لا بزال الاتفاق السعودي ـ الإيراني، يوم الجمعة الماضي، يتصدر اهتمامات ومتابعات وتحليلات الدوائر السياسية الإقليمية والدولية، والتي فوجئت بالتوافق السعودي الإيراني على تطبيع العلاقات بين الرياض وطهران، وعودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين مما يفتح آفاق التعاون الأمني والسياسي والاقتصادي بينهما.
ولكن «الحدث الدولي الكبير» لم يتحقق فجأة، وإنما شهدت كواليس «مفاوضات الاتفاق» ضمانات وتعهدات، كانت السبب في الاتفاق الذي وصف بأنه «تاريخي»، خصوصاً لناحية توقيته والظروف التي ساهمت أو دفعت للتوصل إليه، فضلاً عن تداعياته الواسعة على المستويين الإقليمي والدولي:
- ودخول الصين على خط الوساطة بين الرياض وطهران، بدأ باقتراح الرئيس الصيني شي، خلال قمم الرياض الصينية ـ العربية.
وإذا كانت جميع الملفات الأمنية المتفق عليها، قد طرحت على طاولة المفاوضات خلال خمس جولات من الحوار بين البلدين على مدى عامين.. فإن مفتاح الحل كان في الاتفاق الخاص الذي تم بين الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني، ورئيس الوفد السعودي مستشار الأمن الوطني السعودي مساعد العيبان، والذي بدل الجو العام ودفع نحو إتمام المفاوضات بنجاح:
وشهدت أجواء المفاوضات «داخل الكواليس بين الوفدين السعودي والإيراني» مكاشفات حول «ضمانات وتعهدات»، أضيفت إليها تعهدات صينية أيضا.. كان الوفد السعودي يريد ضمانات خاصة غير علنية من الإيرانيين وقد حصلوا عليها بالفعل.
- في البداية..كان الجانب الصيني قد عمل على إعداد تفصيلي ممتاز للمفاوضات، بعد أن درس القضايا الخلافية بين الجانبين، والثغرات والمحدودية في الوساطتين العراقية والعمانية، حتى أنه لم يبلغ واشنطن بالمفاوضات، كما جرت العادة بين البلدين، حيث تتقاطع مصالحهما، تاركاً المجال للرياض لإبلاغها في اللحظة الأخيرة دون أي تنسيق مسبق، كما كان يحدث في جلسات الحوار التي جرت سابقاً في بغداد.
- وأكد مصدر دبلوماسي كان مسؤولاً عن تنسيق الاتصالات بين طهران وبكين حول الوساطة الصينية مع الرياض، أن الصينيين أنفسهم لم يكونوا يتوقعون الموقف السعودي الإيجابي قبل أسبوعين من التوقيع على الاتفاق برعاية الصين.
- وقال المصدر لصحيفة الجريدة الكويتية، إن الجانب السعودي اتصل قبل أسبوعين ببكين، وذكر أن لديه شروطاً غير قابلة للتفاوض، وإذا كان الجانب الإيراني لديه الاستعداد للقبول بهذه الشروط دون أي بحث، فليرسل وفداً إلى بكين لوضع اللمسات النهائية وتوقيع الاتفاق.
- وهذه الشروط السعودية بحثها بشكل حصري رئيسا وفدَي البلدين في بداية الأيام الأربعة من المفاوضات التي قادت إلى إعلان الاتفاق.. هذه الجلسات جرت بدون حضور أي ممثلين صينيين وحتى بدون مترجمين، باعتبار أن الأمين العام للمجلس الأعلی للأمن القومي الإيراني علي شمخاني هو إيراني عربي يتكلم اللغة العربية بطلاقة.
- ومن جهة أخرى، أكدت الصين للجانبين، أنها مستعدة لضمان الاتفاق، وفي حال وجدت أي انتهاك لبنوده لن تقف مكتوفة الأيدي، وستواجه الطرف المنتهِك بحقيقة أن انتهاكاته تمس مباشرة بهيبة الدبلوماسية الصينية ما قد يؤثر على العلاقات بين البلدين.
- وقدمت الصين وعوداً للجانبين بالاستثمار الاقتصادي في المنطقة مشترطة إنهاء كل الملفات والنزاعات المباشرة أو بالوكالة بينهما..
قمة خليجية إيرانية مرتقبة برعاية الصين
وكشف المصدر الدبلوماسي، أن هناك مسعى صينياً لاستضافة بكين قمة خليجية – إيرانية.. وأن بكين تبحث الآن، بعد نجاحها في هذه الوساطة، أن تلعب دوراً أساسياً في مفاوضات إعادة إحياء الاتفاق النووي، إذ إن الروس كانوا يلعبون هذا الدور سابقاً، لكن بعد الحرب الأوكرانية خفّض الأوروبيون والأمريكيون اتصالاتهم مع المندوب الروسي الدائم في المنظمات الدولية ميخاييل أوليانوف.
