لم تفكر كارولا راكيتا، -قبطان ألمانية-، في أي شىء يخص مصيرها قبل اتخاذ قرار إنقاذ 41 لاجئا أفريقيا، كانوا يواجهون خطر الموت، في مياه البحر المتوسط.
حاولت راكيتا أن تتخذ المسار القانوني في بادئ الأمر، حتى لا تتصرف بشكل فيه اختراق للقوانين، حيث انتظرت في المياه الدولية كي يسمح أي بلد أوروبي باستقبال سفينتها، لكنها لم تجد أي رد فعل إيجابي.
المخاطرة بالتوجه إلى إيطاليا
القبطان راكيتا، التي كانت تستخدم سفينة إنقاذ «سي وتش3»، وهي تابعة لمؤسسة خيرية ألمانية، قررت بعد أسبوعين من الانتظار أن تتجه صوب جزيرة لامبيدوزا جنوب إيطاليا، رغم رفض الحكومة الإيطالية ذلك الأمر، لكن التعاطف الإنساني جعلها تتصرف دون الاهتمام برد الفعل.
ظهرت راكيتا في مشاهد تلفزيونية حية، وكانت الشرطة تقوم باقتيادها بعيدا في سيارة، وقالت محطة راي التلفزيونية الحكومية إن راكيتا اعتُقلت “لمقاومتها سفينة حربية” وهي تهمة تصل عقوبتها إلى السجن عشر سنوات، وما زال المهاجرون موجودين على ظهر السفينة.
وكان ماتيو سالفيني وزير الداخلية الإيطالي وزعيم حزب الرابطة اليميني قال سابقا إنه لن يسمح لراكيتا بالرسو إلا عندما توافق دول أخرى بالاتحاد الأوروبي على أخذ المهاجرين فورا.
ردود فعل متباينة بشأن موقف راكيتا
واستمرت ردود الفعل تتتابع، فأشارت المنظمة الخيرية التي تعمل لحسابها الألمانية كارولا راكيتا إلى أنها تلقت تهديدات ونُقلت لمكان سري.
وقال مصدر بالحكومة الإيطالية أمس الثلاثاء إن ألمانيا وافقت على استضافة نحو 12 من المهاجرين الأفارقة الذين وصلوا إلى إيطاليا على متن السفينة وعددهم 41 مهاجرا.
وكانت راكيتا ستواجه السجن لمدة تصل إلى 10 سنوات لو أن اتهامات وُجهت لها بتعريض حياة 4 من الشرطة للخطر بعد اصطدامها بزورق دورية أثناء رسوها بسفينة الإنقاذ (سي ووتش) وعلى متنها نحو 40 مهاجرا أفريقيا.
وأبدت الألمانية كارولا راكيتا قبطان سفينة إنقاذ المهاجرين التي تحدت حظرا حكوميا إيطاليا بالرسو في ميناء جزيرة لامبيدوسا عن أسفها اليوم الأحد على أي إزعاج سببته عندما حاصرت سفينتها زورقًا تابعًا للشرطة عند الرصيف.
وقالت المتحدثة باسم (سي ووتش) في إيطاليا جيورجيا ليناردي إن راكيتا شعرت بأنها لا تستطيع الاحتفاظ بالمهاجرين على متن السفينة ليلة أخرى إذ إن التهديدات بالانتحار كانت تجبر طاقمها على توخي الحذر باستمرار.
القضاء ينتصر لراكيتا
وأمرت قاضية إيطالية أمس الثلاثاء برفع الإقامة الجبرية المفروضة على راكيتا (31 عاما) منذ يوم السبت بسبب عدم إطاعتها أوامر الجيش الإيطالي ورسوها بالسفينة في ميناء لامبيدوسا.
وقضت فيلا بأن القبطان راكيتا لم تنتهك القانون بخرق حظر بحري في إيطاليا وقالت إنها كانت تقوم بواجبها في إنقاذ أرواح عندما أدخلت المهاجرين إلى الميناء بعد إنقاذهم.
ومثلت راكيتا أمام محكمة في أجريجنتو يوم الاثنين واعتذرت على الاصطدام بزورق الدورية، قائلة إنه كان حادثا عارضا وإن اهتمامها كان منصبا على سلامة المهاجرين الذين ظلوا في عرض البحر لأكثر من أسبوعين.
وقال المتحدث باسم منظمة (سي ووتش) الخيرية الألمانية اليوم الأربعاء متحدثا بالإنجليزية: كانت هناك تهديدات عامة موجهة إلى كارولا.. لذلك نقلناها إلى مكان سري. لن ندلي بتعليقات على أي خطط انتقال أخرى تخصها”.
ووصفت راكيتا في بيان بثته المنظمة قرار القاضية أليساندرا فيلا بأنه “نصر عظيم للتضامن مع كل المهاجرين أمام تجريم من يريدون مساعدتهم”.
رفض الحكم
وعلى الجانب الآخر استقبل وزير الداخلية الإيطالي ماتيو سالفيني المنتمي لتيار أقصى اليمين ذلك بالقول إنه “ساخط” على الحكم.
وأثر الجدال الدائر بشأن ما فعلته راكيتا في علاقات إيطاليا بألمانيا وفرنسا وسلط الضوء على استمرار إخفاق الاتحاد الأوروبي في تبني استراتيجية واضحة بشأن الهجرة.
وجمعت حملة دشنها اثنان من نجوم التلفزيون الألماني على الإنترنت لمساعدتها نحو مليون يورو حتى الآن، بينما جمعت حملة أخرى على فيسبوك أطلقتها مجموعة إيطالية 435 ألف يورو خلال أسبوع واحد.
