“رغم أن ما تنفقه البشرية على مبيعات السجائر أكثر مما يتعين أن تنفقه الإنسانية لحل معضلة التغيير المناخي”، حسب تقديرات منظمة الأمم المتحد، فإن أزمة التمويل للمشروعات المتعلقة بالمناخ سوف تحتل موقعا محوريا ومتناميا في المحادثات والمفاوضات السياسية التي ستعقد في باريس خلال الدورة الحادية والعشرين لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، خلال الفترة من 30 نوفمبر وحتى 11 ديسمبر المقبل.
وتبذل حاليا جهود دولية مضنية لضمان تأمين الوصول إلى الهدف السنوي للتمويل، ويقدر بنحو 100 مليار دولار قبل انطلاق مؤتمر قمة المناخ المعروف اختصارا بـ COP21
وتهدف “قمة المناخ”، التي ترعاها الأمم المتحدة، وبمشاركة أكثر من مائة رئيس دولة وحكومة رغم أحداث باريس الإرهابية الأخيرة، للتوصل إلى خطة للحد من الاحتباس الحراري .. وتحقيق هذا الهدف هو قوة الدفع وراء مفاوضي المناخ والعلماء الذين يقولون إن تخطي هذا الحد سيعني أن العالم سيعاني من أحوال طقس متطرفة مثل موجات شديدة من الفيضانات والجفاف والعواصف وارتفاع مستوى البحار، ولكن بقيت أزمة التمويل، وحسب تقديرات المنظمة الدولية للطاقة، فإنه يتعين إنفاق حوالي 5 تريليونات دولار على الطاقات النظيفة بحلول عام 2020 للحفاظ على ارتفاع درجات الحرارة في الحدود المقررة، بدعم التكنولوجيا الرامية إلى وقف ارتفاع درجات الحرارة فوق سطح الأرض.
ويحذر تقرير الأمم المتحدة، الصادر أمس الجمعة، من أن الجهود المبذولة لجمع التمويل اللازم للحد من كوارث التغيير المناخي، لم تنجز سوى نصف الهدف، وأن تعهدات الدول المعلن عنها خلال العامين الماضيين لم تتجاوز 57 مليار دولار، رغم أن البلدين الأكثر فقرا سيحتاجان إلى تريليونات الدولارات لتحقيق التزاماتها خلال الخمسة عشر عاما القادمة، بالاستثمار في الطاقة النظيفة والاستعداد لمجابهة الآثار المترتبة عن ارتفاع درجات الحرارة.. وأوضح تقرير المنظمة الدولية، وفقا لوكالة الأنباء الألمانية، أن الحصول على تعهدات مؤكدة من الدول لصالح “الصندوق الأخضر للمناخ” المعنى بالتمويل أصبح أمرا معقدا، وما تم جمعه ليس كافيا، رغم الجهود الدبلوماسية لتحويل التعهدات الدولية الأولية بنحو 10,4 مليار دولار، إلى اتفاقات رسمية لفائدة الصندوق الأخضر.
ويؤكد ستيفان ماركو شفاغر، الخبير السويسري في المناخ الدولي، أن الصندوق الأخضر للمناخ ليس بصدد التطور بالسرعة التي كان الكثير يرغب بها، وبقيت أزمة التمويل قائمة، وأن إصدار السندات الخضراء ليس كافيا أيضا، وهي لاتزال مجرد “قطرة في محيط” مقارنة بالحجم الإجمالي للأسواق المالية، رغم ما شهدته سوق السندات الخضراء، التي توفر التمويلات لفائدة مشاريع ذات فوائد بيئية أو مناخية إيجابية، نموا سريعا لتصل إلى أكثر من 40 مليار دولار من الإصدارات الجديدة.
ورغم أن التوقعات تشير إلى أنه من المنتظر أن يتم توفير حصة الأسد من الأموال التي سيتم استثمارها للتصدي للتغييرات المناخية من القطاع الخاص، أثناء قمة المناخ المقبلة، فإن أزمة التمويل تظل قائمة أمام قادة الدول في مؤتمر قمة باريس نهاية الشهر الجاري.
