«كورونا» يطرح سؤالا محيرا: متى ينهار الاتحاد الأوروبي؟

التساؤل الذي فرض نفسه على هامش الهجوم الكاسح لفيروس «كورونا»على أوروبا: متى ينهارالاتحاد الأوروبي؟ وهل ينجو النموذج الاقتصادي للاتحاد الأوروبي من وباء «كوفيدـ 19»؟! بعد أن التزمت الدول الأوروبية بما يشبة «الابتعاد الإجباري» عن دول الاتحاد، وأغلقت الحدود لأول مرة في وجه شرعية اتفاقية «شينجن» لفتح الحدود بين الدول الأعضاء في الاتحاد، لتواجه إيطاليا وإسبانيا ـ على سبيل المثال ـ حالة من العجز والاحتياج في مواجهة فيروس كورونا الذي توطن وبلغ ضحاياه عشرات الآلاف من المصابين والموتى، لولا مبادرة المساعدة العاجلة من روسيا والصين للتخفيف من نكبة إيطاليا وإسبانيا، بينما الاتحاد الأوروبي لم يتحرك وبقي في حالة من الانكماش و«الابتعاد الإجباري».. ونفس المعاناة طالت دولا أوروبية أخرى ـ على انفراد ـ منها بريطانيا وفرنسا وألمانيا ، مع غياب التنسيق والدعم المتبادل بين دول الاتحاد الأوروبي !ّ!ّ

 

 

مؤشرات الانهيار

ومؤشرات انهيار الاتحاد الأوروبي، لا تتوقف عند إغلاق الحدود منعا لتفشي وباء فيروس «كوفيد ـ 19»، فهذا أمر مؤقت سوف يزول مع مرور الوقت.. ولا يتوقف أيضا عند حالة كانت أشبه بالهروب والابتعاد عن دول الجوار الأوروبي دون تقديم سبل المساعدة والدعم، خشية تفشي وباء كورونا .. ودون إعلان حالة طوارئ جماعية في دول الاتحاد بالتنسيق مع المنظومة الصحية والأمنية التابعة للاتحاد الأوروبي.. كل هذه المؤشرات ترتبط كذلك بالتداعيات الاقتصادية للحجر الصحي، وهي تداعيات كارثية. وكما يبدو الوضع حتى الآن، أن تلك الصدمة يمكن أن تكون القشة الأخيرة التي تقصم ظهر العولمة الاقتصادية الهشة، المبنية على 250 تريليون من الدين العالمي، بحسب تقديرات المحلل السياسي الروسي، ألكسندر نازاروف، ولن تكون هناك فرصة لسداده. أي أنه بنهاية وباء فيروس كورونا، لن تنتهي الأزمة الاقتصادية، بل سترتفع معدلات الانكماش الاقتصادي، الذي اعترف بحتميته الغرب، والذي سيؤدي إلى خفض كبير في أعداد الوظائف بجميع أنحاء أوروبا، سواء في الدول الغنية أو الفقيرة من الاتحاد على حد سواء.

 

  • ويرى «نازاروف»: أن التهديد الأساسي لوجود الاتحاد الأوروبي يأتي من أولئك الذين أسسوه في البداية. فليست اليونان، أو أوروبا الشرقية من يهددون بقاء الاتحاد، وإنما أكثر الدول نجاحا واستقرارا، مثل مجموعة البنلوكس (بلجيكا وهولندا ولوكسمبورغ) وألمانيا، والتي يمكن أن توقف نشاط أي من أو كل المؤسسات الأوروبية، أو أن تخرج منها في ظل ظروف معينة، إذا ما قضت المصلحة القومية لهذه البلدان بذلك.

وضع الجدران (الافتراضية والواقعية) على الحدود

إن حرية الحركة، وسوق العمل المشتركة، كانت هي المنحة الأكبر والأهم التي يمنحها الاتحاد الأوروبي لمواطنيه العاديين، وخاصة في الدول الأعضاء الأقل تطورا في الاتحاد الأوروبي. وفي عصر النمو الاقتصادي، كان تيار اليد العاملة الشابة المتدفقة من الأطراف الفقيرة لأوروبا نحو أوروبا الأساسية، التي تخطو نحو الشيخوخة، مفيدا للجميع. لكن تلك الميزة تحولت إلى عيب مع اندلاع الأزمة الأولى. وسبب تدفق اللاجئين السوريين هزة عنيفة لأساس أيديولوجية الاتحاد الأوروبي، وجاء إلى السلطة أو تسبب في نشوء تيارات يمينية، كثيرا ما تعارض عضوية الاتحاد الأوروبي. ثم بدأت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وضع الجدران (الافتراضية والواقعية) على الحدود بين بعضها البعض. وقامت إحدى الدول الأعضاء، بريطانيا، بالخروج من الاتحاد بسبب هذه الأزمة بشكل كبير.

