لندن – عمر شاكر
الذكرى بذكرتين
بريطانيا لها احتفالها الخاص بتضحيات جنودها وجنود دول الكومنولث في الحربين العالمتين والحروب الأخرى، ويكون ذلك كل ثاني يوم أحد من شهر نوفمبر الساعة الحادية عشرة.
ومن محاسن الصدف أن يتزامن مرور مئة عام على الحرب العالمية الأولى مع ما يسمى بيوم (أحد إحياء الذكرى).
خسائر لا تنسى
بريطانيا، كغيرها من الدول (فرنسا، روسيا، الولايات المتحدة) وبقية دول الحلفاء، معنية بهذه الحرب.
بحلول 1918 قبل مئة عام، تشير إحصائيات بريطانية إلى انضمام 6 ملايين شخص إلى الحيش البريطاني، وراح ضحية الحرب منهم 886,342.
ونصيب المدنيين البريطانيين من الخسائر 109,000 مدني، نعم أنها أرقام تحصى وتعد وتستذكر كل عام في نصب السينوتاف (The Cenotaph)، الذي شيد في 1920 كنصب تذكاري للضحايا الحرب.
دقت ساعة بيج بن معلنة انتهاء قرن على الحرب، وأقيمت دقيقتا صمت في أرجاء بريطانيا العظمى وإيرلندا الشمالية.
الحزن الرسمي
أعلى هرم البلاد، الملكة إليزابيث الثانية، التي تحكم المملكة المتحدة منذ 66 عاما، تلبس السواد، ومعها بقية أفراد العائلة الملكية.
في احتفال الذكرى المئة، طلت الملكة من نافذة لحضور المراسيم في وسط شارع الـ Whitehall، حيث النصب التذكاري لضحايا الحرب وعدد غفير من مقرات الحكومة.
بجانب كاميليا زوجة ابنها وريث العرش تشارلز، وعلى يسارها دوقة كامبريج كيت مدلتون، زوجة حفيد الملكة، الأمير وليام الثاني، في تسلسل الوصول إلى العرش.
ولمن يريد أن يعرف أين ميجان ماركل، زوجة الأمير هاري، (السادس على العرش)، فطلت هى أيضا من نافذة ثانية مجاورة.
رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، وزعيم حزب العمال المعارض جيريمي كوربن، إلى جانب بعض في تأبين ضحايا بلادهما.
اللافت في الحضور الرسمي وجود الرئيس الألماني فرانك-فالتر شتاينماير، للمرة الأولى في تاريخ الاحتفالات، وبل ويضع باقة الورد نيابة عن أمته الألمانية، في إشارة واضحة إلى مستوى التوافق الذي وصلت إليه بريطانيا وألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى والثانية.
يقول بعض الألمان، في تقارير صحفية، اطلعت عليها، إنه لم يعد ذنبهم، فالأجيال الحالية أجيال ولدت بعد الحرب، وانتهاء الحرب العالمية الثانية، كما يقول بعضهم، كانت بمثابة نقطة انطلاق لحاضر جديد، الأجيال الجديدة الآن تحارب جنبا إلى جنب مع الحلفاء في حلف النيتو مثلا.
الحزن الشعبي
خارج محيط الـ(VIP)، حضر العشرات من أقارب الضحايا والجنود، بعضهم حمل الميداليات، التي تلقاها أسفلافهم نتيجة بطولاتهم ومشاركاتهم في الحرب.
الوردة الحمراء الـ(Poppy)
باختصار هي تقليد اعتاد عليه الناس منذ 1921 لاستذكار ضحايا الحرب ولإظهار التقدير لهم.
يلبس الكثيرون على المستويين الرسمي والشعبي الوردة الحمراء لمدة تصل لأسابيع قبيل وبعيد تاريخ الـ11-11 من كل عام في بلدان كبريطانيا وكندا وأستراليا وجنوب أفريقيا وغيرها.
في بريطانيا تباع الوردة في الأماكن العامة ليذهب ريعها لصالح عائلات الجنود والضحايا والمحتاجين من الجنود القدامى.
الاتفاق الظاهر على رمزية الوردة لا يخفي حقيقة وجود جدل بشأنها أثير في عدة مرات، البعض يرى أن لها معاني سياسية، وهنا يكمن الجدل وعزف البعض عن لبسها.
الاتحاد الدولي لكرة القدم غرّم منتخبات إنجلترا وويلز وأسكنلندا وإيرلندا الشمالية بسبب لبس لاعبيهم الوردة عام 2016، لكن الفيفا تفكر الآن بتليين القيود على لبسها.
مستقبل إحياء الذكرى
تشعر من خلال مصادفة مرور مئة عام على انتهاء الحرب، أن كل عام هناك روح جديدة في إحياء الذكرى، البعض ربما يرى فيها ذكرى لبث السلام، والبعض الآخر يرى أنها فرصة كبيرة لإظهار الامتننان لمن ضحى بنفسه من أجل أن تعيش الأجيال الحالية.، لكن الحروب ما زالت مستمرة في بعض بقاع المعمورة، والبعض يشدد على أن إحياء الذكرى هو تذكير بقيمة المقاتلين.