قلق الإدارة الأمريكية من معركة «كسر العظام» في تونس

بات واضحا مع ارتفاع درجة الاحتقان السياسي والغضب الشعبي «المكتوم» في تونس، أن صراع أجنحة السلطة أصبح أكثر تعقيدا، داخل المشهد السياسي،  ويبدو أن لا أحد يملك حسم الموقف لصالحه أو هزم خصومه، ولا أحد مستعد، فعلا، للقيام بخطوة تخفض من درجة الاحتقان وتفتح مجالا ما للتفاوض.

البحث عن مخرج مسألة حيوية.. وليست فقط «سياسية ـ أخلاقية»

كل يوم يمرّ – وبحسب المحلل السياسي التونسي زياد كريشان – تفقد فيه البلاد فرصا إضافية للتفرغ لمشاكلها وللملفات المعقدة المطروحة عليها، فالبحث عن مخرج ما للأزمة لم يعد اليوم مسألة أخلاقية أو سياسية تكتيكية، إنه مسألة حيوية، لو أراد كل الفرقاء وعموم التونسيين ألا تضيع البلاد بين أيادينا.. وقال «كريشان»، إن “الإشكال الأساسي أننا لا نملك اليوم جهة مرجعية مقبولة من الجميع لحسم هذه الخلافات وتهدئة نار الصراعات، جهة قادرة على بناء ثقة ولو نسبية بين أهم أطراف النزاع حتى تقنعهم، على الأقل، بضرورة الجلوس حول نفس طاولة الحوار”.

استقالة الغنوشي ..أو الحوار الوطني

ويرى خبراء ومحللون في تونس، أن حل الأزمة، عبر طريقين لاثالث لهما: تراجع واضح لأحد طرفي النزاع، بما في ذلك استقالة رئيس مجلس نواب الشعب راشد الغنوشي باعتبار أنه يشكل الطرف المتمم والداعم لرئيس الحكومة، هشام المشيشي، واستقالته من رئاسة مجلس نواب الشعب يمكن أن تكون خطوة إيجابية من أجل إعادة طرح مخرج مقبول لهذه الأزمة بصفة مختلفة تماما، بحسب تقدير المحلل السياسي زياد كريشان.

وإذا استحال هذا الحلّ – وهذا هو المرجح – فتبقى إمكانية وحيدة، وهي قبول الرباعي الذي رعى الحوار الوطني في أزمة 2013 ويضم (اتحاد الشغل، واتحاد الأعراف، ورابطة حقوق الإنسان، وهيئة المحامين)، والقيام بدور الوسيط النزيه في هذه الأزمة،أي دور الجهة التي قد تدعم بمنظمات أخرى وازنة والتي ستدعو لأمرين اثنين:

  • دعوة أولى لحلّ هذه الأزمة السياسية، بدعوة أهم أطرافها من رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة وأحزاب الموالاة والمعارضة في مجلس النواب إلى نفس الطاولة من أجل إيجاد حلّ ما تلتزم به كل الأطراف،
  • أما إذا ما رفض بعض أطراف النزاع دور هذه المنظمات في حلّ الأزمة السياسية عندها سيتحمل هذا الطرف أو هذه الأطراف المسؤولة كل تبعات استفحال هذه الأزمة واستمرارها وتعريضها البلاد لمخاطر لا نجرؤ حتى على مجرد التفكير فيها !

خلل دستوري فادح

ويرى خبراء في الشئون العربية والدستورية، أن هناك أسبابا وراء هذه الأزمة التي كانت في دائرة التوقعات،  مع الخلل الدستوري القادم، فدور «الرئيس الرمز» يكون دائما فى نظام برلماني أو شبه برلماني ينتخب فيه الرئيس من البرلمان وليس من الشعب، والمشكلة  في تونس أن الدستور الجديد أقرّ «معادلة صعبة »، إذ قلص صلاحيات رئيس الجمهورية، فأعطاه صلاحيات أكثر من النظم البرلمانية وأقل بكثير من النظم الرئاسية وشبه الرئاسية، والغريب  أن تكون صلاحيات رئيس الجمهورية فى بلد نامٍ مثل تونس أقل من الولايات المتحدة وفرنسا وتتوزع السلطة التنفيذية بين رأسين: رئيس الحكومة المنتخب من البرلمان ورئيس الجمهورية المنتخب من الشعب.

 

تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية

ويرى سياسيون أنه لا يمكن أن ينتخب شعب رئيسا مثل قيس سعيد بنسبة كاسحة (76%) ولا يستطيع أن يكون له الحق فى اختيار الحكومة ونيل ثقة البرلمان، أو رفض بعض الوزراء أو إعفائهم مثلما يجرى فى أى نظام ينتخب رئيسه مباشرة من الشعب، بحسب تعبير أستاذ العلاقات الدولية د. عمرو الشوبكي، وأن مخاطر ما يجري في تونس ليس فقط تدهور الأوضاع الاقتصادية، إنما تقوية التيار المعادى للديمقراطية، خاصة فى ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة والاحتجاجات التى تشهدها أكثر من مدينة.

