شهران بالتمام والكمال على اندلاع شرارة «ثورة الأرز»، أو حركة 17 أكتوبر/ تشرين الأوّل الاحتجاجية في وجه الفساد والطبقة السياسية.. وبعد شهرين على الانتفاضة الشعبية الاحتجاجية غير المسبوقة، وأكثر من شهر وأسبوعين على استقالة رئيس الحكومة، سعد الحريري، بات الوضع في لبنان، على أبواب الإنهيار مع التحذير من الانفجار الكبير، وما وصفته الدوائر السياسية في بيروت بـ «ثورة الجياع»..لكن منطق التعطيل هو الغالب !! والأزمة الحكومية في دائرة تبدو مغلقة ـ بحسب تعبير المحلل السياسي اللبناني، أحمد الزعبي ـ بين من يريد سعد الحريري على رأس الحكومة الجديدة شرط أن تتمثل فيها القوى السياسية جميعاً، ومن لا يريد المشاركة بحكومة يرأسها الحريري ويتمسك بحكومة اختصاص رئيساً ووزراء، وبين من يشترط حكومة اخصاص ليرأسها، وفي النتيجة البلد ينهار والسيناريوات السوداء تملاء فضاء النقاش الذي لا يماثل تحديات المرحلة.
ولادة الحكومة من الخاصرة
ولادة الحكومة من الخاصرة، كما يقول اللبنانيون، بدت فصولها من الاتصالات والاستشارات القائمة، ثم إعلان الرئيس ميشال عون عن موعد نهائي للاستشارات النيابية الملزمة لطرح اسم من سيتم تكليفه بتشكيل الحكومة، اليوم الإثنين، بعد تلك التي ألغيت الأسبوع الماضي في أعقاب اعتذار سمير الخطيب، وبعد 48 يوماً على استقالة حكومة الحريري، و61 يوماً على الانتفاضة الشعبية التي دخلت شهرها الثالث..ثم وفي اللحظات الأخيرة تم تأجيل الموعد إلى نهاية الأسبوع الجاري، يوم الخميس .. فلماذا تم التأجيل ولبنان لا يتحمل الانتظار أو التأخير، في معالجة الأوضاع المهترأة والأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تهدد بانفجار الوضع الأمني ؟!
تساؤلات تبحث عن إجابة
كان من المفترض أن تجري اليوم الاستشارات النيابية وسط سؤال رئيس وضروري في حال تمت تسمية سعد الحريري (كما بات محسوماً) أو من يختاره؛ هل سيقبل الشارع اللبناني «المحتج بحرارة عالية» بذلك، وهل ستلبي الحكومة الجديدة مطالب الناس في الساحات، وهل ستتمكن الحكومة من منع الانهيار الذي تبشّر به التقارير المرعبة التي تتحدث عن المؤشرات السلبية للوضع المالي للبنان، واحتمالات دخوله مجبراً تحت وصاية البنك الدولي وصندوق النقد وما يعنيه كل ذلك من تبعات وتداعيات؟
بسبب غياب الغطاء المسيحي ..الحريري طلب التأجيل
وقبل الاجابة على أية نساؤلات جاء تأجيل الاستشارات النيابية.. وتؤكد المعلومات أن سعد الحريري طلب و«تمنى» من رئيس الجمهورية، في اللحظات الأخيرة، تأجيل الاستشارات النيابية لمزيد من التشاور في موضوع تشكيل الحكومة، وقد تجاوب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع تمنّي رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحرير، تأجيل الاستشارات النيابية الملزمة.. وتقول مصادر قتاة « « OTV اللبنانية،التابعة للتيار الوطني الحر والرئيس اللبناني ميشال عون، إنّ احتساب اصوات التكليف لرئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري أظهرت غياب اي غطاء مسيحي من الكتل النيابية الاساسية، مشيرةً إلى أنّ الحريري تمنى على رئيس الجمهورية ارجاء الاستشارات النيابية أسبوعا اضافيا، لكن رئيس الجمهورية اعطى مهلة 3 أيام فقط.
الساعات الـ72 المقبلة حاسمة
واتصال سعد الحريري بالرئيس ميشال عون، سبقه اتصال مع رئيس مجلس النواب، نبيه بري مساء أمس، بعيداً عن الإعلام، وبعدها زار الحريري قصر بعبدا، واجتمع مع الرئيس عون، بعدما اجتمع مع نبيه برّي في عين التينة..واوضحت مصادر بيت الوسط ـ مقر إقامة سعد الحريري رئيس حكومة تصريف الأعمال، أن رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري يرفض ان يُكلّف خارج الميثاقية (التوافق الوطني حسب الميثاق)، والساعات الـ72 المقبلة حاسمة، وفي حال بقيت الكتل المسيحية على مواقفها بعدم تسمية الحريري فالأخير سيعود الى قراره السابق «فتشوا عن غيري».
- لم تستبعد مصادر سياسية مطلعة أن تكون زيارة مساعد وزير الخارجية الأمريكية للشؤون السياسية، دايفيد هيل لبيروت، من بين الأسباب التي أملت تأجيل الإستشارات النيابية الملزمة إلى يوم الخميس المقبل، في إنتظار معرفة ما يحمله من ملفات.
الأزمة تكبر.. والمخاوف تتعاظم
بات واضحا أن الأزمة تكبر، وفرص الانقاذ تضيق، والمخاوف تتعاظم..وهكذا ..ترخي الأزمة بثقلها على الواقع اللبناني، فمن غير المعقول أو المقبول بأن يطلب أولياء الأمر من الناس التعقل في حين ينسل الجوع إلى عمق بيوتهم، بحسب تعبير المحلل السياسي اللبناني ، مصباح العلي، حيث بات معظم أسر الشعب اللبناني «عائلات مستورة» تقتات مما تيسر لها بخفر وقلق على المصير، كما أنه من غير الجائز أن تتعامل الطبقة الحاكمة مع الأزمة بالحرص على مكتسابتها في السلطة فقط من دون أن تعير للوضع المأسوي لغالبية المواطنين اللبنانيين.
الطبقة السياسية تتمسك بحبال الهواء
أخطر ما في مشاهد انتفاضة الشعب اللبناني، وهي تنهي شهرها الثاني أن الطبقة السياسية، التي تعبّر عن طوائف، متباعدة في الهوية، والخيارات والثقافة، والموقع الإنتاجي، هي على دراية بعجزها عن إنتاج تسوية جديدة، أو ترميم التسوية المترنحة، تحت وطأة الأحداث الدارماتيكية الجارية على مستويات الشارع، والمؤسسات والاقتصاد، والقضاء، والنقد والرواتب وصولاً إلى الصحة والدواء، والفواتير والضرائب، بحسب تقرير صحيفة اللواء اللبنانية، وعليه، تتمسك بحبال الهواء، وفي عمّق تفكيرها النأي عن الملاحقة، والمحاسبة، عندما تحين الفرصة لذلك!!
