تشهد الساحة التونسية، موجة احتجاجات صاخبة، في مواجهة “قانون التوبة”، أو ما وصفه التيار الإسلامي بـ”قانون العفو”، ويسمح بموجبه بعودة التونسيين “الدواعش”، وبزعم أنه حق يكفله الدستور، وهو ما يؤيده زعيم حزب «النهضة» الإسلامي، راشد الغنوشي، بأنه «من المفروض أن يبقى باب التوبة مفتوحا أمام المتطرفين»، داعيا إلى «التحاور معهم حتى يتخلوا عن هذه الرؤية السلبية للإسلام، وحتى نقنعهم بأن ما هم عليه هو تصور خاطئ بالكامل».
ويرفض الخبير التونسي في شؤون الحركات الإسلامية، ساهر المسيري، رؤية زعيم حزب النهضة، والذي استشهد بما حدث في الجزائر، حين فتح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، باب الوئام الوطني والمصالحة الوطنية، ونزل 5 آلاف من الجبال كانوا يقتلون الجيش الجزائري والشعب.
وقال الخبير التونسي، لا وجه للمقارنة بين أحداث جزائرية داخلية فجرتها الانتخابات التي فاز فيها التيار الإسلامي، فهي كانت مواجهات داخلية أو محلية، ردا على إلغاء نتائج الانتخابات، ولكن الوضع في تونس مختلف تماما، لأنه يتعلق يإرهابيين، لهم فكر تكفيري متجذر، أرهق دماء مئات الآلاف من الأبرياء في العراق وسوريا وليبيا، ثم امتدت عملياتهم الإرهابية للدول الأوروبية، وهؤلاء لا توبة لهم، بمعنى لا آمان لهم.
موجة الاحجاجات ضد “عودة الدواعش” لتونس، تزامنت مع معارضة الأجهزة الأمنية، لقانون يسمح بعودة المنتمين لحضن الإرهاب، وطالب الأمن التونسي، بإغلاق الباب في وجه (العائدون من تونس) وسحب جنسياتهم خشية «صوملة» البلاد، والقلق الأمني يأتي تحت وطأة تهديدات إرهابية يومية، كان آخرها تفكيك السلطات التونسية خلية مرتبطة بأنيس العامري (أبو البراء) منفذ هجوم الشاحنة في برلين الأسبوع الماضي، تضم ابن شقيقته الذي كان يستعد للالتحاق به.
وحذرت الأجهزة الأمنية، من “عودة الدواعش” ومخاطر انخراطهم في المجتمع، ما يهدد بـ”صوملة تونس”، وطالبت «النقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي» في بيان الحكومة «باتخاذ إجراءات استثنائية صارمة» ضد الإرهابيين التونسيين في الخارج، ومنعهم من العودة إلى تونس» ولو اقتضى الأمر سحب جنسياتهم التونسية لتجنيب البلاد والناس استباحة الدماء والتشرد».
وحذرت النقابة، وهي إحدى أهم نقابات قوات الأمن في تونس، من أن «عودة الإرهابيين من بؤر التوتر، تنذر بالخطر ويمكن أن تؤدي إلى صوملة البلاد»، معتبرة أن «القبول بعودتهم في ظل ترتيبات دولية لحل الأزمة الإقليمية، سيشكل دعما لتوسع رقعة الإرهاب وانتشاره».
وأوضحت نقابة الأمن، أن «هؤلاء الإرهابيين تمرسوا وتدربوا تدريبا عسكريا محترفا واستخدموا كل أنواع الأسلحة الحربية المتطورة وتعودوا على سفك الدماء والقتل»، محذرة من أنهم إذا عادوا إلى تونس سيشكلون مع الخلايا النائمة في الداخل جيشا كاملا قادرا على إحداث خطر.
واتهمت الأجهزة الأمنية التونسية، «أطرافا حزبية وجمعيات بمحاولة تبييض صفحة الإرهابيين التونسيين في الخارج وتشريع عودتهم من دون الوعي إلى الأخطار والتهديدات المرتقبة»، مشيرة إلى «وجود حراك كبير من قبل حقوقيين ومنظمات تشكل عنصر إسناد خلفي للتنظيمات الإرهابية»، وفي إشارة لحركة النهضة التونسية، وفصائل التيار الإسلامي.
بيان الأجهزة الأمنية، يأتى تأييدا لتظاهرة شارك فيها ألاف التونسيين أمام مبنى البرلمان، رافعين شعارات ولافتات كتب عليها: «لا لعودة الدواعش» و «لا توبة ولا حرية للعصابة الإرهابية».