 

  • لقد توقف الاتحاد الأوروبي عن منح تأشيرات العمل إلى مواطني مولدافيا وأوكرانيا، قبل اندلاع أزمة وباء فيروس كوفيد-19، وبعد ظهور أزمة المهاجرين السوريين، ليدفن الاتحاد بذلك خططه للتمدد نحو الشرق. الآن سوف يكون الخيار أمام الحكومات في الدول «المؤسسة» للاتحاد الأوروبي بين فقدان السلطة في الانتخابات القادمة وإغلاق أسواق العمل حتى أمام الجيران في الاتحاد الأوروبي، وبالتالي سيصبح الحد من الهجرة داخل الاتحاد الأوروبي أمرا لا مفر منه.

 

هل يمكن تأجيل انهيار النموذج الاقتصادي للاتحاد الأوروبي 

كانت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تحصل من عضويتها في الاتحاد على منافع مختلفة، فكانت ألمانيا، و«الشمال الصناعي» تحصل على أسواق أوسع لتوزيع بضائعها في الجنوب والشرق، وتدمر في طريقها الصناعات في الدول الضعيفة من أعضاء الاتحاد، بينما تحصل من الأخيرة على تدفق الأيدي العاملة الشابة. في المقابل تحصل الدول الضعيفة على قروض ضخمة، ما سمح لها لبعض الوقت من رفع مستوى معيشة مواطنيها بشكل مؤقت، وخلق وهم بالنمو بسبب الانضمام للاتحاد الأوروبي. لكن تلك القروض، بطبيعة الحال وكما يحدث دائما، تنتهي، ونحن نذكر جيدا أزمات الديون لمجموعة PIIGS التي تضم البرتغال وإيطاليا وإيرلندا واليونان وإسبانيا أعوام 2010-2012، حينما أثبت النموذج الاقتصادي للاتحاد الأوروبي عدم قدرته على الاستمرار للمرة الأولى. كان حل أزمة مجموعة PIIGS هو ضخ قروض جديدة وتأجيل انهيار النموذج الاقتصادي للاتحاد الأوروبي حينها، لكن ذلك أدى إلى تعقيد إمكانية الخروج من الأزمة الاقتصادية الراهنة. والآن سوف تتخذ سلطات الاتحاد الأوروبي القرارات المفيدة للأغلبية الفقيرة من الدول الأعضاء على المدى القصير، لكنها سوف تكون قاتلة بالنسبة لليورو، وبالتالي لجميع الدول الأعضاء في الاتحاد.

 

  • في الاتحاد الأوروبي تمتلك البلدان الفقيرة غالبية الأصوات داخل الاتحاد. لذلك فإن القرارات التي يتم اتخاذها كثيرا ما لا تناسب الدول التي تمثل «النواة» الاقتصادية للاتحاد الأوروبي، ويصبح الحل الوحيد أمام ألمانيا وغيرها هو مغادرة الاتحاد الأوروبي.

فشل الأساس الأيديولوجي للاتحاد الأوروبي

ويقول مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق، جون بولتون، إن «ديمقراطية» الاتحاد الأوروبي هي عندما تجبر الفلاحين على التصويت عدة مرات حتى يصوتوا بصورة «سليمة». لكن هذا المبدأ لم ينجح سوى في زمن الازدهار والنمو، وقبل أن تدفع الأزمة بعد إلى تفاقم المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والتطرف السياسي.. اليوم، أصبحت الكتلة الحرجة من مواطني الدول الأوروبية، ممن تزعجهم عضوية بلادهم في الاتحاد الأوروبي، كبيرة وأكثر راديكالية بكثير، وسوف تؤدي أي محاولات من النخب السياسية تجاهل إرادة الناخبين إلى أزمة سياسية داخلية طاحنة، كما رأينا في مثال البريكست.

 

  • ويؤكد المحلل السياسي «نازاروف»: إن الأساس الأيديولوجي للاتحاد الأوروبي يقوم على الازدهار الاقتصادي، بعيدا عن شعارات الحرية والديمقراطية وغيرها، إنه الازدهار الاقتصادي وحده. يريد الجميع أن يعيشوا كما يعيش الألمان، وذلك مقابل الحرية والسيادة وكل شيء. وبفقدان الازدهار الاقتصادي، ينتهي المشروع الطوباوي المسمى بالاتحاد الأوروبي، والذي قام على التمدد الاقتصادي لألمانيا، مع تعويض مؤقت لخسائر الدول الفقيرة في الاتحاد. سوف يستغرق الانهيار وقتا بالطبع، لكن هذا النموذج يحتضر، وأتوقع أنه في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية الطاحنة التي تعصف بالعالم الآن، سوف تصدر شهادة الوفاة لهذا الاتحاد رسميا.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]