 

الحاجة لتعديل دستوري فوري

ولذلك تحتاج تونس إلى تعديل دستورى فورى، ولتحقيق ذلك تحتاج إلى توافق حزبى وسياسى غير متحقق حاليا وإلى قدر من الاستقرار الاجتماعى، مما يجعل الأزمة التونسية مرشحة للاستمرار، لأن تشكيل وزارة مصغرة أو تراجع رئيس الحكومة عن موقفه، هى كلها حلول للأزمة ولكنها تبقى مسكنات، لأن جوهر أزمة النظام السياسى التونسى يكمن في دستوره الذي أضعف من صلاحيات رئيس الجمهورية.

قلق الإدارة الأمريكية

وكشفت الدوائر السياسية في تونس، عن زيارة وفد من الكونجرس الأمريكي، خلال الأسابيع القادمة، وأن الزيارة تأتي في سیاق  قلق الإدارة الأمريكية من تداعيات معركة «كسر العظام» داخل السلطة في تونس، ومن المنتظر أن يلتقي الوفد الأمريكي، برئیس الحكومة هشام المشيشي، بالإضافة للقاء محتمل برئیس الجمھوریة قیس سعید وعدد كبیر من نشطاء المجتمع المدني. ، إلى جانب زيارة البرلمان التونسي.

 

تحذير من تداعيات اقتصادية خطيرة

وتأتي زیارة وفد الكونغرس الأمريكي، في وقت تناقلت فی الدوائر السياسية في واشنطن،  قلق الادارة الامریكیة من الازمة التونسیة وما یمكن أن تتسبب فيه ھذه الازمة «من ضرر على النموذج الدیمقراطي الوحید في المنطقة، ومن تداعيات اقتصادية خطيرة »، وبعد أن كشف المعھد الوطني للإحصاء ، في بیانات حديثة ، عن تسجیل نسبة انكماش غیر مسبوقة للاقتصاد التونسي خلال العام الماضي، لیبلغ مستوى 8.8 ٪ وتشیر البیانات المسجلة من قبل معھد الإحصاء الوطني، إلى خطورة الأوضاع الاقتصادية مستقبلا، حیث انه لم يسبق لتونس تسجیل انكماش اقتصادي بمثل ھذا الحجم، فكل الدول في العالم لم تفارق نسبة انكماشھا جراء جائحة كورونا أكثر من 3 ، ٪. وبلغ حجم الخسائر التي سببھا فیروس كورونا على الاقتصاد الوطني ، حوالي 8 آلاف ملیار دينار اي نحو 8.2 ألف ملیار دولار أمريكي، وھي خسائر لم تشھدھا تونس في تاريخھا ، وتسببت في أزمة مالیة واقتصادية في البلاد.

الحوار .. مدخل للحل

وقبل زيارة الوفد الأمريكي، تسارعت الحركة باتجاه إحياء الحوار الوطني كمدخل لحل الأزمة الدستورية وصراع الأجنحة داخل السلطات الحاكمة.. وبعد تعثر مبادرة اتحاد الشغل للحوار مقابل تفاقم الأزمة السیاسیة في البلاد اثر مأزق التعديل الوزاري، وتعالى أصوات الفرقاء للاحتكام للشارع للحسم، یعود من جدید الحدیث عن ضرورة الجلوس على طاولة الحوار كحل لا بدیل عنه إلا الفوضى والعنف. والتحقت على الخط بأكثر جدیة بقیة المنظمات الوطنية إلى جانب الاتحاد العام التونسي للشغل لبلورة مبادرة جدیدة للحوار الوطني.

وأعلن في تونس، أن الرباعي الراعي للحوار الوطني، الممثل في «الاتحاد العام التونسي للشغل، ومنظمة الأعراف (اتحاد الصناعات)، والرابطة التونسیة للدفاع عن حقوق الإنسان، والھیئة الوطنیة للمحامین، إضافة إلى اتحاد الفلاحة »، سیجتمع قریبا لتقدیم ملامح المبادرة التي سیتم ّ التقدم بھا لحلحلة الوضع في تونس.

صياغة رؤية مشتركة لحل للأزمة

وتم الاتفاق على عقد اجتماع بین المنظمات الوطنیة خلال الأیام القلیلة القادمة لصیاغة رؤیة مشتركة من أجل إیجاد حلول للأزمة الراھنة، وجاء الإعلان عن المبادرة الجدیدة للحوار اثر سلسلة من اللقاءات لرئیس الجمھوریة منذ بدایة الأسبوع الجاري مع عدد من المنظمات الوطنیة.. ولكن لا أحد یعلم إذا ما كانت ھذه اللقاءات التي جاءت بطلب من رئیس الدولة ھدفھا حشد الرئیس لمساندة موقفه، أو ھي بادرة حسن نیة، یفھم منھا أنه لا یمانع في الجلوس على طاولة الحوار لإیجاد مخرج یجنب البلاد الصدام والمزید من التداعیات الخطیرة على الوضع الاقتصادي والاجتماعي، خاصة وأن رئیس الجمھوریة لم یتحمس في السابق ولم یتفاعل بشكل إیجابي مع مبادرة اتحاد الشغل للحوار.

وأصبح التساؤل في تونس: هل ينجح مجلس الحوار الوطني فيما أخفقت فيه السلطة؟

 

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]