كشف الخبير الاقتصادي اللبناني، ذو الفقار قبيسي، عن هبوط مستوى دخل المواطن اللبناني بما يقترب من معدلات بلدان مثل بنغلادش، وأقل من سريلانكا والفلبين.. موضحا انخفاض حجم الناتج الإجمالي السنوي في لبنان من ٣٥ مليار دولار عام ٢٠٠٩ الى ١٨ مليار دولار عام ٢٠٢٠ – حسب تقديرات صندوق النقد الدولي – وانخفض متوسط الدخل الفردي السنوي في لبنان من ٩٠٠٠ الى ٣٠٠٠ دولار بين ٢٠٠٩ و ٢٠٢١.
كيف حصل ما حصل وهبطت كل المؤشرات الاقتصادية والنقدية والمالية في لبنان خلال فترة ٢٠ عاما منذ انعقاد مؤتمر باريس١ العام ٢٠٠١ مرورا بمؤتمر باريس٢ العام ٢٠٠٢ وصولا الى هذا العام ٢٠٢١؟
وأضاف الخبير الاقتصادي: قبل نشوب الحرب في سوريا بسنتين فقط تدفق حوالي ٢٤ مليار دولار هاربة من تداعيات الأزمة المالية العالمية الكبرى ٢٠٠٨ – ٢٠٠٩ الى لبنان، إضافة الى معدلات مرتفعة بالعملات الأجنبية من التحويلات الاغترابية والموارد السياحية والتصديرية، أضاع أهل الحكم الجزء الأكبر منها، ما أوصل لبنان الى هاوية «جهنمية» باعتراف من رئيس جمهورية ورؤساء طبقة سياسية.
كانت الصورة مختلفة تماما قبل ٢٠ عاما في مؤتمرات باريس الثلاثة لا سيما باريس٢ الذي ضمّ الى رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، رؤساء وزراء أوروبيون، ورؤساء اللجنة الأوروبية والبنك الدولي والبنك الأوروبي للاستثمار والصناديق الائتمانية العربية وممثلو اليابان وكندا وماليزيا والسعودية والبحرين… تعهدوا (حتى قبل أن ينفذ لبنان شروط المؤتمر) أن يقدموا للبنان أكثر من ٣ مليارات دولار بفائدة متدنية (٥%) لمدة ١٥ عاما (و٥ سنوات فترات سماح) إضافة الى أكثر من 1,3 مليار دولار من البنك الدولي للاستثمار والصناديق العربية تستخدم لمشاريع إنمائية في لبنان.
وكانت صورة الاقتصاد اللبناني يومها والثقة بلبنان غير ما هي عليه اليوم.
فعلى مدى ٧ سنوات منذ انعقاد مؤتمر باريس٢ في ٢٠٠٢ ولغاية ٢٠٠٩ سجل الاقتصاد اللبناني أعلى المؤشرات بدءا من:
١- نمو الناتج المحلي الإجمالي من ٣% إلى ٩% من ٢٠ الى ٣٥ مليار دولار.
٢- ارتفاع متوسط الدخل السنوي للفرد في لبنان من ٥ آلاف إلى ٩ آلاف دولار.
٣- ارتفاع الودائع في المصارف من ٤٣ مليار إلى ٩٦ مليار دولار.
٤- ارتفاع التسليفات المصرفية للقطاع الخاص من ١٥ مليار إلى ٢٤ مليار دولار.
٥- ارتفاع رأسمال القطاع المصرفي من ٣ مليار إلى ٩ مليار دولار.
٦- ارتفاع قيمة موجودات المصارف من ٥٢ مليار إلى ١١٥ مليار دولار.
٧- ارتفاع احتياطي مصرف لبنان من ٧ مليار إلى ٢٨ مليار دولار.
٨- ارتفاع الصادرات من ١ مليار إلى ٤ مليار دولار.
٩- ارتفاع الاستثمارات المباشرة من 1 مليار إلى ٥ مليار دولار.
١٠- ارتفاع فائض ميزان المدفوعات من ١٦٠٠ مليار إلى ٨ مليار دولار.
في حين بلغ نمو الناتج الإجمالي في لبنان خلال تلك الفترة (٩%) المعدل الأعلى بين مختلف البلدان العربية: قطر 8,6% – المغرب 4,9% – مصر 4,7% – العراق 4,2% – سوريا ٤% – تونس ٤% – اليمن ٣% – الجزائر 2,4% – الأردن 2,3% – السعودية 0,6% – الإمارات 2,5% – الكويت ٤،٨-% (إحصاءات صندوق النقد الدولي).
واليوم يخاطب صندوق النقد الدولي لبنان بخطاب فوقي رافضا أي مفاوضات من أي نوع وعلى أي مستوى إلا بعد إنجاز مسلسل معقّد الحلقات من إصلاحات اقتصادية ونقدية ومصرفية ومالية وإدارية
وقال الخبير المالي «قبيسي»: إنّ الحكم على أي حكم في أي بلد يكون بمقياس قدرته على مواجهة الصعوبات والملمّات. وإذا كان من غير المتوقع من هكذا نظام في لبنان أن يحقق ما هو مطلوب، فليرتدع على الأقل عن ما هو موجود ومرصود، مما ارتكب ويرتكب على يده ومما فاق كل تصوّر وتخيّل، وأضاع على لبنان واللبنانيين كل الفرص وعلى مدى عشرات السنين.