«قوس النصر» رمز انتصارات الفرنسيين يتحول الى رسالة تحذير من ثورة شعبية

 

“النصر للسترات الصفراء”.. عبارة كتبها المتظاهرون الفرنسيون بحروف ضخمة على “قوس النصر” الشهير الواقع على رأس طريق الشانزليزيه بميدان شارل ديجول في قلب العاصمة الفرنسية باريس.

 

هذا النصب التذكاري الذي أراد نابليون بونابرت أن يجعله في بداية القرن التاسع عشر رمزا لخلود انتصارات جيوش الإمبراطورية، وتم انجازه فعليا عام 1836 في عهد “لوي فيليب”.. يريد المتظاهرون من أصحاب السترات الصفراء بعد 182 عاما على بنائه، أن يحولوه الى رسالة تحذير من ثورة غضب شعبية، ورمز لاحتجاجاتهم على سياسات الرئيس ماكرون.

وفي الصورة.. يقوم العمال بإزالة العبارات التي تشوه هذا الرمز التاريخي العظيم. (الصورة من رويترز)

 

خريف الغضب في باريس.. ماكرون يتفهم ويتجاهل الحل

كانت احتقانات الشارع الفرنسي المحتدة منذ ثلاثة أسابيع، قد انتقلت إلى داخل قصر الإليزيه ليشهد حالة من التوتر، بعد أن عاد محتجو «السترات الصفراء» إلى العاصمة الفرنسية أمس السبت، واندلعت مواجهات بين مئات المتظاهرين الفرنسيين وقوات الأمن الفرنسية في شارع الشانزيليزيه في قلب باريس، ووصلت الصدامات بين المحتجين الفرنسيين والأمن إلى ساحة الكونكورد ومحيط القصر الرئاسي، وسط مخاوف من تجدد حوادث حرق المتاريس والتخريب التي وصفها الرئيس ايمانويل ماكرون بأنها «مشاهد حرب»، ووصفتها الدوائر السياسية في باريس بانتفاضة «خريف الغضب» احتجاجا على زيادة الضرائب وارتفاع أسعار الوقود وتراجع القدرة الشرائية.

 

موجة من الغضب الشعبي

وتواجه إدارة ماكرون موجة من الغضب الشعبي بدأت إثر زيادة الرسوم على الوقود، لكنها اتسعت لتشمل مطالب تتعلق بارتفاع تكاليف المعيشة بشكل عام، لتشهد فرنسا تحركات شعبية غاضبة تنذر بانفجار ثورة شعبية، بعد أن سادت حالة من العنف فى شوارع فرنسا، وحرق للممتلكات العامة والخاصة، وانتشرت عمليات السلب والنهب للمتاجر والمحالات، مما أسفر عن تضرر المئات من أصحاب الأعمال، وأصيب نحو 65 شخصا واعتقال أكثر من 140 متظاهران بينما عززت السلطات الفرنسية قواتها بالآلاف في محاولة لردع التظاهرات الشعبية الاحتجاجية.

 

السلطات الفرنسية تتفهم مطالب المحتجين.. لكنها لا تنوي تغيير سياستها

وفي محاولة رئاسية لإخماد نيران الغضب الشعبي، أعلن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أن السلطات الفرنسية تتفهم مطالب المحتجين، لكنها لا تنوي تغيير سياستها في هذا المجال. ووعد بإجراء محادثات على مدى ثلاثة أشهر حول الطريقة المثلى لتحويل فرنسا إلى اقتصاد قليل استخدام الكربون دون معاقبة الفقراء، وإبطاء معدل الزيادة في الضرائب على الوقود إذا ارتفعت أسعار النفط العالمية بشكل سريع للغاية، لكن فقط بعد إقرار زيادة الضرائب المقررة في شهر يناير/ كانون الثاني المقبل..ويرى محللون ومراقبون في باريس أن الرئيس الفرنسي أبدى تفهما لأسباب انتفاضة الغضب الشعبي، ولكنه لم يقدم حلا يقنع المحتجين والذين رد بعضهم على تصريحات ماكرون بالقول «هراء» و«كلام فارغ»، وتمسكوا بالبقاء متمركزين في بعض الطرق والميادين العامة.

 

مؤشرات الانتفاضة بدأت مبكر

خريف الغضب في فرنسا يرجع إلى فشل إدارة الرئيس ماكرون في الوفاء بتعهداتها برفع مستوى المعيشة ومراعاة البعد الاجتماعي للقوانين والتشريعات الضريبية والمالية، وأن تتخذ الحكومة إجراءات تقشفية لضبط النفقات العامة ودعم المشروعات الخدمية للمواطنين ـ بحسب مصادر مقربة من قصر الإليزيه ـ ولكن مؤشرات الانتفاضة بدأت مبكرا مع تدهور ملموس في شعبية الرئيس ماكرون .. وثانبا وصف غالبية المواطنين للرئيس الفرنسي بانه «رئيس الأغنياء» .. وثالثا الانتقاد الحاد لنفقات وتوجهات زوجة الرئيس «بريجيت ماري كلاود ماكرون»،التي وصفت بالـ «البذخ المستفز»، وتكلف مؤسسة الرئاسة نفقات باهظة رغم معاناة المواطنين من انخفاض الدخل وارلاتفاع مؤشرات البطالة !!

