انتقلت الأزمة السودانية إلى مرحلة جديدة مع رفض قادة الاحتجاجات عرض المجلس العسكري للعودة إلى الحوار، ودخولها إلى أروقة مجلس الأمن.
وعلى غرار العديد من الأزمات الدولية، يتجلى الانقسام وتباين مواقف القوى الكبرى حيال القضية، فبينما رحبت روسيا ببيان المجلس العسكري بشأن تشكيل حكومة انتقالية وإجراء انتخابات بعد 9 أشهر، نددت الولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج بهذه الخطوة.
أما الصين فأحبطت مدعومة بموقف روسي تمرير بيان وزعته بريطانيا وألمانيا في مجلس الأمن، واصفة إياه بأنه غير متوازن، وشدّدت روسيا على ضرورة أن ينتظر المجلس ردًّا من الاتّحاد الأفريقي، بحسب ما قال دبلوماسيّون.
وفشل مجلس الأمن الدولي في إصدار بيان يدين أحداث العنف التي صاحب محاولة فض الاعتصام أمام وزارة الدفاع السودانية، وأسفرت عن مقتل أكثر من 100 شخص.
ولم تقتصر الأزمة فقط على المواقف الدولية داخل مجلس الأمن، إذ امتدت إلى إعلان الأمم المتحدة، اليوم الأربعاء، أنها بصدد سحب بعض موظفيها بصورة مؤقتة من السودان بعد مقتل محتجين.
وحذرت بريطانيا، مساء اليوم الأربعاء، رعاياها من السفر إلى السودان، بسبب ما وصفته بتردي الأوضاع الأمنية، معلنة سحب بعض موظفي سفارتها في الخرطوم.
ووسط تصاعد الأزمة، يبدو الموقف الأمريكي أقرب إلى الترقب دون إعلان انحياز كامل ضد المجلس العسكري، خاصة مع التوتر الذي يسود العلاقة بين الطرفين.
وتقول هديل عويس، المحللة السياسية، إن واشنطن تراقب الوضع في السودان وتؤمن بقدرة المجتمع المدني على تولي زمام الأمور.
وتضيف المحللة السياسية أن واشنطن تعتبر المجلس العسكري السوداني امتدادا لنظام البشير.
وأوضحت أن التصريح الأمريكي الذي صدر من قبل بحق السودان، أعلنته السفارة الأمريكية في الخرطوم، ولم يصدر عن إدارة ترامب أي موقف رسمي، لذا تحاول روسيا والصين ملئ الفراغ الذي تركته أمريكا في هذه الأزمة.
وكانت السفارة الأمريكية بالخرطوم قالت في تغريدة لها على موقع تويتر إن المجلس العسكري السوداني لا يقود البلاد بطريقة مسؤولة.
من جانبها، أشارت خبيرة الشؤون الأوروبية، وردة غانم، إلى موقف الاتحاد الأوروبي من الأزمة السودانية بقولها إن “أوروبا تسعى لانتقال الحكم إلى حكومة مدنية مقابل حوافز وفرص استثمارية”.
وتابعت، بقولها إن الخط الذي يتبناه الاتحاد الأوروبي مع السودان هو خط مصالح بالدرجة الأولى، ومن ثم فهو يتعامل بحذر وتدرج.
ودعا الاتحاد الأوروبي في وقت سابق قيادات الجيش السوداني للسماح بالاحتجاج السلمي وحث على انتقال السلطة سريعا لقوى مدنية.
وقالت متحدثة باسم الاتحاد في إفادة دورية للصحفيين “نتابع تطورات الوضع عن كثب بما في ذلك هجمات اليوم على المحتجين المدنيين وندعو المجلس العسكري الانتقالي للعمل بشكل مسؤول واحترام حق الناس في التعبير عن قلقهم”.
أما المحلل السياسي خالد الفكي، فيقول إن الداخل السوداني لا يعول على المواقف الدولية بشكل كبير لوجود تجارب سابقة مخيبة للآمال بين الشعب السوداني والمجتمع الدولي.
وتابع، قائلا إن المجتمع الدولي لم يمد يد العون لإنقاذ السودان أو البشير من الطوق الملتف حول عنقه، وسط الحصار الأمريكي وأحكام المحكمة الجنائية الدولية.
وأوضح أن المواقف تتخذ لمصالح أصحابها، وقال إن “الموقف الروسي امتداد للموقف السابق مع البشير بحثا عن حليف قوي في أفريقيا”. واستفاد السودان تحت حكم البشير من الفيتو الروسي في الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي لفترة طويلة. أما الموقف الصيني مبني على مصالح الصين واستثماراتها في أفريقيا.