أصبح التساؤل الأكبر الحائر، الذي يفجر مخاوف طبقة النخبة السياسية، ويثير قلق المواطنين: لبنان إلى أين.. ومن يدفع الوطن إلى الهاوية؟! مع تمديد فترة التشاور حول تشكيل الحكومة وتأجيل الحسم «تشكيلا أو اعتذارا» من قبل رئيس الحكومة المكلف، د.مصطفى أديب.
لبنان لا يمتلك ترف «تضييع المزيد من الوقت»، بحسب اعتراف «مصطفى أديب» نفسه، وأن الأوضاع الضاغطة داخلياً وخارجياً، تتطلب الإسراع في إنجاز ملف تأليف الحكومة، ولكن لا أحد مستعدًا لتقديم التنازلات اللازمة لتجاوز العقد التي تؤخر الولادة الحكومية!
قد يكون الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ذهب بعيداً في تفاؤله بنجاح مبادرته «تشكيل حكومة مهمة من الاختصاصيين»، دون أن يأخذ بعين الاعتبار أن الوضع في لبنان هو أشبه بالرمال المتحركة، لا يستقر على وضع ثابت، وقادر على ابتلاع المبادرات وإفشال أصحابها، كما كان يحصل في معظم الأزمات المماثلة، بحسب صحيفة «اللواء» اللبنانية..
ولكن من يتحمل المسؤولية الوطنية في إفشال المبادرة الفرنسية، وتجميد كل المساعدات التي كانت منتظرة بعد تشكيل «حكومة مهمة»، وإطلاق قطار الإصلاح على السكة التي حددها المشروع الفرنسي، بدعم وتأييد الشركاء الغربيين؟
هل أصبح اعتذار «أديب» محتومًا؟
وهكذا ..بعد 16 يوماً من صدور مرسوم تكليف سفير لبنان في ألمانيا مصطفى أديب بتأليف «حكومة مهمة» من اختصاصيين توقف الانهيار المالي، وتعيد هيكلة مؤسسات النقد، وقطاع الخدمات العامة، كالكهرباء والمياه، وما شاكل.. بات واضحا، وفقا لمصادر سياسية متابعة للاتصالات الجارية لتشكيل الحكومة الجديدة، أكدت للصحيفة اللبنانية، أن عملية تشكيل الحكومة الجديدة انتهت إلى الفشل، وأصبح اعتذار رئيسها المكلف أديب عن مهمته محتوما ومسألة وقت فقط، بعدما وضع الثنائي الشيعي أمامه عقبة الاستئثار بحقيبة وزارة المال كشرط أساسي مسبق لتسهيل عملية التشكيل خلافا لكل التعهدات والوعود المغدقة منهما لتشكيل حكومة انقاذ من اختصاصيين معروفين استناداً للورقة الفرنسية التي تشكل اساس المبادرة الفرنسية.
وترى الدوائر السياسية والإعلامية في لبنان، أن حصيلة مشاورات واتصالات، نهار أمس الأول، انتهت الى ثلاثة معطيات بشأن تشكيل الحكومة: «لا اتفاق ولا تشكيل ولا اعتذار للرئيس المكلف مصطفى أديب»، مع منح مهلة جديدة لمواصلة المشاورات لكسر جدار التصلب وتدوير الزوايا الحادة.
فشل الرهان على فرصة «المبادرة الفرنسية»!
وقالت مصادر مطلعة لصحيفة «اللواء» إنه لا يمكن القول إن المهلة الإضافية المعطاة من أجل مشاورات تأليف الحكومة هي لتقطيع الوقت قبل إعلان إجهاض المبادرة الفرنسية.
ولفتت إلى أنه أمام الطريق المسدود حصل تدخل فرنسي من خلال اتصالات أجريت مع رئيس الحكومة المكلف طلب فيها منه عدم تقديمه الاعتذار.
ويبدو أن الرهان على الفرصة التي كان يمكن أن تُشكلها المبادرة الفرنسية تجاه لبنان، قد تبخرت، وأن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، قد غرق في الوحول اللبنانية، أو بالأحرى اندفع كثيراً إلى حد التسرّع بقياس قدرته على الفعل والتأثير، بحسب تحليل الباحثة اللبنانية، رلي موفق، وأن كل ما سيسعى إليه اليوم هو الخروج بأقل الخسائر الممكنة عبر تدوير الزوايا في مبادرته، تارة بالإشارة إلى أن باريس لا تتدخل في تفاصيل الأسماء والحقائب الوزارية، وطوراً بأنها لم تشترط المداورة وخروج حقيبة المالية من يد «الشيعة».
بينما يؤكد مرجع حكومي من ضمن نادي رؤساء الحكومة السابقين، أن ما طرحه ماكرون عليهم هو ترشيح شخصية غير سياسية لرئاسة الحكومة.
ويتولى الرئيس المكلف اختيار فريقه من الاختصاصين بعيداً عن تأثير القوى السياسية وتسمياتها تُوكل إليه مهمة تنفيذ خطة الإصلاح التي أضحت شرطاً أساسياً لتقديم مساعدات مالية واقتصادية خارجية لوقف الانهيار السريع للبنان.