كواليس خطاب كامالا هاريس بشأن غزة.. هل تدخل مسؤولو إدارة بايدن للتخفيف من حدته؟

كشف تقرير أميركي عن أن مسؤولين في إدارة الرئيس جو بايدن، كانوا قد تدخلوا للتخفيف من حدة الخطاب والتصريحات التي أدلت بها نائبة الرئيس الأميركي، كامالا هاريس، بشأن تطورات الوضع في غزة، والعدوان المستمر منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الاول الماضي.

وذكرت شبكة NBC NWES الأميركية، فيما نقلته عن مسؤولين أميركيون، أن هاريس قبل أن تلقي خطابها الحاد، يوم الأحد، حول الحاجة إلى وقف فوري لإطلاق النار لمدة 6 أسابيع بين إسرائيل وحماس، كجزء من صفقة لإطلاق سراح المحتجزين، خفف المسؤولون في مجلس الأمن القومي أجزاء من خطابها.

كواليس خطاب هاريس

المسودة الأصلية لخطاب هاريس، عندما تم إرسالها إلى مجلس الأمن القومي للمراجعة، كانت أكثر قسوة تجاه إسرائيل بشأن الوضع الإنساني المتردي في قطاع غزة، والحاجة إلى المزيد من المساعدات مقارنة بالتصريحات التي أدلت بها في نهاية المطاف، وفقا لأحد التقارير.

وقال أحد المسؤولين الأميركيين، إن المسودة الأولية تطالب إسرائيل على وجه التحديد بشكل مباشر أكثر بالحاجة إلى السماح على الفور بدخول شاحنات مساعدات إضافية، ووصف المسؤول لغة هاريس الأصلية بأنها قوية ولكنها ليست مثيرة للجدل.

وتسلط هذه الخطوة لتخفيف تعليقات هاريس الضوء على مدى تردد البيت الأبيض في انتقاد إسرائيل بشدة علنًا، حيث يحاول الرئيس جو بايدن الحفاظ على بعض النفوذ على الحكومة الإسرائيلية، وتأمين صفقة المحتجزين.

وقال مسؤولون حاليون إن التغييرات كانت نغمية، وليست تحولات في السياسة، وأن تعليقات هاريس حول وقف إطلاق النار، والتي تمت تغطيتها على نطاق واسع، كررت تصريحات بايدن قبل يومين وموقف الإدارة الأميركية من الحرب.

وردا على سؤال حول التقارير التي تفيد بأن خطاب الأحد تم تخفيفه وجعله أقل عدوانية، قالت كيرستن ألين، مديرة الاتصالات الخاصة بهاريس: «هذا غير دقيق».

كارثة إنسانية واضحة

كما زودت ألين شبكة NBC NWES ببيان منفصل يشرح موقف هاريس من تصريحاتها.

وأضافت: «شعرت نائبة الرئيس بأنه من المهم معالجة الوضع الإنساني المتردي في غزة، في ضوء التطورات الأخيرة، وتكرار دعوة إدارتنا لحماس لقبول شروط صفقة المحتجزين».

وكما هو الحال بالنسبة لمعظم كبار مسؤولي البيت الأبيض الذين يلقون خطابات حول السياسة الخارجية، فقد تم تقديم خطاب هاريس إلى مجلس الأمن القومي وموظفي الجناح الغربي للمراجعة، وتم إجراء عدد من التغييرات، حسبما قال العديد من المسؤولين، بما في ذلك اثنان من مسؤولي البيت الأبيض.

وقال المسؤولون إن التعديلات تم إجراؤها حتى اللحظة الأخيرة، كما هو الحال غالبًا مع قضية السياسة الخارجية المباشرة.

جاءت تعليقات هاريس حول الشرق الأوسط في بداية خطاب ألقته على جسر إدموند بيتوس في سلما، بولاية ألاباما، بمناسبة الذكرى التاسعة والخمسين للأحد الدامي، عندما قام نشطاء الحقوق المدنية، بما في ذلك النائب الراحل جون لويس، د- جورجيا، للضرب على أيدي ضباط إنفاذ القانون لمطالبتهم بالعدالة العنصرية.

وشددت هاريس، من بين أمور أخرى، على ضرورة سماح إسرائيل بدخول المساعدات إلى غزة للمساعدة في ما وصفته بـ«كارثة إنسانية واضحة».

وأشارت إلى أنه في الأسبوع الماضي، نفذت وزارة الدفاع الأميركية (البتاغون) أول إسقاط جوي للمساعدات الإنسانية إلى غزة، وقالت إن الولايات المتحدة ستواصل تقديم هذه المساعدات.

وقالت أيضًا: «يجب على الحكومة الإسرائيلية أن تفعل المزيد لزيادة تدفق المساعدات بشكل كبير».

