كاتبة: عاملان وراء الفتور في نسق حملة الانتخابات التشريعية التونسية

تعكف أجهزة الدولة في تونس على الانتهاء من الاستعدادات الانتخابية المقبلة، وفي مقدمتها الانتخابات المحلية وانتخابات المجالس والأقاليم.
وبحث الرئيس قيس سعيد مع رئيس هيئة الانتخابات، الاستعدادات الجارية، ودعا إلى مكافحة استعمال المال السياسي.
وتستعد الهيئة العليا للانتخابات لوجستيا عبر تقسيم دوائر الانتخابات وتحديث سجلات الناخبين ووضع شروط الترشح، في وقت أصدرت فيه المنظمات الانتخابية توصياتها لانتخابات المجالس والأقاليم التي سيختار فيها التونسيون من يمثلهم في الجهات والمحافظات الداخلية .

ونجحت تونس العام الماضي في إرساء دستور جديد بعد متغيرات الخامس والعشرين من يوليو، وإسقاط حكومة حركة النهضة، التي يتهمها الرئيس سعيد باستعمال المال السياسي الفاسد طيلة المحطات الانتخابية التي عرفها التونسيون بعد الثورة .
وتعول السلطة على إنجاح الانتخابات المحلية التي ستطبق رؤية سعيد حول لا مركزية الحكم.

وناقش برنامج حصة مغاربية، الاستعدادات التونسية لإجراء العملية الانتخابية، وتوصيات المنظمات الانتخابية، مع الدكتور محمد بوشنيبه عضو المكتب السياسي لحركة الشعب، ومحمود بن مبروك المتحدث الرسمي باسم مسار 25 يوليو.

أكد رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس، فاروق بوعسكر، أن الانتخابات المحلية ستجرى قبل نهاية العام الجاري باعتبارها المرحلة الأولى لتركيز الغرفة البرلمانية الثانية.

وأوضح بوعسكر أن الخطوة المقبلة تتمثل في تحديث السجل الانتخابي فيما ستصدر رئاسة الجمهورية أوامر رئاسية تتعلق بتقسيم الدوائر الانتخابية وضبط عدد المقاعد، ودعوة الناخبين وتحديد موعد الاستحقاق.

وتعتبر هذه الانتخابات غير مسبوقة في تونس، وستجرى للمرة الأولى في 2155 دائرة انتخابية، مقارنة بالانتخابات البلدية التي جرت في 350 دائرة عام 2018، مما يتطلب كلفة مالية كبيرة واستعدادات لوجيستية وبشرية مهمة.

في هذا السياق، قال الكاتب والباحث السياسي،  جمال مارس، إن الدعوة لإجراء الانتخابات خلال الفترة الحالية تأتي في الوقت المناسب، مؤكداً أن تنظيم الإخوان والموالين لهم عملوا على تعطيل مسار 25 يوليو ومنع إجراء الانتخابات كي تتوفر لهم الفرصة للعودة إلى المشهد السياسي من خلال محاولة إرباك الحياة الاقتصادية والاجتماعية.

فيما أوضح الكاتب والباحث في العلوم السياسية، عبد الرؤف بالي، أن تونس تمر بأزمة اقتصادية خانقة، وبحاجة إلى تمويلات خارجية كبيرة للايفاء بالالتزامات الخارجية، معتبرا إجراء الانتخابات بمثابة «رفاهية» في مثل هذا الوقت.

وأضاف أن الوضع الاقتصادي لتونس لا يسمح لها بتمويل إجراء الانتخابات حاليا، مشيرا إلى أن الرئيس، قيس سعيد، لن يقدم على إجراء الانتخابات في ظل الانتقادات الكبيرة على أداء الحكومة، وسيحاول تأجيل إجراؤها خاصة أن الأطراف المعارضة قد تكون الفائز بها.

أعلنت هيئة الانتخابات التونسية، أن النتائج الأولية للجولة الثانية من الانتخابات التشريعية في البلاد أظهرت أن نسبة المشاركة بلغت نحو أحد 11%. 

وقالت الهيئة، إن 860 ألف ناخب توجهوا إلى صناديق الاقتراع في 131 دائرة انتخابية،  وأدلوا بأصواتهم من أصل 7 ملايين ناخب.

ويرى مختصون ان نسبة المشاركة تدل على عزوف التونسيين الذي كان متوقعا لأسباب عدة منها الأوضاع المعيشية المعقدة وغياب المال السياسي.

وأثارت نسبة المشاركة في الجولة الثانية من الانتخابات الجدل من جديد، في وقت اعتبرت فيه المعارضة، أن البرلمان الذي سينبثق عن هذه  الانتخابات سيكون فاقدا  للشرعية، مجددة الدعوة لإلغائها.

وأشادت جبهة الخلاص الوطني بمقاطعة الانتخابات معتبرة الجبهة والتي تضم عدة تيارات سياسية أبرزها النهضة أن البرلمان القادم فاقدا للشرعية ولن يتم الاعتراف به، وهو ما يفتح أبواب الجدل السياسي مجددا بين تيارات سياسية تؤيد الاستحقاق وأخرى معارضة له. 

وقال بولبابة سالم، الكاتب والمحلل السياسي، عبر برنامج حصة مغاربية، إن نتائج الجولة الثانية من الانتخابات، تشير إلى أن الشعب التونسي قاطع الانتخابات مثل ما فعل في الجولة الأولى من الانتخابات. 

وأشار سالم إلى أن نسبة المشاركة الضئيلة لم تحدث من قبل في تاريخ تونس، معتبرا أن التونسيين أرادوا توصيل رسالة من خلال عزوفهم، وهي أن مشروع الرئيس التونسي قد فشل في تحقيق الأهداف المرجوة منه. 

ويرى الدكتور خالد عبيد الأكاديمي والباحث السياسي، عبر برنامج حصة مغاربية، أن عزوف التونسيين في الدور الأول أو الثاني، لا يعني أنهم يرفضون مشروع الرئيس التونسي، ولكنه له علاقة الجوانب الاقتصادية التي يعاني منها الشعب التونسي.

وقال عبيد، إن الشعب التونسي أصبح فاقد الثقة في البرلمان والنخبة السياسية في حل أزماته السياسية والأوضاع الاجتماعية الصعبة التي تمر بها البلاد، والارتفاع غير المسبوق في أسعار السلع والخدمات المعيشية.