كورونا والاقتصاد.. العالم على حافة أسوأ أزمة مالية
دفعت الزيادة الحادة في عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا في العالم لإغلاق أغلب حدود البلاد مع جيرانها، ما يهدد الصادرات النفطية وغير النفطية، التي تشكل شريان الحياة الرئيسي للاقتصاد العالمي.
وأصبحت الأزمة الصحية المتفاقمة أزمة اقتصادية، حيث أدى تفشي فيروس كورونا المستجد إلى تدمير الأسواق المالية وإفراغ المتاجر والشركات وإغلاق مواقع كبرى وأحداث رئيسية.
مع ارتفاع قائمة البلدان، التي أصيبت بالفيروس إلى 57 دولة، حيث أبلغت بيلاروسيا وليتوانيا ونيوزيلندا ونيجيريا وأذربيجان وهولندا عن حالاتها الأولى، أصبحت التهديدات، التي تتعرض لها سبل كسب الرزق تتزايد بحذر شديد مثل تهديدات الأرواح.
وقال سيمون فنتوريني، مستشار مجلس المدينة للتنمية الاقتصادية في مدينة البندقية، حيث انهارت السياحة، التي تضررت بالفعل بسبب الفيضانات التاريخية في العام الماضي مع أنباء عن حالات إصابة بالفيروس، “إنها ليست كوليرا أو الطاعون الأسود، الضرر الذي يقلقنا أكثر هو الضرر الذي يلحق بالاقتصاد”.
وقال تيدروس أدهانوم جبريسيس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، إن تفشي المرض “ينطوي على إمكانات وبائية”، ولكن أيا كانت المصطلحات التي يستخدمها المسؤولون، فإن الآثار المترتبة على ذلك واضحة.
إغلاق ديزني لاند ويونيفرسال ستوديوز
مناطق الجذب السياحي، بما في ذلك (طوكيو ديزني لاند) و(يونيفرسال ستوديوز اليابان)، أعلنت عن عمليات إغلاق وإلغاء فعاليات تجذب عشرات الآلاف بما في ذلك جولة لفريق “بي تي إس” الغنائي الكوري الجنوبي.
ويراقب المستثمرون بحذر تراجع الأسهم في جميع أنحاء آسيا ويتأهبون لمعرفة ما إذا كان الأداء السيء لوول ستريت سيستمر، في حين أن الشركات الصغيرة والكبيرة شهدت ضعفًا شعر كذلك به الناس في محافظهم.
وقال كيم يون أوك، الذي يبيع الكعك ولفائف الأعشاب البحرية في سوق جوانججانج في سول، حيث كانت الحشود ضعيفة اليوم الجمعة “لم يأت أحد إلى هنا تقريبا.. آمل أن يتم السيطرة على المرض قريبا”.
وكانت كوريا الجنوبية أحصت 571 حالة جديدة، أي أكثر من الصين في إيطاليا، حيث يتزايد عدد الحالات التي بلغت 650، وانخفضت حجوزات الفنادق، وأثار رئيس الوزراء جوزيبي كونتي شبح الركود، وتساءل أصحاب المتاجر مثل فلافيو جاستالدي، الذي يبيع الهدايا التذكارية في البندقية منذ ثلاثة عقود، عما إذا كان بإمكانهم النجاة من هذه الضربة، وقال جاستالدي “سنعيد المفاتيح إلى الملاك قريبا”.
في بانكوك يهتفون “قللوا قيمة الإيجارات”
وأثارت الأزمة الاقتصادية غضبا في بانكوك، حيث نظم مستأجرون في “بلاتينيوم فاشون مول” احتجاجا وكانوا يهتفون “قللوا من قيمة الإيجارات!” ويحملون لافتات تقول “السياح لا يأتون، والمتاجر تعاني”.
وقالت كانيا يونتاراراك، صاحبة متجر لبيع الملابس النسائية تبلغ من العمر 51 عامًا، إن مبيعاتها انخفضت إلى 1000 بات (32 دولارًا) في بعض الأيام، مما يجعل من الصعب سداد قرض مقابل تأجيرها، وقد توقفت عن قيادة السيارة للعمل واستخدمت وسائل النقل العام بدلاً من ذلك وقللت من فواتير البقالة، وأصبح الوضع أسوأ من الفيضانات والأزمات السياسية التي كان متجرها يتحملها في الماضي، وقالت عن التجار: “فيروس كورونا هو أسوأ وضع شهدوه على الإطلاق”.
التربح من كورونا
حقق البعض أرباحا من تلك الأزمة، حيث تم إلقاء القبض على 20 شخصًا في إيطاليا لبيعهم أقنعة زعموا أنها توفر الحماية الكاملة من “كوفيد-19″، وهو المرض الناجم عن الفيروس، وقالت الشرطة إنهم كانوا يبيعون القناع الواحد مقابل خمسة آلاف يورو (5520 دولار).
وتستعد المدارس اليابانية للإغلاق وأعلنت جزيرة هوكايدو في البلاد حال الطوارئ، حيث حث حاكمها السكان على البقاء في منازلهم خلال عطلة نهاية الأسبوع.
وحظرت الحكومة السويسرية الفعاليات التي تضم أكثر من 1000 شخص، بينما تم تفريغ أحواض المياه المقدسة في كاتدرائية كولونيا بألمانيا خوفًا من انتشار الجراثيم.
