كيف أخلت الصين «هانجتشو» وحولتها إلى «مدينة أشباح» قبل قمة العشرين؟
حالة من الدهشة والحيرة تصيب الصحفيين في الأيام الأخيرة من انعقاد قمة العشرين، حيث ذُهل الصحفيون الأجانب من كيفية تمكن الحكام في الصين من تحويل مدينة هانجتشو، التي يبلغ عدد سكانها 6 ملايين نسمة إلى مدينة أشباح لضمان قمة خالية من المتاعب، بحسب تقرير لصحيفة «الجارديان» البريطانية.
وتحولت مدينة هانجتشو الصينية إلى «مدينة أشباح» قبل وصول زعماء أكبر 20 دولة في العالم، بعدما شجعت الحكومة السكان على مغادرتها مع تعزيز الإجراءات الأمنية استعداداً لقمة مجموعة العشرين.
فأكثر من ثلث سكان هانجتشو «تم إقناعهم» بمغادرة المدينة فيما سمته وسائل الإعلام الرسمية الصينية بالنزوح الجماعي، الذي شهد إجبار السيارات على إخلاء الطرق وأُعلنت فيه عطلة رسمية لـ7 أيام.
وعشية بدء قمة مجموعة العشرين كانت الطرق والمراكز التجارية في الشارع الرئيسي بوسط مدينة هانجتشو، وهي عادة مدينة مزدحمة يقطنها 9 ملايين نسمة خالية إلا من بضع سيارات وأفراد، في حين أغلقت المتاجر أبوابها، وتوقفت أيضا أعمال البناء في المدينة، وهو أمر غير مألوف في دولة يكاد العمل يكون مستمراً فيها على مدار الساعة.
كذلك صدرت الأوامر لآلاف السكان بإخلاء المباني السكنية المحيطة بمركز المؤتمرات، حيث اجتمع زعماء العالم، لمنع حدوث هجوم منها، وتقرر إغلاق أكثر من 200 مصنع للصلب على مشارف المدينة، ضمن مساعي الحكومة للحد من التلوث خلال القمة.
كما وُضع المعارضون تحت الإقامة الجبرية لأجبرهم رجال الأمن على مغادرة المدينة.
وتركت أحياء كاملة مهجورة بعد أن تم الدفع بالعمال المهاجرين إلى خارج المدينة عندما صدر أمر بإغلاق المصانع ومواقع البناء التي يعملون فيها في محاولة لخفض التلوث.
قضى الصحفيون الأجانب أياماً وهم يسيرون في شوارع هانجتشو الخلفية الغريبة والفارغة -قلقين أن يكون رجال أمن الحزب الشيوعي يرصدون خطواتهم- في مهمة قليلة الحظ في الحصول على مقابلات.
وقال ليو وين تشاو، وكيل العقارات في هانجتشو، «الأمور الآن غير مريحة نوعاً ما ولكن يمكنك أن تفهم السبب»، مضيفا أن «زعماء أكبر 20 دولة في العالم سيحضرون هذه القمة ونحن بحاجة إلى أن نضمن الأمن للأجانب».
وقال وو يوهوا، صاحب متجر الأعمال اليدوية الذي يبلغ من العمر 43 عاما، إنه قرر مغادرة المدينة بعد أن توقف زبائنه، ومعظمهم من العمال المهاجرين، عن المجيء في الأيام السابقة لقمة العشرين، وقال: «لا توجد تجارة، ولكنك لا تزال مُطالبا بدفع الإيجار».
قالت لي يندينج، صاحبة متجر معكرونة، لصحيفة «نيويورك تايمز»، إن هناك أوامر صدرت لها بإغلاق المحل، «قالوا لنا إن هذا شيء يحدث مرة واحدة في العمر، وإذا حدث أي شيء أثناء وجود أوباما هنا، يمكن إقالة المسؤولين، ولذلك قالوا لنا: من فضلكم أغلقوا المحل».
لم يكن إجبار السكان على مغادرة المدينة هو الطريقة الوحيدة المستخدمة لضمان أن تسير قمة العشرين الأولى، التي تراها الصين فرصة لتعزيز سمعتها كقوة عظمى، بدون أي عوائق.
فقد توالت عمليات أمنية واسعة، وقامت القوات الخاصة المسلحة بحراسة مداخل المدينة وفرق قوات التدخل السريع بمراقبة التقاطعات في أنحاء المدينة.
كما تطوع ما يقرب من 760 ألف مواطن، ومعظمهم من كبار السن يرتدون شارات حمراء، وتم توظيفهم لمراقبة المدينة.
ومنع اثنان من المتطوعين مراسلي «رويترز» من التصوير بكاميرات الفيديو في مناطق سكنية، قائلين إن هذا غير مسموح.
يذكر أن المدينة تعد بقعة سياحية كبيرة كما أنها مقر «مجموعة علي بابا» التجارية العملاقة وتضم مصانع منسوجات ومصانع صلب.