 

ملامح تشابه بين الربيع العربي وخريف الغضب الفرنسي

وهناك تشابه بين انتفاضات الربيع العربي وبين انتفاضات خريف الغضب في فرنسا، من حيث القيادة الشعبية للتحرك الشعبي، وقد رفضت حركة خريف الغضب، التي تم تنظيمها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وبإصرار الانحياز إلى أي حزب سياسي أو نقابات عمّالية..ويرتدي المحتجون سترات «صفراء» مضيئة والتي يتوجّب على كل سائق سيارة ارتداؤها إذا ما تعرّض لحادث، وتضم حركة «السترات الصفراء»العديد من المتقاعدين وتلقى زخما أكبر في المدن والمناطق الريفية الصغيرة حيث قطع المحتجون الطرق وأقاموا حواجز لإبطاء حركة السير قرب نقاط دفع رسوم الطرقات السريعة، والميادين العامة في مناطق عدة.

 

ومن ملامح التشابه بين تظاهرات الربيع العربي، واحتجاجات الخريف الفرنسي، أن المسؤولين الفرنسيين، حذروا من تسلل مجموعات صغيرة تسعى للاشتباك مع قوات الأمن وتحدى سلطة الدولة..وندد وزير الداخلية الفرنسي، كريستوف كاستانير، بوجود «1500 مخرّب وصلوا لافتعال مشكلات»،وأغلقت إدارة النقل في مدينة باريس 7 محطات لمترو الأنفاق تحسبا للاحتجاجات العنيفة

 

  • الدوائر السياسية والأمنية في باريس تتابع بقلق تداعيات خريف الغضب، بعد أن لقي شخصين حتفهما وأصيب المئات في الاحتجاجات التي تشير استطلاعات الرأي إلى أنها لا تزال تجتذب دعم اثنين من كل ثلاثة فرنسيين، أي على أبواب ثورة شعبية قد تطيح بالرئيس الفرنسي مانويل ماكرون

 

استعادة الكرامة

وتعد أحدى الصعوبات الرئيسية التي تواجه الحكومة الفرنسية في التحدث إلى المحتجين هي إحجامهم عن تعيين قيادة لحركتهم، وحين دعا رئيس الوزراء إدوار فيليب ثمانية «ممثلين» للحشود الشعبية الغاضبه للقائه في مكتبه، لم يستجيب له سوى اثنين فقط ، خرج أحدهم بعد إخباره بأنه لا يستطيع أن يدعو كاميرات التلفزيون لبث اللقاء مباشرة للأمة.. وقال في رسالة اختصرت مطالب «خريف الغضب»: نريد استعادة كرامتنا ونريد أن نكون قادرين على العيش برواتبنا !

 

 

 

سقف المطالب: استقالة ماكرون وحل البرلمان

تقارير أمنية فرنسية، حذرت من تصاعد احتجاجات «خريف الغضب»، والتي تصاعدت مطالبها إلى « تقديم الرئيس ماكرون استقالته وحل (البرلمان) الجمعية الوطنية».. وبدت شوارع باريس تنذر بما هو قادم، بعد أن خيّمت سحابة من الضباب فوق نصب «قوس النصر»، وسط محاولات قوات الأمن إجبار المتظاهرين على التراجع باستخدام قنابل الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه..وفي نفس الوقت بدأت تحركات قوى سياسية مع إعلان المرشح السابق للانتخابات الرئاسية اليساري جان لوك ميلانشون، أنه سيتوجه إلى مرسيليا ليشارك في مسيرة تضم «نقابات ومتمردين من أجل السكن وسترات صفراء وطلابا في المرحلة الثانوية»..أما اليميني نيكولا دوبون إينيان، فقد أعلن أنه سيكون مع المحتجين في باريس.. بينما طالبت زعيمة اليمين القومي، مارين لوبن، بحل الجمعية الوطنية.. وكان الرئيس الفرنسي السابق فرنسوا هولاند، توجه للقاء المحتجين والإشادة بحصيلة أداء المتظاهرين، ما أثار غضب ماكرون، ليرد ساخرا: «هم على الأرجح سبب الوضع الذي نعيشه أكثر مما هي الحكومة التي تولت السلطة قبل 18 شهرا».

 

 

  • الاحتمال القائم في فرنسا، بحسب رؤية المحلل السياسي روجيه ماروني، هو اسقاط الحكومة، كخطوة انقاذ لمصير الرئيس ماكرون، الذي سيرضخ حتما للمطالب الاجتماعية المعيشية للمحتجين الذين أعادوا فرنسا لأجواء تظاهرات الستينيات من القرن الماضي في عهد جنرال فرنسا الرئيس شارل ديجول.

 

 

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]