وعلى الصعيد العالمي، أصيب أكثر من 83 ألف شخص بفيروس كورونا، وعلى الرغم من أنها أكثر الدول تضررا، شهدت الصين أعدادًا أقل من الإصابات الجديدة، حيث تم الإبلاغ عن 327 حالة إضافية اليوم الجمعة، ليصل إجمالي عدد المصابين في البلاد إلى 78824 حالة، وتوفي 44 شخصا آخر هناك ليصبح المجموع 2788.
وسجلت كوريا الجنوبية 2337 حالة، معظمها خارج الصين، وبدوره، أدى العدد الكبير للحالات في إيطاليا وفي إيران، والتي سجلت 34 وفاة و388 إصابة، إلى إصابة أشخاص في بلدان أخرى.
كورونا يصيب إيران بشلل اقتصادي
وباتت إيران تواجه وضعا صعبا للغاية ينذر بانهيار اقتصادي وشيك بسبب حالة الشلل الناجمة عن انتشار فيروس كورونا المستجد وحالة الخوف التي أصابت الشارع الإيراني بسبب انتشار الفيروس وتمدده إلى معظم المحافظات.
وتواجه معظم القطاعات الحيوية في إيران صعوبة في الاستمرار لاسيما بعد إغلاق دول الجوار حدودها مع إيران وتعطل الإنتاج ويهدد الشلل الذي أصاب معظم القطاعات الحيوية في طهران بسبب انتشار الفيروس وتسبب في هبوط العملة الوطنية وانخفضت إلى أضعف مستوياتها في عام مقابل الدولار وتهبط 10% من قيمتها مما يزيد من التضخم والإضرار بالاستهلاك المحلي بينما قد يتسبب توقف الصادرات في ارتفاع معدلات البطالة التي يتوقع المحللين أن تتجاوز 20% هذا العام.
إلغاء معرض جنيف الدولي للسيارات
ألغي معرض جنيف الدولي للسيارات بعدما أعلنت السلطات السويسرية حظرا عاجلا اليوم الجمعة على كل الأحداث والفعاليات “العامة والخاصة” في البلاد والتي تتضمن أكثر من ألف شخص، كإجراء وقائي لوقف تفشي فيروس كورونا المستجد.
وقال مسؤولون إن الإجراء سيظل مفروضا حتى منتصف مارس/ آذار المقبل على الأقل، وسيكون من بين الأحداث التي ستتأثر بالحظر، معرض جنيف الدولي للسيارات والذي كان مقررا خلال الفترة من الخامس وحتى الخامس عشر من مارس/ آذار المقبل ويجتذب عشرات الآلاف من الزائرين سنويا.
أوليفييه ريس رئيس مجموعة “جي.آي.إم.إس. سويس” المنظمة لمعرض السيارات الدولي، أكد لأسوشيتد برس أن المعرض سيلغى.
وقال وزير داخلية سويسرا ألان بيرسيه “ندرك أن هذا الإجراء سيكون له تأثير هائل على الحياة العامة، غير أن تلك الخطوة يتوقع أن توفر حماية فعالة للمواطنين في سويسرا والصحة العامة، إذ من المفترض أن تمنع أو تؤخر انتشار المرض في سويسرا، ومن ثم تقلل زخمه”.
وقالت الحكومة، إنه بالنسبة للأحداث التي يشارك فيها أقل من ألف شخص، فإنه يتعين على الجهات المنظمة “إجراء تقييم مخاطر بالتعاون مع سلطات الولايات المختصة لتحديد ما إذا كان يمكن تنظيم الحدث أم لا”.
وقال بيرسيه إن المقار الإدارية الضخمة أو المنشآت العامة لن تغلق جراء هذا الإجراء، وكانت سويسرا قد أعلنت أن لديها خمس عشرة حالة إصابة مؤكدة.
وتتشارك سويسرا الحدود مع شمال إيطاليا، المنطقة التي شهدت أكبر عدد لحالات الإصابة في أوروبا.
وصنفت الحكومة السويسرية انتشار المرض على أنه “موقف خاص” وهو ثاني أعلى تصنيف من ثلاث مستويات في قانون تفشي الوباء في البلاد، و أعلى مستوى يصنف على أنه “موقف استثنائي” وهو تصنيف تلجأ إليه الحكومة في حالة تفشي على نطاق وباء الأنفلونزا الإسبانية عام 1918، ومن بين الأحداث الأخرى المتأثرة بقرار الحظر وبالإضافة إلى معرض جنيف للسيارات، موكب الكرنفال التقليدي في بازل.
هل تنضم مقار الأمم المتحدة ضمن قوائم العزل؟
لم يعرف على الفور ما إذا كان الحظر سيؤثر على الاجتماعات الخاصة بمقار الأمم المتحدة في جنيف أم لا، حيث تتمتع المنظمة العالمية بوضع خاص قد يجعلها بمعزل عن الإجراء الصحية الاستثنائية التي تتخذها الدولة.
وقال رولاندو جوميز الناطق باسم مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إن “أكثر من ألف مشارك” يحضرون جلسة بدأت الإثنين الماضي وستستمر لمدة أربعة أسابيع.
وأضاف أن كبار مسؤولي المجلس يعقدون اجتماعا لتحديد أثر القرار السويسري، وقال جوميز خلال إيجاز صحفي دوري للأمم المتحدة اليوم الجمعة “سنراقب عن كثب بالغ وسنبلغكم بالمستجدات”.