تشهد الساحة اللبنانية «جدلا ومشاحنات» حول تدويل الأزمة اللبنانية، بحسب اقتراح البطريرك الماروني بشارة الراعي «تدويل الملف اللبناني»، من خلال عقد مؤتمر دولي خاص برعاية الأمم المتحدة.
لبنان المنهار أمام مؤتمر دولي
البطريرك الراعي، سبق وأن أعلن موقف «بكركي» -مقر نفوذ البطريركية المارونية- عبر رسائله ومناشداته للرئيس ميشال عون، ورئس الحكومة المكلف، سغد الحريري، ولم تجد «صرخاته المتعددة» في حل الأزمة اللبنانية والدفع باتجاه تشكيل الحكومة الجديدة.
وأمام حالة الانسداد السياسي قال الراعي: «إن وضع لبنان المنهار يستوجب أن تطرح قضيته في مؤتمر دولي خاص برعاية الأمم المتحدة، يثبت لبنان في أطره الدستورية الحديثة التي ترتكز على وحدة الكيان ونظام الحياد، وتعالج حالة غياب سلطة دستورية واضحة تحسم النزاعات، وتسد الثغرات الدستورية والإجرائية، تأميناً لاستقرار النظام، وتلافياً لتعطيل آلة الحكم عدة أشهر عند كل استحقاق لانتخاب رئيس للجمهورية ولتشكيل حكومة»
رفض وجدل حول التدويل
«تدوبل» الأزمة اللبنانية، أثار جدلا واسعا بين الرفض والقبول، ولم تبد الأطراف السياسية قبولا باقتراح التدويل، وتحرك «التيار الوطني الحر» على خط بكركي غداة طرح البطريرك الماروني بشارة الراعي «تدويل القضية اللبنانية»، إذ زار وفد من «التيار» البطريرك الراعي، وهي زيارة «لم تكن مقررة مسبقاً»، بل جاءت في ضوء الموقف الجديد للراعي، حسب ما يؤكده مصدر نيابي في «التيار» موضحا ، ان هدف الزيارة هو الاطلاع على وجهة نظر الراعي من قرب في موضوع تشكيل الحكومة، وحديثه عن مؤتمر دولي خاص بلبنان برعاية الأمم المتحدة، ووضعه في أجواء موقف «التيار» من الموضوعين.
وتشير الدوائر السياسية في بيروت، إلى عدم قبول حزب الرئيس عون «التيار الوطني الحر» بتدويل الأزمة..وبحسب تلك الدوائر، فإن لدى رئيس الجمهورية ميشال عون خطة عمل جديدة سيبلغها للمبعوث الفرنسي باتريك دوريل الذي يصل نهاية الاسبوع.
فرنسا لا تريد التدويل؟
وتؤكد مصادر سياسية لصحيفة الديار اللبنانية، عدم وجود حماسة فرنسية للتجاوب مع طرح البطريرك الماروني بشارة الراعي «تدويل الملف اللبناني»، وأن وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان ابلغ شخصيات مقربة من بكركي ان باريس لا تشجع على المضي بهذا الطرح ولا نية لها بدعمه لان ظروفه غير ناضجة وسيؤدي الى زيادة التعقيدات على الساحة اللبنانية بدل حلحلة الأمور، وتفضل الادارة الفرنسية في هذه الآونة تعزيز الاتصالات مع واشنطن على نحو ثنائي في محاولة لاحداث اختراق في الجدار، تحت «سقف» المبادرة الفرنسية.
لا رغبة بخسارة «الورقة اللبنانية»
ووفق معلومات الصحيفة اللبنانية، لا ترغب فرنسا بخسارة «الورقة» اللبنانية من خلال ادخال شركاء على «الطاولة» وتسعى لحشد الدعم الاقليمي والدولي لمبادرتها، فالتدويل في ظل المرحلة الانتقالية التي تمر بها المنطقة محفوف بالمخاطر، ولا تحتاج فرنسا الى اختبار جديد لقدرة تاثيرها في ملف تعتقد انها نجحت في التقاطه بعدما احجم الجميع عن التدخل فيه.
وفي هذا السياق، يتجه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى مزيد من الواقعية في مقاربته للملف الحكومي، وثمة اتجاه تبلور في باريس لتذليل العقبات من امام تشكيل الحكومة، بسقوف أدنى من السقوف السابقة الموضوعة لشروط تأليفها.
وترى مصادر سياسية لبنانية، اذا ما توصلت الادارة الفرنسية الى صيغة نهائية يجري العمل عليها لكسر الجمود القائم، سيمنح الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة، سعد الحريري، موعدا لنقاشها في باريس، يعود بعدها الى بيروت حيث يفترض ان يلتقي رئيس الجمهورية ميشال عون الذي سبق وابلغ الفرنسيين انه لن يقف حجر عثرة أمام تشكيل الحريري للحكومة.
الحريري لن يشكل حكومة «كيف ما كان»
وينتظر سعد الحريري نجاح الضغوط الفرنسية على رئيس الجمهورية ميشال عون لدفعه نحو القبول بشروطه الحكومية، بحسب المحلل السياسي اللبناني إبراهيم ناصر الدين، ولا يزال على موقفه بعدم تقديم تنازلات، ولن يشكل حكومة «كيف ماكان» كما تشير أوساطه التي ترى أن قصر بعبدا الرئاسي، يعيش اليوم تحت ضغوط كبيرة، داخليا وخارجيا.
وفيما ينتظر الحريري موعدا من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون قبل خطابه المرتقب في 14 فبراير/ شباط الجاري، في ذكرى استشهاد والده، تلقى جرعة دعم جديدة من رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وهذه المرة عبر بيان لحركة امل فيه الكثير من المواقف الاتهامية للرئيس عون بعرقلة تأشكيل الحكومة.
لا جديد يحرك حالة «الاستعصاء الحكومي»
والخلاصة، بحسب مصادر مطلعة، انه لا شيء جدي وملموس يمكن الحديث عنه لتحريك حالة الاستعصاء الحكومي..كما أن توعد الحريري بخطاب مصارحة في ذكرى اغتيال والده لن يساهم في حلحلة العقد، بل سيزيد الأمور تعقيدا، ووفقا لمصادر معنية بالاتصالات، بحسب معلومات ناصر الدين، فإن حصار بعبدا لن ينجح في دفع الرئيس ميشال عون الى تقديم تنازلات بات يعتبرها مصيرية لمستقبل حزبه السياسي، وكذلك مستقبل النائب جبران باسيل، ومجرد الرهان على اضعاف موقفه هو مضيعة للوقت، والمطلوب من الحريري مقاربة جديدة قبل فوات الاوان.
ولا يزال لبنان «رهينة» في قبضة المشاحنات والمزايدات والتجاذبات السياسية والطائفية والمذهبية .. بينما الشعب اللبناني يواجه أسوا «أزمة معيشية» في تاريخه، بحسب الدوائر السياسية في بيروت.