وأضافت هاريس: «عليهم أن يفتحوا حدوداً جديدة للمساعدة، ويجب ألا يفرضوا أي قيود غير ضرورية على إيصال المساعدات، كما يجب عليهم التأكد من عدم استهداف العاملين في المجال الإنساني والمواقع والقوافل، ويجب عليهم العمل على استعادة الخدمات الأساسية وتعزيز النظام في غزة حتى يتمكن المزيد من الغذاء والمياه والوقود من الوصول إلى المحتاجين».

وقف إطلاق النار

لكن تعليقات هاريس بشأن وقف إطلاق النار جذبت أكبر قدر من الاهتمام.

وقالت هاريس، وسط تصفيق حاد ومتواصل: «بالنظر إلى الحجم الهائل للمعاناة في غزة، يجب أن يكون هناك وقف فوري لإطلاق النار لمدة 6 أسابيع على الأقل كما هو مطروح حاليا على الطاولة، سيؤدي ذلك إلى إخراج المحتجزين وإدخال قدر كبير من المساعدات، وهذا سيسمح لنا ببناء شيء أكثر استدامة لضمان أمن إسرائيل واحترام حق الشعب الفلسطيني في الكرامة والحرية وتقرير المصير».

وبالرغم من أن هاريس كانت تعيد تأكيد الموقف السياسي الذي اتخذته إدارة بايدن في الأسابيع الأخيرة، إلا أن خطابها القوي انتشر على نطاق واسع، حيث نشر آلاف الأشخاص تعليقاتها على الإنترنت وكتب عنها عدد من وسائل الإعلام.

وكانت تلك لحظة فارقة بالنسبة لهاريس، التي تتعرض لانتقادات منذ فترة طويلة لعدم ظهورها بشكل كافٍ كنائبة للرئيس.

ويضغط عدد من النشطاء والزعماء الدينيين على بايدن للدعوة إلى وقف دائم لإطلاق النار، لكن الإدارة لم تفعل ذلك حتى الآن.

وحتى عندما أصبح من الواضح أن هاريس لم تكن تقول شيئًا جديدًا، استمرت كلماتها في جذب الانتباه.

ويعتقد المقربون من هاريس أن كلماتها برزت بسبب إلقائها ولأنها ألقتها أثناء الاحتفال بالذكرى السنوية لفصل رئيسي في حركة الحقوق المدنية، وقال آخرون إن رسالتها التي ركزت على ما يواجهه المدنيون في غزة كانت فعالة بشكل خاص.

وقالت ليا دوتري، النائبة الديمقراطية: «لقد فعلت أفضل ما تفعله، وهو تناول القضايا السياسية، وتقسيمها بطريقة يمكن للناس أن يفهموها، ثم معالجتها بشغفها الخاص وإحساسها الخاص بما هو صحيح».

وقالت مسؤولة في مكتب هاريس إنها قررت أنها تريد التحدث عن غزة في خطابها بعد أن قال بايدن يوم الجمعة إن الإدارة ستدعم وقف إطلاق النار الفوري لمدة 6 أسابيع كجزء من صفقة المحتجزين.

وقال بايدن في المكتب البيضاوي: «إننا نحاول التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل وحماس، لإعادة المحتجزين والوقف الفوري لإطلاق النار في غزة لمدة الأسابيع الستة المقبلة على الأقل، والسماح بزيادة المساعدات عبر قطاع غزة بأكمله، وليس الجنوب فقط، بل قطاع غزة بأكمله».

وحرص فريق هاريس، يوم الإثنين، على التأكيد على عدم وجود أي خلاف بينها وبين بايدن.

وقال هاريس للصحفيين: «أنا والرئيس كنا متفقين ومتسقين منذ البداية، لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، لكنها قتلت عددا كبيرا جدا من المدنيين الفلسطينيين، وهم مدنيون أبرياء».

الضرب على وتر حساس

من جهته، قال كريستوفر هنتلي، الخبير الاستراتيجي الديمقراطي، الذي عمل كاتب خطابات لهاريس العام الماضي، إنه يعتقد أن خطابها ضرب على وتر حساس بسبب إلقائها وإعداد الخطاب.

وقال: «كان هناك خيار واضح لاستخدام عبارة وقف إطلاق النار الفوري، ولقد حدث اختراق لأنها كانت لغة واضحة للغاية، وكانت مباشرة، وتحدثت على وجه التحديد إلى قلوب الشباب، السود والملونين والناخبين الأصغر سنا الذين هم حقا مستاءون حقا بشأن هذه القضية».

وأضاف: «كان من المناسب أيضًا أن يحدث ذلك في سلمى، عند سفح جسر إدموند بيتوس، حيث تم تعريف النضال من أجل العدالة والمساواة والحقوق المدنية وحقوق الإنسان في ذلك الجيل».

____________________________

شاهد | البث المباشر لقناة الغد