” قفزة” أردوغان إلى القمة منفردا.. مكاسب ومخاوف
لم تخف الدوائر السياسية الغربية والتركية، فشل توقعاتها قبيل الانتخابات التشريعية التركية، بعدم قدرة حزب العدالة والتنمية على تحقيق فوز مريح يؤهله لتشكيل الحكومة التركية منفردا، وجاءت النتائج النهائية غير الرسمية بتصدر حزب الرئيس التركي “أردوغان” بنسبة تقترب من 50 % مفاجأة غير متوقعة. وأرجع المحللون السبب إلى فشل خطاب أحزاب المعارضة في حشد الناخبين منذ بدابات الحملة الانتخابية، في حين أن حزب العدالة والتنمية يعزف على قضايا تمس المواطن من الأزمة الاقتصادية إلى الإرهاب، رغم ما تم تسريبه من شكوك أحاطت بعلاقات سرية بين الحزب وتنظيم داعش.
نجح حزب “أردوغان” أن يقفز إلى المقدمة منفردا، ويستعد لتشكيل الحكومة الجديدة دون اللجوء إلى تحالفات مع الأحزاب السياسية الأخرى، بعد أن حقق أكبر مكسب، كما يرى المحلل السياسي التركي “إزوار وايسلي” لوكالة الأناضول التركية، بأنه حافظ على وحدة وقوة بنيان حزب العدالة والتنمية، وأن النسبة التي حصدها الحزب أنقذته من انشقاقات كانت متوقعة في حال الخسارة، خاصة مع تربص أحزاب علمانية للوجود السياسي لحزب العدالة والتنمية داخل الشارع التركي. ولكن المكسب الذي أشار إليه المحلل التركي، يمثل زاوية واحدة من المكاسب الآجلة التي يسعى إليها الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان”، بأن تتيح له الأغلبية البرلمانية تمريرها داخل البرلمان، وهي رغبته التي عبر عنها قبل عامين بتعديل الدستور والتحول من نظام برلماني إلى نظام رئاسي، من خلال الدعوة إلى استفتاء شعبي، بتحويل تركيا إلى نظام الجمهورية الرئاسية.
المكسب الرئيسي للرئيس التركي، أن نتائج الانتخابات خيبت توقعات المنافسين هذا أولا، ثم أبقت السلطة كلها في يده عبر سيطرته على الحكومة ومؤسسات الدولة وفي مقدمتها الجيش والمخابرات، دون إزعاج من الأحزاب الرئيسية المعارضة. ويعتقد “دولت بهتشلي، رئيس حزب “الحركة القومية، الفائز بنسبة 11.91 % من الأصوات، أن ما تحقق من مكاسب لحزب العدالة والتنمية، سوف تترجمه تحركات “أردوغان” باتجاه معالجة الأزمة الكردية، عبر صفقة مع حزب العمال الكردستاني، وحسب تصورات ورؤية الحزب الذي لا يستبعد الخيار الأخير بمواصلة الحرب، كما يضع “أردوغان” حسابات خاصة لحصار “الكيان الموازي” وتمثله جماعة عدوه اللدود “عبد الله كولن”.
وبالرغم من أن حزب العدالة والتنمية لم يحصد ثلثي مقاعد البرلمان، وعددها 550 مقعدا، إلا أن نتيجة الانتخابات ستعطي “أردوغان” دفعة قوية لتحقيق مخططاته، ولم يستبعد رئيس حزب الحركة القومية، صورة دولة “الرجل القوي” تحت رئاسة أردوغان وحزبه الحاكم.
تصدر “حزب أردوغان” نتائج الانتخابات البرلمانية المبكرة، لاينفي مواجهته لمخاوف حسب خبراء وسياسيين، بمركز إسطنبول للدراسات المستقبلية، وهي تحالف خصومه المحليين، خارج وداخل البرلمان، بعد أن حصل حزب “الشعب الجمهوري”، برئاسة كمال قليجدار أوغلو، على نسبة 24.68 % وحزب “الشعوب الديمقراطي” بزعامة صلاح الدين دميرطاش على 10.13% ومن المتوقع أن يسعى الحزبين، إلى التحالف مع حزب “الحركة القومية” الحاصل على أكثر من 11 % وكذلك سوف تمد يدها للمستقلين رغم نسبتهم البسيطة ولا تتعدى 3.5 %، ومن المتوقع أيضا أن تتدفع المعارضة بملفات الفساد، وتداعياتها التي أفرزت أزمة اقتصادية، وإحياء تهم استغلال القضاء، واستهداف الصحافة، كما سيبقى تنظيم “داعش” تهمة وخطرا يلاحق حكومة أردوغان.
وهي مخاوف أو تحديات سيواجهها حزب العدالة والتنمية، وفي المقدمة صعوبة تبرير تغيير خطه السياسي خصوصا أمام حزب العمال الكردستاني الذي وعد الناخبين بعدم التفاوض معه مرة ثانية، إلا بعد إلقائه السلاح، وهو يعلم أن هذا الشرط مستحيل التحقيق.