كشفت الدوائر السياسية في باريس عن قلق دولي من سيناريو الحرب الأهلية في تشاد بعد رحيل الرئيس إدريس ديبي إثر إصابته في مواجهة عسكرية مع المتمردين في شمال البلاد.
وقال الجنرال جان فاريه، الضابط الفرنسي، الذي أوفدته باريس عام 1990 إلى العاصمة التشادية «نجامينا» لتأمين وصول ديبي إلى الحكم، إنه يتوقع اندلاع العنف في التشاد.
توقعات بالصراع على السلطة
ويرى الباحث الروسي في الشؤون الأفريقية، أليكسي تسيلونوف، أن مقتل الرئيس التشادي يمكن أن ينعكس جديا على الاستقرار في تشاد والمنطقة.
وقال: لعب إدريس ديبي دورا رئيسيا ( وإن لم يكن دائما إيجابيا ) في البنية الأمنية لمنطقة الساحل والصحراء، ولا سيما في دارفور، وكان له تأثير كبير في جمهورية أفريقيا الوسطى المجاورة، وكان جيشه يشارك باستمرار في عمليات عسكرية مختلفة، بما في ذلك ضد الإرهابيين، لذلك فإن موته يشكل ضربة كبيرة لسمعة القوات المسلحة التي تعد فعالة وقوية.
ولم يستبعد الخبير الروسي «تسيلونوف»، بدء صراع على السلطة في تشاد ، بما في ذلك داخل أسرة الرئيس الراحل نفسه.
وأضاف: « مع الأخذ في الاعتبار حقيقة أن الاستياء الاجتماعي قد ازداد داخل البلاد في السنوات الأخيرة، وباتت خطابات المعارضة أكثر انتظاما. فبسبب الأزمة في سوق الطاقة، والتأخير في تسديد الرواتب، بات الوضع متوترا للغاية. وليس من المستغرب أن لا يتنازل الجيش عن السلطة للمدنيين مبدئيا».
ويشير الباحث الروسي، تسيلونوف، إلى أن وجود المعارض التشادي «إرديمي» ونشاطه يقلق عائلة الرئيس الراحل.. وحديث القلق في تشاد يدورعن المعارض «تيمان إرديمي»، الذي يعيش في الخارج (قطر)، ومن هناك يدير التمرد والمعارضة المسلحة.
خطر إندلاع الحرب الأهلية
وفرضية سيناريو الحرب الأهلية في تشاد، تثير هواجس الدوائر السياسية في فرنسا..ويرى الباحث لدى المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، تييري فيركولون، أن «خطر اندلاع الحرب الأهلية في تشاد عائد إلى كون الرئيس ديبي كان هو الحامي الفعلي لوحدة جيش منقسم اثنيا وطائفيا»
القلق الدولي من سيناريو الحرب الأهلية في تشاد، بعد وفاة إدريس ديبي.. هذا القلق لا يخفيه كذلك التشاديون الذين باتوا يخشون دخول المتمردين إلى العاصمة نجامينا.
كان حليفا مزعجا لفرنسا
وتؤكد وسائل الإعلام الفرنسية، أن ادريس ديبي، كان نتاجا للإدارة العسكرية الفرنسية وحليفا لفرنسا في المنطقة، لكنه كان حليفا مزعجا، بقي في السلطة ثلاثين عاما، وانتخب لولاية سادسة في انتخابات رئاسية أجريت قبل عشرة أيام..وقالت صحيفة «ليبراسيون» إنه منع المعارضين من الترشح وواجه بالقمع المحتجين المطالبين بالتداول على السلطة.
تشاد تغرق في حالة ضبابية
ويشير موقع «لودجيلي» الغيني إلى أن وفاة الرئيس التشادي تغرق تشاد في حالة من الضبابية التامة وتقوض الأمن في منطقة الساحل الأفريقي، لكن إدريس ديبي لم يكن يحظى بشعبية كبيرة فهو كان رئيسا مستبدا وكان أحد الرؤساء الأفارقة الذين ما زال أثرهم السلبي يشوه صورة القارة بعد ستين عاما من الاستقلال..ويرى هذا الموقع الإخباري أن وفاة «الرئيس ديبي» قد تكون فرصة لإطلاق دينامية جديدة في تشاد وفرصة لكتابة صفحة جديدة في مسيرة هذا البلد نحو المستقبل.
رحيل «ديبي» يضعف تشاد ويزعزع الاستقرار
ولا تستبعد صحيفة «لاكروا» الفرنسية، انفلات العنف في تشاد. وقال الصحيفة، إن وفاة الرئيس إدريس ديبي، تضعف بلده تشاد وتزعزع استقرار منطقة الساحل..ورغم أنه كان مستبدا يدير بلاده بقبضة من حديد لكنه كان حجر الزاوية في الحرب ضد الجماعات المسلحة في منطقة الساحل ووفاته تعتبر ضربة موجعة للدبلوماسية الفرنسية..بينما تساءلت صحيفة «لوبينيون» الفرنسية عما إذا كان ادريس ديبي سقط فعلا في ساحة المعركة كما قيل ورجحت ان يكون قد «أصيب يوم الأحد خلال لقاء مصالحة مع متمردي «جبهة الوفاق التغيير» (فاكت) بعد معارك دامية في شمال البلاد»..ويقول الباحث الفرنسي المختص بشؤون فرنسا الأفريقية، أنطوان غلازير، إن «ديبي كان دوما يصر على المشاركة بالمعارك وعلى الظهور بمظهر القائد على رأس قافلة من السيارات المزودة بالرشاشات، شجاعته كانت تثير اعجاب العسكر في فرنسا».
يذكر أن «جبهة الوفاق والتغيير» التشادية، هى منظمة سياسية عسكرية أنشأها محمد مهدى على فى مارس/ آذار 2016 في تانوا، شمالي تشاد، وقد أعلنت استعدادها لعمليات عسكرية ضد الرئيس إدريس ديبي.
