شراكة متنامية تشهدها العلاقة بين المملكة العربية السعودية والصين والممتدة لأكثر من 3 عقود.
وبحسب مراقبين، فإن ذلك التنامي ربما يثير قلق واشنطن بشأن مستقبل شراكتها مع حليف استراتيجي رئيسي في الشرق الأوسط.
الشريك الأكبر للسعودية
أصبحت الصين الآن الشريك التجاري الأكبر للسعودية، في ظل تعاون اقتصادي ومشروعات مشتركة تولد عشرات المليارات من الدولارات.
واستحوذت السعودية على 26.3 % من التجارة الخارجية للصين مع الدول العربية، والبالغة أكثر من 332 مليار دولار خلال عام 2021، إذ بلغ حجم التبادل التجاري بين بكين والرياض نحو 87.3 مليار دولار بزيادة قدرها ثلاثون في المائة عن عام 2020.
كما كانت السعودية أكبرَ مصدرٍ للنفط إلى الصين خلال 2021 إذ زادت حصةُ المملكة إلى 17% من إجمالي الواردات الصينية.
وتدلل أرقام وبيانات على عمق الشراكة الاقتصادية بين الدولتين، لكنها أثارت تساؤلا حول إمكانية أن تَحُلَ الصين محل الولايات المتحدة بالنسبة للسعودية.
ويرى متابعون أن تعميق التحالف بين الرياض وبكين، سيضعف قوة السعودية في الاستعانة بالدبلوماسيين الأمريكيين لتشكيل الشرق الأوسط الجديد.
في المقابل، هناك من يرى أن السعودية لن تستطيع – خلال المدى القصير على الأقل – الانفكاكَ الاستراتيجي عن أمريكا والتخلص َمن علاقة ممتدة لنحو ثمانين عاما. كما أن التهديدات الإيرانيةَ القائمة، ستدفع واشنطن إلى مضاعفة جهودها لتهدئة المخاوف السعودية بشأن منطقة بدون وجود أمريكي قوي.
وبين هذين الرأيين، يحذر آخرون من أن تركَ واشنطن للشراكةِ بين السعودية والولايات المتحدة تقع ضحيةً لطموحات الصين، سيكون بمثابة كارثةٍ استراتيجية على الإرث الأمريكي في المنطقة.
مضاعفة التبادل التجاري
بداية، قال الخبير في الشئون الاستراتيجية، الدكتور محمد صالح الحربي، إن العلاقات السعودية الصينية تشهد حالة من الازدهار وذلك بعد مضاعفة التبادل التجاري بين البلدين.
وأضاف الدكتور الحربي، لبرنامج “مدار الغد”، أن الصين تعتبر الشريك التجاري الأول بالنسبة للسعودية، تليها الهند واليابان ومن ثم الولايات المتحدة الأمريكية.
كما أوضح الحربي أن المملكة العربية السعودية هي الأسرع في العالم بمعدلات 7.6% بحسب تقديرات صندوق النقد الدولي، مشيرا إلى أن الرياض أضحت محور ارتكاز وتوازن مع دول العالم.
توافق في الرؤى
من جانبها، قالت الكاتبة الصحفية الصينية، سعاد ياي شين، إن هناك مصالح مشتركة بين الصين والسعودية في العديد من المجالات، مشيرة إلى أن هناك توافق في الرؤى بين البلدين في العديد من القضايا أيضا.
وأضافت شين، لبرنامج “مدار الغد”، أن السعودية لديها خطط طموحة وبحاجة إلى تطوير التكنولوجيا لتطبيق رؤية 2030، لافتة إلى أن هذا هو التطابق والتكامل الاقتصادي المرغوب من الجانبين.
وأوضحت شين أن الصين لا ترغب في الهيمنة على الشرق الأوسط، لكنها تعمل مع الشركاء.
النظرة الأمريكية
وقال الدبلوماسي الأمريكي السابق، السفير باتريك ثيروس، إن الولايات المتحدة والصين لديهم مشاكل في الوقت الحالي بسبب التنافس الاقتصادي والسياسي.
وأكد ثيروس أن الولايات المتحدة لا تنظر إلى توطيد الشراكة والتبادل التجاري بين السعودية والصين على أنه تهديد أو بديل لها، موضحا أن العلاقات بين واشنطن والرياض تعود لأكثر من 80 عامًا.
وأوضح ثيروس أن الولايات المتحدة تعتبر العلاقات السعودية الأمريكية مهمة لإحلال السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، مؤكدا أنه لا يوجد ما يشير إلى أن بكين ستحل مكان واشنطن في علاقتها مع السعودية.
