في الوقت الذي تواصل فيه القوات الأمريكية انسحابها من أفغانستان، تستمر حركة طالبان بسرعة كبيرة في التمدد ميدانيا والسيطرة على مساحات واسعة في البلاد أمام هذا الواقع تبرز أمام الجارة إيران معضلةُ التعامل مع الأوضاع الجديدة في أفغانستان.
فإيران تجمعها بطالبان أيديولوجية سياسية تستند على رفض الوجود الأمريكي في المنطقة، ولكن تفرقُها عنها المرجعيةُ الدينية، حيث أن طالبان هي حركة سنية، بينما إيران وروافدُها داخل أفغانستان، ولاؤها للمرجعية الشيعية.
خيارات متاحة
خيارات ثلاث أمام طهران للتعامل مع طالبان إما أن تتعاون معها، أو تشن حربا ضدها بالوكالة، أو تتدخلَ بشكل مباشر.
أما عن الخيار الأول وهو التعاون مع حركة طالبان فإيران سبق أن لعبت دور الوسيط بين حكومة كابول وطالبان، وميدانيا يعتقد أن فيلق القدس له تاريخ من التعاون العسكري مع طالبان ضد قوات التحالف، كما لا يمكن تجاهل ضبط الكثير من الأسلحة الإيرانية بحوزة عناصر طالبان.
والخيار الثاني هو خوض حرب بالوكالة ضد طالبان من خلال لواء فاطميون الذي يتكون من عناصر شيعية في أفغانستان وسبق أن شارك في المعارك بسوريا كما أنه مزود بأسلحة ومعدات إيرانية ثقيلة.
وأما الثالث هو التدخل المباشر وقد تفكر فيه طهران بدافع حماية الأقلية الشيعية في أفغانستان، خاصة وقد سبق أن شنت طالبان هجوما على فيلق القدس عام 1998 والقنصلية الإيرانية بمزار شريف.
وهذا الاتجاه سيكون إما لحماية المجتمعات الشيعية في أفغانستان أو لتقديم الدعم السياسي لحكومة كابول الحالية أو لإجبار طالبان على حصد انتصار منقوص.
وما سبق تؤيده الحشود العسكرية الآخذة في الاصطفاف على الحدود حيث نشرت إيران دبابات القتال الرئيسية وأنظمةَ المراقبة ومقاتلات جويةً أخرى.
وتستهدف إيران أيضا من وراء التدخل العسكري تقوية شوكة التنظيمات المسلحة الموالية لها كي تصبح مستقبلا قوة عسكرية مجابهة لقوات الأمن الأفغانية على غرار قوات الحشد الشعبي في العراق.
إيران وطالبان
مرت علاقات إيران وطالبان بعدة مراحل ومحطات، حيث استضافت إيران محادثات طالبان وكابول، وتستهدف طهران حماية الأقلية الشيعية بأفغانستان.
وتشكل الأقلية الشيعية 29% من السكان في 3 محافظات، وتعرضت القنصلية الإيرانية لهجوم من طالبان عام 1998.
كما ساعد فيلق القدس طالبان في تنفيذ هجمات ضد قوات التحالف، وتمتلك حركة طالبان أسلحة إيرانية ثقيلة.
قلق إيراني
أكد مدير المركز العربي للدراسات الإيرانية من طهران د. محمد صالح صدقيان، أن طهران تشعر بقلق من الانسحاب الأمريكي السريع من أفغانستان.
وأوضح صدقيان، خلال تصريحات له مع برنامج الغد، أن إيران وصفت الانسحاب الأمريكي بـ “غير المسئول”.
وأضاف أن دول جوار أفغانستان كافة تشعر بالقلق من الفراغ الذي تركته القوات الأمريكية في أفغانستان.
وأوضح أن طهران كانت ترفض التواجد الأمريكي في أفغانستان وأعربت عن ذلك عدة مرات.
فرصة نفوذ
أكد الأستاذ في جامعة كابل د. بشير موحد، أن الحكومة الإيرانية أمامها فرصة لتعزيز نفوذها في أفغانستان بعد الانسحاب الأمريكي.
وأوضح أن أفغانستان أمام احتمالات كبيرة لاندلاع حروب أهلية حاضنة بعد الانسحاب الأمريكي.
وأضاف أن الحكومة الإيرانية تخشى من أي مخاطر تقع على سدود المياه في أفغانستان بسبب القتال.
الخليج وأفغانستان
من الرياض، الباحث في الشئون الاستراتيجية الدكتور فواز العنزي، أن الملف الأفغاني يشغل بال الأجندة الخليجية بسبب إيران.
وأوضح أن الانسحاب الأمريكي ترك فراغ أمني واسع في أفغانستان.
وأضاف أن دول الخليج وفي مقدمتها السعودية يرغبون في تحقيق السلام في أفغانستان باعتبارها دولة إسلامية.
