يواجه الدكتور كلوفيس مقصود، حالة صحية حرجة، بحسب وكالات الأنباء العالمية، بعد إصابته بنزيف دموي في الدماغ استدعى نقله فورا إلى قسم العناية الفائقة في مستشفى «ميد ستار واشنطن هوسبيتال سنتر» في العاصمة الأمريكية، حيث لا يزال يرقد هناك فاقدا الوعي، تحت رقابة طبية متواصلة.
وكلوفيس مقصود، الاشتراكي العروبي، المعروف بأنه «خطيب القضية العربية» شغل منصب سفير جامعة الدول العربية في واشنطن ولدى الأمم المتحدة، خلال الفترة من 1979 وحتى 1990 حين تقدم باستقالته من الجامعة العربية بعد الغزو العراقي للكويت، وعمل قبل ذلك سفيرا للجامعة في الهند 1961/ 1966، ثم كبير محرري صحيفة الأهرام، ورئيس تحرير صحيفة النهار الأسبوعية 1967/1977، وهو كما يطلق عليه في موطنه لبنان شيخ العروبة، الدكتور ـ السفير ـ المثقف الكبير ـ المحاور المتميز بمعرفته الواسعة بأحوال البلاد، شرقا وغربا.
كانت شهرته في الولايات المتحدة، بأنه خطيب القضية الفلسطينية، والمتحدث المفوه باسم معاناة الشعب الفلسطيني، ولم يصغ أحد إلى كلوفيس، وهو يخطب في القضية الفلسطينية، ومنذ أن جاء سفيرا إلى أميركا، إلا وانبهر بمنطق ما يقول، سواء في برنامج تليفزيوني أو إذاعي أو على منبر جامعي، يتحدث عن القضية العربية. بحسب تعبير الكاتب الصحفي طلال سلمان، رئيس تحرير صحيفة السفير اللبنانية، وكنت تقابل في منزله هنري كيسينجر، أو زبيغنيو بريجنسكي، أو المرشح الرئاسي جورج ماكغفرن، وكنت ترى القاعة مكتظة بالطلاب ساعة محاضرته. ولم يكن سره الحقيقي البلاغة أو البساطة، بل الشخصية الصادقة والطوية الحسنة، والقدرة على التواصل مع الجميع، كما يقول الكاتب الصحفي سمير عطالله، وأنه يصعب إحصاء الزعماء والقادة الذين عرفهم كلوفيس من جيل باندونغ: نهرو، تيتو، وسوكارنو، وعبد الناصر، وياسر عرفات، وسواهم.
ويشير الكاتب الصحفي طلال سلمان، إلى أن كلوفيس المفرد في سعة ثقافته ومعارفه التي تشمل قادة وسياسيين ومفكرين في الشرق والغرب، حمل عبء الدفاع عن القضية العربية المحورية، فلسطين، وكان مؤمنا بوحدة الأمة، وهو العالم العلامة والمفكر الكبير والعلامة الفارقة في دنيا الثقافة والديبلوماسية.
ويروي سمير عطالله، أن كلوفيس مقصود طلب موعدا من الرئيس جمال عبد الناصر، فقال له عضو مجلس قيادة الثورة كمال رفعت، إن اللقاء حدد في منشية البكري «منزل عبد الناصر» ولعشر دقائق، وفي الطريق إلى منشية البكري برفقة كمال رفعت، لم يكن فكر كلوفيس منصبا على ما قد يسمع أو يقول، بل على ما سوف يقال في «مطعم فيصل» في بيروت حيث يتقدم «منح الصلح» جلسات التعليق على رجال النخبة والمثقفين ورواد فيصل. وربما لن يرى «منح بك» أن الموعد في حد ذاته أمر مهم، بل سوف يتهكم على قصر الدقائق العشر.. ولكن تبدلت مخاوف كلوفيس عندما استقبله عبد الناصر مازحا: «هُوَه حضرتك عاوز تعمل شيخ عروبة باسم كولوفيس؟»، واستبقاه إلى العشاء.
لم يغير كلوفيس مقصود اسمه ولم يعرِّبه، لكنه مضى في العمر شيخا من شيوخ العروبة، ووجها لامعا من وجوهها، عندما اتفق مع هالة سلام على الزواج، اعترضت والدتها، ابنة عبد الحميد كرامي، على الزواج من غير مسلم، فكان دفاع والدها مالك سلام، أن في كلوفيس من العروبة ما يعفيه، عروبة كلوفيس مقصود، مثل عروبة أمين الريحاني، مثل عروبة فارس الخوري، مثل عروبة مكرم عبيد، كان فيها شيء من النسك وشيء من التبشير.