة» والتي هدمت وأعيد بناؤها ثلاث مرات.. وفي نفس المكان «كنيسة حقل الرعاة لللاتين» و«حقل الرعاة للبروتستانت»..وتضم المدينة أديرة وكنائس تاريخية تسجل فصولا من حياة القديسين، والدعوة المسيحية للعالم.

  • طقوس وشعائر أسبوع الآلام، تحيي الاعتراف التاريخي بأن السيد المسيح، عليه السلام (فلسطيني الجنسية)، وأشقاؤه في المخيمات، ثمّ أتباعه من المؤمنين في الأرض ، بحسب تعبير الكاتب والشاعر الفلسطيني الكبير، الصديق إيراهيم جابر.. قائلا: «المسيح لنا.. ابننا.. وأمّه سيدة فلسطين الأولى.. ابن الناصرة والجليل..»

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]