مرة أخرى يتجدد الجدل حول طبيعة علاقة إقليم كردستان ببغداد، في ظل أزمة سياسية شهدها العراق منذ إجراء الانتخابات التشريعية قبل 6 أشهر.
محور هذا الجدل، تصريحات لرئيس حكومة إقليم كردستان، مسرور بارزاني يدعو فيها إلى تطبيق الكونفدرالية في العراق لمنح المكونات قوة أكبر.
كثيرون فسروا هذه التصريحات بأنها محاولة لتكرار تجربة استفتاء انفصال الإقليم عام 2017 والذي أجراه والده مسعود بارزاني.
وهنا تحديدا علينا أن نتذكر أن الكونفدرالية، هي رابطة لدول مستقلة ذات سيادة، ولكن لا تجمعها دولة، وإلا أصبحت نظاما آخرا وهو الفيدرالية.
علما بأن العراق أصلا بلد فيدرالي أو اتحادي، لأن دستوره بمادته الأولى ينص على أن الدولة تقسم إلى مقاطعات وأقاليم على أن يكون القرار السياسي ضمن دولة واحدة عضوة في الأمم المتحدة.
ما يعني أن التحول إلى النظام الكونفدرالي سيواجه عقبات منها، إقامة دولة جديدة وموافقة الأمم المتحدة وقرار من مجلس الأمن فضلا عن إصدار عملة خاصة.
غير أن هناك من يرى أن الدعوة إلى الكونفدرالية الآن ما هي إلا رد على استبعاد القيادي الكردي هوشيار زيباري من الترشح لرئاسة الجمهورية، وعلى إبطال قانون النفط والغاز الكردي وعلى استهداف أربيل بصواريخ باليستية من إيران.
وبين من يرى إمكانية ذهاب إقليم كردستان إلى الكونفدرالية ومن يرى خلاف ذلك، يجمع المراقبون على أن الحوار بين الإقليم والمركز في بغداد هو الآلية الوحيدة التي قد تسهم في حل الخلافات بينهما.
إقليم كردستان العراق.. تسلسل زمني
*أبريل 1991: مفاوضات جلال طالباني ومسعود بارزاني مع صدام حسين حول الحكم الذاتي لكردستان
*مايو 1994: اشتباكات وصفت بالحرب الأهلية بين قوات الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني
*سبتمبر 1998: جلال طالباني ومسعود بارزاني يوقعان اتفاق سلام في واشنطن
*2003: بعد الغزو الأمريكي تمدد نفوذ الأحزاب الكردية وباتت تحكم المنطقة بشكل شبه ذاتي
*2005: دستور العراق يقر إقليم كردستان وسلطاته القائمة إقليما اتحاديا ضمن دولة واحدة
*2017: بارزاني ينظم استفتاء على الانفصال يحصل على تأييد نسبة 90% من المشاركين بالإقليم
تغيّر أمريكي
تغيّر مفاجئ في موقف الولايات المتحدة والمجتمع الدولي من تشكيل حكومة عراقية توافقية، بقيادة الإطار التنسيقي المقرب من طهران.
تغيّر طرح تساؤلات عديدة عن أسباب تبدل الموقف الأمريكي الذي كان يهدف إلى تشكيل حكومة أغلبية بعيدة عن إيران.
فمنذ تكليف محمد شياع السوداني مرشح الإطار التنسيقي بتشكيل الحكومة، وتتحدث السفيرة الامريكية في بغداد عن بناء علاقات جديدة مع العراق، والترحيب بتكليف السوداني، فضلا عن زيارتها السوداني في مكتبه.
وبدوره، يتحدث رئيس الوزراء العراقي المكلف عن بناء علاقات متميزة ومتوازنة، وعن مد جسور التعاون مع الدول في المحيطين الإقليمي والدولي.
وهو ما جعل المراقبين يؤكدون أن هدف إدارة بايدن الآن في العراق هو الحفاظ على المصالح الامريكية، والسعي لعدم خسارة النفوذ في العراق.
وهناك من يرى أن الموقف الأمريكي تغير بسبب نية واشنطن الاعتماد على النفط العراقي في المرحلة القادمة بعد قرار أوبك الأخير بخفض الإنتاج.
ورغم هذا الدعم الأمريكي للحكومة الجديدة في العراق تبقى هناك عدة تحديات، أبرزها سيطرة ونفوذ الميليشيات والكتل السياسية المدعومة من إيران.
حيث وصل إلى البرلمان الاخير أعضاء من جماعات على لائحة الإرهاب الأمريكية على غرار كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق، وقد يصبح بعضهم خبيرا أو وزيرا في الحكومة الجديدة.
أبرز مخرجات الحوار الاستراتيجي العراقي الأمريكي
*التأكيد على أهمية العلاقات الثنائية القوية التي تعود بالنفع على الشعبين العراقي والأمريكي
*الولايات المتحدة تؤكد احترامها لسيادة العراق وسلامة أراضيه
*الحكومة العراقية تجدد التزامها بحماية أفراد التحالف الموجودة في العراق بناء على دعوتها
*الالتزام بحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية بما في ذلك حرية الصحافة
*تعزيز الشراكة الاقتصادية القوية بين البلدين لمكافحة جائحة كورونا
*مواصلة التعاون والعمل مع المنظمات الدولية لمواجهة آثار تغير المناخ
رغبة أمريكية
أكد كبير الباحثين في معهد واشنطن من واشنطن د. بلال وهاب، أن وجود بعض الفصائل العراقية المرتبطة بإيران في مجلس النواب يسبب حرجا كبيرا لإدارة بايدن.
وأوضح وهاب، خلال تصريحات له مع برنامج “مدار الغد”، أنه من الصعب أن تقرر الولايات المتحدة اتخاذ قرارات تدفع العلاقات مع العراق للتدهور بسبب بعض الفصائل العراقية التي تتمتع بولاء لإيران.
وأشار إلى أن بغداد تمثل أهمية استراتيجية لدى واشنطن، مؤكدا أن الشركات الأمريكية من مصلحتها استقرار الأسواق العراقية.
رفض الجوار
أكد مستشار المركز العراقي للدراسات والتنمية الإعلامية من بغداد علي فضل الله، أن العراق مر بمراحل صعبة لكن إقليم كردستان كان الأقل ضررا بسبب تدخل أممي.
وأوضح فضل الله، خلال تصريحات له مع برنامج “مدار الغد”، أن الجانب الأمريكي رسم سياسات خاطئة للنظام الحكم في العراق.
وأشار إلى أن التفكير للذهاب إلى الحكم الكونفدرالي أمر صعب، بسبب مخاوف دول جوار العراق مثل تركيا التي تتخوف من تنامي النزعة الانفصالية الكردية.
فشل الفيدرالية
أكد المستشار في مركز النون للدراسات الاستراتيجية من أربيل كاظم ياور، أن الدعوات الكردية لتطبيق النظام الكونفدرالية بسبب غياب مفاهيم وآليات تطبيق الفيدرالية.
وأوضح باور، خلال تصريحات له مع برنامج “مدار الغد”، أن رؤساء وزراء بغداد بعد 2005 لم يرسموا سياسات لتطبيق الفيدرالية الصحيحة في العراق مما أثر سلبا على حقوق إقليم كردستان.
وأشار إلى أن إقليم كردستان لمس أن القوى السياسية في العراق لا ترغب في وضع خطة تنمية اقتصادية في البلاد.
